كنيسة القيامة في القدس تقيم طقوس "فيض نور المسيح" من دون زوار

القدس – ريم شمعون/ شربل حنو – نورث برس

 

قال الكاهن الربان بولص خانو، سكرتير مطران أبرشية القدس والأردن للسريان الأرثوذكس في الأردن وفلسطين، إن يوم سبت النور يعتبر من أهم الأيام التي ينتظرها المسيحيون خلال العام، حيث "يفيض في هذا اليوم النور المقدس في قبر السيد المسيح في كنيسة القيامة في القدس".

 

ويقوم المسيحيون في هذا اليوم بإشعال /33/ شمعة على ما يعتقدون أنه "قبر المسيح" ، وهي ترمز إلى عدد السنين التي عاشها المسيح.

 

وقال الربان خانو، لـ"نورث برس"، إن أسبوع الآلام يعتبر من أهم الأسابيع لدى المسيحيين، "يبدأ من أحد الشعانين وهو يوم دخول يسوع المسيح إلى مدينة أورشليم (القدس)، وينتهي بأحد القيامة أو الفصح، وخلاله يتم الاحتفال بخميس الأسرار(خميس غسل الأرجل) وهو ذكرى العشاء الأخير ليسوع مع تلاميذه، والجمعة العظيمة (جمعة الآلام) وهي يوم تعذيب المسيح وصلبه ودفنه، وسبت النور(السبت المقدس) وهو السبت الذي يسبق عيد القيامة وفيه تظهر النار المقدسة من قبر المسيح".

 

 

"فيض النور" بدون زوار

 

ودرجت العادة أن يحضر هذا الطقس آلاف المسيحيين يتوافدون من جميع أنحاء العالم، وكان يصل عددهم لـ\20,000\ زائر سنوياً إلى كنيسة القيامة في القدس من مختلف الجنسيات والدول، ولكن هذه السنة نتيجة الظروف الراهنة والإجراءات التي قامت بها الدول لتفادي انتشار فيروس كورونا، اقتصرت الطقوس على مجموعة من المطارنة وبعض الرهبان أو الكهنة، بحسب الربان خانو.

 

وقال خانو، إن الشرطة الإسرائيلية هي التي ستكون مسؤولة عن الأمن أثناء طقس سبت النور لأن كنيسة القيامة تقع ضمن مناطقها، "وقد تواصلت معنا لنختار شخصين من رجال الدين لكل طائفة ليدخلوا كنيسة القيامة أثناء فيض النار المقدسة".

 

وسيتم إرسال "النور المقدس هذه السنة عبر طائرات خاصة وفارغة سترسلها بعض الدول ليصل النور لبلدانها"، وبحسب ما نقله الربان خانو عن شرطة القدس فإن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف يرسل طائرة خاصة لأخذ النور المقدس من كنيسة القيامة وإيصاله لروسيا، بالإضافة لدولة اليونان التي سترسل ثلاث طائرات فارغة، لأخذ النور المقدس لليونان وجورجيا ورومانيا، ويمكن أن يتم فتح الحدود مع الأردن لإيصال النور إليه، وإرساله من هناك لكل من لبنان وسوريا".

 

 

طقوس سبت النور

 

لسبت النور طقوسه الخاصة، حيث تبدأ" بتطواف داخل الكنيسة يتقدمه البطريرك ثيوفيلوس الثالث (بطريرك القدس وكل فلسطين وإسرائيل للروم الأرثوذكس)، إلى جانب رؤوساء الكهنة والكهنة والشمامسة، ويكون على ثلاث دفعات حول القبر المقدس، وبعدها يقف البطريرك أمام باب القبر ويخلع ثيابه ويبقى في القميص الأبيض" .

 

ويوضح الربان خانو: "يتقدم حاكم القدس ومدير الشرطة من البطريرك ليفتشوه أمام الجميع، ويتأكدوا من أنه لم يُدخل معه أي أداة ليقوم بإشعال النار بها داخل القبر، يدخل البطريرك القبر المقدس بقميصه الأبيض فقط حاملاً معه رزمة من الشموع تحوي ثلاثة وثلاثين شمعة غير مضاءة، وتُطفأ جميع الأنوار في الكنيسة، ويبدأ البطريرك في الصلاة لتشتعل الشموع التي بين يديه من قبر المسيح، وهذه دلالة على أن المسيح قد قام وهزم الموت".

