البيوت البلاستيكية في تل تمر.. "تجربة ناجحة" تغطي حاجة سوق البلدة من الخضار

الحسكة – دلسوز يوسف – نورث برس

 

حقق مشروع لزراعة الخضروات ضمن البيوت البلاستيكية، تدعمه لجنة الزراعة في الإدارة الذاتية ببلدة تل تمر، شمال مدينة الحسكة، نجاحاً في العام الأول من انطلاقه، ويعتبره القائمون عليه خطوة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي للناتج المحلي من الخضار.

 

ورغم المساحة القليلة التي بني عليها المشروع والتي تقدر بنحو /5/ دونمات، تحوي تسعة بيوت بلاستيكية، إلا أن القائمين عليه يؤكدون بأنهم تمكنوا كتجربة أولية من تغطية حاجة أسواق بلدة تل تمر من ثلاثة أصناف أنتجها المشروع (الخيار، والبندورة والكوسا)، إلى جانب بيع الفائض في أسواق مدينة الحسكة.

 

"تجربة ناجحة"

 

وقال مدير المشروع الذي اكتفى بالتعريف عن اسمه بـ"أبو شاهين" (55 عاماً)، وهو أحد مزارعي الخضروات من منطقة عفرين، إن "الهدف من إقامة مشاريع صغيرة لزراعة الخضروات في ريف الحسكة، هو تلبية احتياجات الأسواق المحلية نتيجة ارتفاع أسعار الخضروات خلال فصل الشتاء وعدم توفرها بالقدر الكافي".

 

وأضاف: "كتجربة أولية، حقق المشروع إنتاجاً جيداً وبنوعية ممتازة، كما أن الغايات الأخرى من المشروع وهي توفير فرص العمل للأيدي العاملة والتأثير على الأسعار داخل الأسواق، وتطوير المشاريع وتوسيعها تحققت بنسبة جيدة".

 

وأشار مدير المشروع إلى أن "العام الفائت شهد تجاوز سعر كيلو الخيار حاجز الألف ليرة في تل تمر، وكان السبب الأساسي لذلك هو عدم توفرها بالشكل المطلوب، بينما يباع حالياً بـ /600/ ليرة، ونسعى لأن يصل العام القادم إلى نصف القيمة الحالية".

 

وتشتهر منطقة الجزيرة، شمال شرقي سوريا، بزراعة الحبوب (القمح والشعير)، بالإضافة لزراعة الخضروات الصيفية، إلا أن زراعة الخضروات ضمن البيوت البلاستيكية شهدت تقدماً ملحوظاً في المنطقة خلال السنوات الأخيرة بعد أن كانت مهمشة، لكنها اقتصرت على المشاريع الصغيرة دون تحقيق تغيير نوعي في الأسواق، ويؤدي ارتفاع أجور النقل والأيدي العاملة المتأثرة بدورها بارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي إلى ارتفاع أسعار الخضروات المستوردة ارتفاعاً كبيراً.

 

"من المعلوم أن الجزيرة هي منطقة زراعية ويتم التركيز فيها على زراعة الحبوب، ولكن إدخال فكرة زراعة مشاريع صغيرة للخضروات لاقت إقبالاً كبيراً من قبل الأهالي، خاصة بعد غلاء أسعارها في الأسواق".

 

إنتاج جيد وأسعار منافسة

 

وقال حجي إسماعيل عطونو (53 عاماً)، وهو أيضاً من مهجري منطقة عفرين وخبير زراعي في مجال البيوت البلاستيكية، إنهم تكبدوا العام الفائت خسائر في بداية المشروع عقب هجمات الجيش التركي على المنطقة، "لكن مع البداية الجديدة هذا العام حققنا انتاجاً جيداً من المزروعات يقدر بنصف طن كل ثلاثة أيام".

 

وكان مشرفو المشروع قد بدؤوا بزراعة الخضروات الشتوية في أيلول/ سبتمبر من العام الفائت، إلا أن هجمات الجيش التركي والفصائل المعارضة المسلحة على مدينة سري كانيه/ رأس العين ووصولها إلى مشارف بلدة تل تمر، تسببت بتلف المشروع لعدم القدرة على الوصول إليه والاعتناء به بالشكل المطلوب، فقام العمال بزراعته من جديد مطلع العام الحالي.

 

وتابع عطونو، الذي عمل سابقاً لمدة 15 عاماً في مجال البيوت البلاستيكية في الساحل السوري، ويشارك حالياً في الإشراف على المشروع الذي يعمل فيه أيضاً أربعة عمال من سكان بلدة تل تمر، "الناتج الذي نجنيه يغطي حاجة أسواق تل تمر، ونقوم بطرح قسم من المنتوجات في أسواق البلدة والقسم الآخر في سوق الهال بمدينة الحسكة".

 

ويتم جني المحصول كل ثلاثة أيام، وقد وصلت ثلاثة أطنان من إنتاج المشروع إلى الأسواق حتى الآن، كما أن عملية القطاف ستستمر لمدة ستة أشهر، بحسب المشرفين على المشروع.

 

وقال محمود محمد (32 عاماً)، وهو بائع خضروات في حي الحمرة ببلدة تل تمر، إنه يقوم بجلب الخضروات من البيوت البلاستيكية منذ قرابة أسبوعين بسبب جودتها وإقبال الزبائن على شرائها، إلى جانب "الفارق البسيط في السعر مقارنة مع الخضروات التي نجلبها من سوق الهال في الحسكة، حيث نقوم بشراء كيلو الخيار من الحسكة ب/700/ ليرة بينما يباع هنا بـ/600/ ليرة وبدون أجور النقل، وهذا ما يدفع السكان لشرائها في ظل غلاء جميع المواد الغذائية".

 

وأضاف محمد "لكن الإنتاج الذي يصلنا قليل جداً، كون المساحة المزروعة قليلة، رغم ذلك يزداد الطلب على الإنتاج المحلي أكثر من الخضروات القادمة من الداخل السوري التي تلزمها قرابة ثلاثة أيام للوصول إلى المستهلك، بالإضافة لاستخدام مواد غير صحية لإنضاج الثمار خلال الطريق".

 

 

مشروع آخر

 

مع  نجاح المشروع الشتوي، بادر المسؤولون عن المشروع بحراثة أرض زراعية بمساحة /15/ دونماً بالقرب من البيوت البلاستيكية، تمهيداً لزراعتها بالخضروات الصيفية من مختلف الأصناف.

وأوضح "أبو شاهين" أن مشروع زراعة الخضروات الصيفية قيد التنفيذ بانتظار مستلزمات الري، "سيبدأ العمل بزراعة الخضروات الصيفية الأسبوع القادم، بزراعة أصناف (الباذنجان والفليفلة والبندورة والفاصولياء والكوسى والبطيخ والبامية)".

وبالقرب من البيوت البلاستيكية ضمن الحقل، يبيع القائمون عليها شتلات الخضروات الصيفية لمزارعين في المنطقة، في خطوة يعتبرونها تشجيعية للمزيد من الإنتاج المحلي، إذ يبيعون يومياً ما يقارب /15/ ألف شتلة لمختلف أصناف الخضروات على المزارعين في المنطقة.