رغم توقف أعمالهم.. منظمة تركية تقطع مساعداتها عن اللاجئين السوريين

اسطنبول ـ نورث برس

 

تفاجأت العديد من الأسر السورية اللاجئة في تركيا، مؤخراً، بإيقاف السلطات التركية "كرت الهلال الأحمر" الذي كان يعينهم على قضاء حوائجهم وفي دفع إيجار منازلهم، من دون معرفة الأسباب التي تقف وراء ذلك، الأمر الذي زاد من حجم معاناتها خاصة في ظل أزمة "كورونا" وغياب أي جهة داعمة تمد لهم يد العون.

 

وتعددت آراء اللاجئين السوريين الذين التقت بهم "نورث برس" في تركيا حول السبب الرئيس وراء إقدام السلطات التركية على تلك الخطوة التي شكلت صدمة لدى الكثير منهم.

 

رسالة مفاجئة

 

وقال اللاجئ السوري "أبو عمار النبهان"، وهو أب لثلاثة أولاد تحت سن الـ (18 عاما) ينحدر من ريف حماة ومقيم بمدينة غازي عنتاب، "أحمل كرت الهلال الأحمر منذ سنتين تقريباً، ومنذ يومين تفاجأت بوصول رسالة تخبرني أنه تم توقيف الكرت من دون توضيح الأسباب".

 

وأضاف "حاولت الاتصال على الرقم الخاص بالهلال الأحمر لأفهم ما جرى، لكن كانت الردود بأنه يجب أن أراجع دائرة الهجرة في الولاية التي أقيم فيها لأن إيقاف قيود البطاقات الشخصية أو (الكملك) الخاصة بأطفالي هو السبب بتوقف كرت الهلال".

 

وتابع "النبهان"، " أخبرت جماعة الهلال بأنه ما ذنبي أنا في حال أوقفت دائرة الهجرة قيود أطفالي، وبالتالي في هذه الظروف ليس بإمكاني مراجعة دائرة الهجرة بسبب توقفها عن استقبال المراجعين، فكان ردهم بأنه لا ذنب لهم أيضاً وأنهم لا يستطيعون مساعدتي بشيء، قالوا عليك مراجعة دائرة الهجرة فقط".

 

وأوضح النبهان أنه  قام منذ ثمانية أشهر بتحديث بيانات زوجته وأطفاله، "كوني انتقلت من مسكن إلى آخر وأموري كلها نظامية، ولا أدري لماذا حصل معي هذا الآن، خاصة في ظل أزمة كورونا وتوقف عملي في مصلحة الدهان والديكور، الآن أصبح أولادي من دون قيود وهذا هو المضحك المبكي، والمزعج أيضاً أن التوقف بهذه الفترة مؤلم جداً، خاصة وأننا مقبلون على شهر رمضان والناس كلهم باتوا بلا معيل، وبالتالي فإن كرت الهلال كان يعيننا نوعا ما في تحمل مصاريف الحياة اليومية".

 

شروط الكرت

 

وتبلغ قيمة الكرت المقدم من "منظمة الهلال الأحمر التركي" لكل فرد من أفراد العائلة الواحدة /120/ ليرة تركية، بشرط ألا يتجاوز عمر الأطفال في العائلة الواحدة (18 عاماً).

 

وأشارت المنظمة حسب معرفاتها الرسمية إلى الأسباب التي تتوقف المساعدات بسببها ومن أهمها:

 

-أن تصبح الأسرة غير مستوفية لمعايير البرنامج، ففي حال حدوث تغيير في بنية الأسرة أي إذا تجاوز عمر أحد الاطفال من أفراد الأسرة والمسجلين في برنامج المساعدة (18 عاماً).

 

– في حال حدوث تغيير في سجل العائلة الوظيفي أي التسجيل في الضمان الاجتماعي أو امتلاكهم لأصول ذات قيمة عالية.

 

– في حال حصول المستفيد من دعم كرت الهلال الأحمر على الجنسية التركية.

 

– في حال تغيير عنوان المسجل أو انتقاله إلى منطقة أو ولاية أخرى.

 

 

إيقاف الكرت

 

ولا يختلف الحال بالنسبة لـ"سعيد محمد"، وهو لاجئ سوري ينحدر من منطقة إدلب السورية، والذي تحدث أيضاً عن تجربته مع إيقاف "كرت الهلال" الذي كان يعينه على متطلبات الحياة اليومية.

 

وقال "محمد": " كرتي توقف من دون أي سبب علماً أنني حدثت بياناتي بعد انتقالي إلى سكني الجديد في مدينة الريحانية بإقليم هاتاي، وبقي الكرت فعالاً إلى أن قمت بتحديث البيانات في العدلية للحصول على العنوان الجديد لحاجتي لإذن السفر، وبعد شهرين من تاريخ التحديث وصلتني رسالة مفادها أنه تم توقيف الكرت وإن كنت تعتقد أنك مستحق للمساعدة بادر بمراجعة مكتب الهلال الأحمر".

 

وأضاف أنه توجه بالفعل إلى المكتب ليخبره الموظف هناك بأن عليه فقط إثبات عنوانه الجديد، وبعد شهر سيأتيه الرد، "لكن مع الأسف جاء الرد بأنني غير مستحق للمساعدة".