 

ويعتقد المسيحيون أن "قبر السيد المسيح مقسوم لغرفتين، في المدخل يوجد علبة من المرمر، وقطعة من الحجر الذي كان على باب القبر، أما في الداخل فيوجد القبر المقدس المكان الذي يدخل إليه البطريرك ليصلي، والمكان الذي يفيض منه النور المقدس".

 نشر النور على الكهنة

 للمكان المقدس شباكان أحدهما على اليمين والآخر على اليسار ويدخل مع البطريرك ثيوفيلوس الثالث راهبٌ أرمني أيضاً، ويفسر الربان خانو دخول الراهب الأرمني بأنه "يوجد في القدس ثلاث بطريركيات وهم \الروم الأرثوذكس والأرمن الكاثوليك وبطريركية القدس للاتين\ وكون البطريركية هي المرتبة العليا في الكنيسة فحق دخول القبر المقدس وإخراج النور هو للبطريرك ولهذا يدخل بطريرك الروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث للقبر، أما بطريرك الأرمن الكاثوليك خصص راهب يمثله ليدخل نيابة عنه للقبر".

 

وقال "أما نحن السريان والأقباط فممثلنا في الأبرشية هو المطران، وهو رتبة كنسية أدنى من البطريرك، ومع هذا يُسمح لنا بدخول الكنيسة لجلب النور المقدس".

 

وعن طريقة إخراج النور المقدس من قبل البطريرك ثيوفيلوس يشرح بولص،"بعد أن يخرج النور المقدس من حجر القبر يقوم البطريرك بالتوجه إلى شباك الجانب الأيسر من القبر لإنارة الشموع للشعب التابع لكنيسة الروم الأرثوذكس، كشعب رومانيا وجورجيا واليونان، أما الراهب الأرمني بعد أن يقوم البطريرك بإشعال شموعه، يتوجه لشباك الجانب الأيمن، ليشعل شموع الشعب السرياني والقبطي".

 

وهذه السنة سيدخل كنيسة القيامة عدد قليل من رجال الدين الذين لا يتجاوزون العشرين، وكل كنيسة سيمثلها رجلا دين وهذه الكنائس هي التي تتبع التقويم الشرقي (الروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس والأقباط وكنيسة الفرنسيسكان).

 

فيض النور تاريخياً

 

يعتقد معتنقي الديانة المسيحية أن تاريخ هذه الحادثة يعود للقرن /33/ ميلادي بعد "صلب السيد المسيح" ، لكن لم يذكر التاريخ هذه الحادثة آنذاك سوى عدة مرات، وتم توثيق فيض النور المقدس لأول مرة عام /1106/ ميلادي، وتظهر النار المقدسة بعيد القيامة حسب التقويم الشرقي.

 

يقول الربان خانو، "في عهد العثمانين سنة \1516\ الذين حكموا فلسطين \450\ سنة، وفي يوم سبت النور حاولوا إدخال الأغنياء للقبر المقدس ومنعوا فقراء الشعب من الدخول وأبقوهم في ساحة الكنيسة، وفي وقت فيض النور المقدس انشق أحد الأعمدة الموجودة في ساحة الكنيسة، ليخرج منه النور المقدس عوضاً عن خروجه من داخل القبر، ليحل النور المقدس على الفقراء"، ويضيف خانو أن هذه المعجزة حصلت لأن الديانة المسيحية نزلت أولاً إلى الفقراء.

 

وتُعتبر كنيسة القيامة في القدس مركزاً للحج لدى المسيحيين حيث يزورها سنوياً الآلاف من المسيحيين حول العالم، وخاصة أيام عيد الفصح، ليشهدوا" على أعجوبة النور المقدس ليلة العيد"، ولكن بسبب تفشي فيروس كورونا، اضطرت السلطات لفرض بعض الاجراءات لمنع انتشار المرض، وكان منها إغلاق كنيسة القيامة.

 

وقال الكاهن الربان بولص خانو، سكرتير مطران أبرشية القدس والأردن للسريان الأرثوذكس في الأردن وفلسطين، إن هذه هي المرة الأولى التي تغلق فيها كنيسة القيامة أيام عيد الفصح في السنوات المئة الأخيرة.

 

وأشار إلى أنهم لم يشعروا بالعيد هذه السنة وذلك بسبب عدم وجود الزوار، "كانت الكنيسة تمتلئ سنوياً بآلاف الزوار، رؤيتها خالية أمر صعب".

 

وأضاف أن كنيسة القيامة كغيرها من الكنائس ستقوم ببث مباشر للحظة فيض النور وأنه سيتولى تصوير وتوثيق الحادثة بشكل شخصي.