انقسام التحالف في اليمن يمهد لإحياء “جمهورية الجنوب”

الرياض ـ NPA
أخذت الانقسامات داخل القوات اليمنية التي تقاتل ضد جماعة أنصار الله (الحوثي)، منحىً جديداً مع فرض الخلافات نفسها على العلاقات بين الحكومة اليمنية برئاسة عبدربه منصور هادي، وبين الحكومة الإماراتية.
وكسرت الإمارات صمتها الذي التزمت به منذ تفجر الخلافات بين المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يطالب باستقلال جنوب اليمن وطرد جماعة الإخوان من الإدارات الحكومية، والحكومة اليمنية التي كانت تتخذ من عدن مقراً جزئياً لها، بحكم تواجد عدد من وزرائها، إضافة إلى الرئيس اليمني، في المملكة العربية السعودية.
ورداً على ما اعتبرته "إساءات" من جانب الحكومة اليمنية، فقد أصدرت الإمارات بياناً، الأربعاء، أعربت فيه عن "أسفها الشديد ورفضها القاطع جملة وتفصيلا لجميع المزاعم والادعاءات التي وُجهت إليها حول التطورات في عدن". وكانت قوات "المجلس الانتقالي" قد سيطرت على معسكرات لقوات يمنية موالية للرئيس اليمني، كما استولت على المقرات الحكومية والأمنية التي كانت تتمركز فيها قوات تابعة لـ"الحرس الرئاسي" في عدن.
وللمرة الأولى، توجّه الإمارات انتقادات حادة للحكومة اليمنية، بعد سنوات من العمل المشترك في اليمن ضد جماعة الحوثي رغم تواجد جماعة الإخوان المسلمين ضمن تشكيلة الحكومة اليمنية والقوات العسكرية على الأرض.

وأوضح البيان أن دولة الإمارات قامت بكل ذلك "رغم عجز الحكومة الشرعية في اليمن عن إدارة شؤونها الداخلية وضعف أدائها، وأيضا بالرغم من أجواء الانقسام الداخلي السياسي والمناطقي المستشري الذي لم تستطع الحكومة إدارته بالحوار البنّاء، والتواصل مع المكونات اليمنية كافة". مضيفة أنه "ليس من اللائق أن تعلق الحكومة اليمنية شمّاعة فشلها السياسي والإداري على دولة الإمارات، والذي تجلى في البيان السلبي للحكومة اليمنية".

وكانت جهات من الحكومة اليمنية قد اتهمت الإمارات بدعم هجمات المجلس الانتقالي على القوات الموالية للرئيس اليمني. وطالب وزراء في هذه الحكومة برفع دعوى ضد الإمارات وإحالتها إلى محكمة الجنايات الدولية بسبب مزاعم انتهاكات وسجون سرية.
وسرعان ما انعكس الموقف الإماراتي على الإعلام. وخرجت صحيفة "البيان" بعنوان: "حكومة اليمن تخدم أبواق الفتنة"، كما نشرت افتتاحية تحت عنوان "شمّاعة الفشل"، قالت فيها إن "نكران الجميل أشد وقعاً من السيف.. هذا القول يختصر بيان الحكومة اليمنية، بشأن تطورات عدن، ويكشف بجلاء حالة فقدان الوعي التي تعاني منها هذه الحكومة". كذلك حملت صحف الإمارات الأخرى، مثل الاتحاد والخليج، مواداً وتقارير عن الدور الإماراتي الإيجابي في اليمن.
والأربعاء، قالت الحكومة اليمنية إنها لن تجري محادثات مع الانفصاليين الجنوبيين ما لم يعيدوا لها السيطرة على مدينة عدن الساحلية، وذلك بعد وصول رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن إلى السعودية لبحث المواجهة بين الطرفين الحليفين من الناحية النظرية.
وكانت دعت السعودية، التي تقود تحالفا عسكريا يشمل الانفصاليين، إلى عقد قمة بعد سيطرة الانفصاليين على عدن، المقر المؤقت للحكومة، في العاشر من آب/أغسطس في خطوة أحدثت شقاقا في التحالف.
وجاء في خطاب من الحكومة اليمنية إلى مجلس الأمن الدولي الثلاثاء: "لولا الدعم الكامل الذي وفرته دولة الإمارات العربية المتحدة… لهذا التمرد ما كان له أن يحدث وإن هذا المخطط التمزيقي مستمر وفي تصاعد رغم كل دعوات التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية".
وقال المجلس الانتقالي الجنوبي إنه سيظل يسيطر على عدن إلى أن تخرج عناصر من حزب الإصلاح، الذي ترى الإمارات أنه أحد فروع جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك الشماليين من مواقع السلطة بالجنوب.
وكانت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، جزء من التحالف الذي تدخل في اليمن في آذار/ مارس 2015 لمحاربة جماعة الحوثي التي أطاحت بالرئيس عبد ربه منصور هادي من السلطة في العاصمة صنعاء في أواخر عام 2014. وانتقلت حكومة هادي إلى عدن بينما يقيم هادي في الرياض.
والنقطة الحاسمة في مجمل التحالفات الخاصة باليمن تتوقف على مدى متانة العلاقات السعودية الإماراتية حول هذا الملف. ولم يصدر أي بيان رسمي من الرياض حول الاتهامات التي وجهتها حكومة هادي للإمارات. وبدأت حسابات لشخصيات إماراتية على تويتر تدعم مطالب بسحب كامل للقوات الإماراتية من الجبهات وإعادتهم إلى البلاد.
وتدرك القوات الموالية للرئيس اليمني أن الانسحاب الإماراتي يعني سيطرة نهائية للمجلس الانتقالي وتكريساً لعودة "جمهورية اليمن الجنوبي" التي اختفت عن مسرح التاريخ عام 1990 بعد إعلان الوحدة مع الشطر الشمالي.