 

وعن حجم الضرر الحاصل له ولأسرته جراء توقف كرت المساعدات التركية، يقول محمد "نعيش أنا وزوجتي وأربعة أبناء، كانوا يقدمون لنا مبلغاً شهرياً وقدره /720/  ليرة تركية، إضافة إلى مساعدة الطلاب التي أعادوها بعد مرور ستة أشهر من القطع".

 

وأضاف، أيضاً، إن المبلغ الأساسي تم إيقافه، "فراجعتهم مرة ثانية قالوا ربما لأن ابنك قد تجاوز عمره (18 عاماً)، لكني سألتهم ألا يستحق المتبقون حصصهم؟ فكان الرد أنه سنعيد دراسة ملفك، وهذا الكلام قبل أربعة أشهر من الآن، لكنهم لم يغيروا شيئاً".

 

وشد "محمد" على أن "كرت الهلال مهم جداً ليس لي فحسب، إنما هنالك عوائل مهددة بإخراجها من المنازل إن لم تدفع الايجار".

 

وأشار إلى أن "نسبة المتضررين من توقف الكرت بين السوريين في منطقة الريحانية تصل إلى /15/ % تقريباً، في حين أن طريقة التقييم لا تخضع لأي معايير ودليل ذلك أنهم لم يصلوا لبيتي بل أرسلوا لي عدم الاستحقاق وعدم قبول إعادة تفعيل الكرت لي".

 

العمالة السورية

 

ومع دخول أزمة كورونا شهرها الثاني في تركيا، إلا أن أكثر المتضررين من القيود المفروضة بسببها هم اللاجئون السوريون، وخاصة العمال الذين يعتمدون في قوت يومهم على توفر العمل، فإن عجلة الحياة تتوقف بالنسبة لهم في حال توقف العمل، ليكون توقف "كرت الهلال" كجزء بسيط من المساعدة سبباً رئيساً في ازدياد معاناتهم.

 

وقال اللاجئ السوري "أبو منير الشيخ"، وهو معيل لزوجة وثلاثة أطفال وينحدر من ريف اللاذقية ويقيم في غازي عنتاب، "فقر ومرض ولا توجد أوضاع معيشية جيدة، هذا هو حالي اليوم وسط  توقف عملي في ورشة الدهان، إضافة لتوقف كرت المساعدات عني".

 

وأشار إلى أن السبب وراء قطع "كرت الهلال التركي"، يكمن في "أنني انتقلت من منزلي إلى منزل آخر وتفاجأت بوصول رسالة تخبرني أنني لم أعد مستفيداً من هذا الكرت وتم إبطاله، ولا أعلم لمَ حصل ذلك، كل ما أفكر به الآن كيف سأدفع إيجار المنزل في نهاية هذا الشهر؟ وهل سأبات أنا وعائلتي بالشارع في حال لم أدفع؟".

 

والعمل جارٍ

 

ونقلت مصادر من المتضررين أنفسهم، لـ "نورث برس"، عن أحد الأتراك المهتمين بأوضاع اللاجئين السوريين (دون ذكر أي تفاصيل عن هويته) قوله، إن "العمل جار بالتنسيق مع اللجنة السورية التركية المشتركة (وهي لجنة تضم أعضاء من الائتلاف الوطني السوري وممثلين عن دائرة الهجرة التركية)، لمتابعة الأمر مع منظمة الهلال الأحمر التركي، على أن تثمر تلك الجهود عن عودة المعونات لمستحقيها".

 

في حين أعرب كثيرون عن "ضعف أملهم من الوصول إلى نتيجة معتبرين أنه (ما في حدى لحدى)".

 

رفض الطلب

 

وقال "عبد الحكيم الأفندي"، وهو لاجئ سوري آخر من مدينة إدلب وهو معيل لزوجة وطفلين وانتقل من مدينة أورفا ليعيش في مدينة خلفتي التركية، إنه " كرت المعونة توقف منذ ثلاثة أشهر من منظمة الهلال الأحمر التركي عن أسرتي، وذلك حينما علموا أنني انتقلت من مكان سكني الأصلي إلى مكان آخر، ولكن حتى بعد أن سويت أموري القانونية فيما يتعلق بتثبيت السكن وعدت وسجلت من جديد، جاء الرد بالرفض".

 

وأضاف "الأفندي" أنا "اليوم جالس من دون عمل بعد أن كنت أعمل في ورشة للحدادة بعمل بسيط أسعى فيه لكسب قوت يومي، وكان كرت المساعدات يسد جزءاً كبيراً من تكاليف الحياة اليومية، لكن اليوم انقطع هذا المورد الهام عني وعن أسرتي".

 

ومع رفع السلطات التركية لشعارات من قبيل "خليك بالبيت" و"الحياة في المنزل"، و"التزم الحجر الصحي المنزلي" وغيرها، يتساءل اللاجئون السوريون عن الجهة التي ستمد لهم يد العون طالما أن أبسط معونة قد تم قطعها عنهم من دون أي محاولة للنظر بعين العطف بأوضاعهم في ظل جائحة "كورونا" التي تعتبر آثارها الاقتصادية أكبر من آثارها الصحية بالنسبة لشريحة كبيرة من اللاجئين السوريين الذين لا معيل أو معين لهم سوى أعمالهم التي توقفت بسبب الأزمة.