“على وتر الفوضى الدولية”.. “داعش” ينظم صفوفه في سوريا

غرفة الأخبار ـ نورث برس

يرى خبراء أمنيون أن التنظيم يلعب على وتر الفوضى والصراعات الدولية وخاصة في الشرق الأوسط، مستغلاً ذلك لتنظيم صفوفه في سوريا من جديد.

ومع مطلع العام الجاري، حاول تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، عبر رسالة صوتية، كسب الدعم المالي له، ومناشدة عناصر جدد للانضمام.

جاءت الدعوة في كلمة صوتية للمتحدث باسم التنظيم المدعو “أبو حذيفة الأنصاري”، بدأها بعنوان: “واقتلوهم حيث ثقفتموهم”، وقد تمحورت في معظمها حول الصراع في غزة.

السلم والأمن الدوليين

ولا يزال “داعش” يملك القدرة على شن هجمات تسفر عن خسائر كبيرة في صفوف المدنيين وعن معاناة إنسانية، وفق تقرير أصدره الأمين العام للأمم المتحدة.

وخلال إحاطة قدمها لمجلس الأمن الدولي في 15 شباط/فبراير الفائت، استعرض وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف، في تقرير التهديد الذي يشكله تنظيم “داعش” للسلام والأمن الدوليين.

وقال “فورونكوف”، إن “المأساة والدمار والمعاناة التي يسببها الإرهاب ينبغي أن تكون بمثابة حافز لتجديد الالتزام الدولي ليس فقط بمعالجة آثاره المروعة، ولكن أيضا، والأهم من ذلك، تكثيف الجهود لمنع مثل هذه الهجمات في المقام الأول”.

ورغم أن “داعش” والجماعات المنتسبة إليه ظلوا يواجهون استنزافاً في القيادة ونكسات مالية، إلا أنهم احتفظوا بقدرتهم على شن هجمات “إرهابية” والتخطيط لتهديد خارج مناطق عملياتهم. وظل خطر عودة ظهور التنظيم قائماً في سوريا والعراق.

ووفقاً للأمم المتحدة، أن احتياطات التنظيم المالية تتراوح بين 10 و25 مليون دولار. يتم جمع غالبيتها عن طريق العملات المشفرة (العملات الرقمية) عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.

تنامي التنظيم

يقول منير أديب باحث دولي وخبير في شؤون الحركات المتطرفة، إن “داعش في حالة تنامي كبيرة في بقعة جغرافية إعلان خلافته”.

ويشدد “أديب”، في تصريح لنورث برس، على أنه “من المفترض أن يواجه المجتمع الدولي هذا التنظيم مع القوات المحلية والدولية المتواجدة في البقعة الجغرافية التي تتواجد فيها خلايا التنظيم”.

ويرى أن المجتمع الدولي، إذا كان مشغولاً بالصراعات والحروب الدولية وخاصة الصراع الإيراني – الأمريكي في الشرق الأوسط، “فبالتالي لا يستطيع مواجهة هذا التنظيم ولا مواجهة خلاياه وهذا ما يحدث في سوريا، ومناطق أخرى”.

ويقول إن التنظيمات المتطرفة “تلعب على وتر الصراعات والفوضى الدولية وخاصة عندما يغيب الوجود الدولي”.

وقدرت الأمم المتحدة في منتصف عام 2023 أن التنظيم ما يزال يضم ما بين 5 آلاف إلى 7 آلاف عنصر في سوريا والعراق، تعمل في خلايا صغيرة تواجه القوات السورية والعراقية والجيش الأميركي.

وفي عام 2014، سيطر تنظيم “داعش” على مساحات واسعة من الأراضي في سوريا والعراق، وشن هجمات عنيفة على المدنيين بهذه المناطق ومناطق أخرى حول العالم. وبحلول عام 2019، وبعد سنوات من العمليات العسكرية العراقية والسورية والأميركية، تم دحر التنظيم من هذه المنطقة.

وفي منتصف العام الفائت، أشارت لجنة تضم خبراء أمنيين في الأمم المتحدة، يراقبون العقوبات المفروضة على التنظيم، إلى أنه خلال النصف الأول من عام 2023، ظل التهديد الذي يشكله “داعش، مرتفعا في الأغلب في مناطق الصراع”.

وقالت اللجنة في تقريرها لمجلس الأمن إن “الوضع العام للتنظيم لا يزال نشطا”، في سوريا والعراق، “ولا يزال خطر عودته للظهور قائماً”.

ونقل الخبراء عن مصدر لم يسمونه، أن “داعش” لا يزال ماضيا في برنامجه “أشبال الخلافة”، لتجنيد الأطفال في مخيم الهول المكتظ.

منفعة متبادلة

يرى خبراء أن الصراعات الدولية في الشرق الأوسط وخاصة بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، شكلت “منفعة متبادلة بين تنظيم داعش وإيران رغم اختلاف عقيدتهما”.

يقول مصطفى النعيمي خبير في الشأن الإيراني، إن عملية التخادم بين “داعش” وإيران “واضحة”، خاصة في عمليات تسليم السلاح عبر معارك وهمية، “الغاية منها استدامة الصراع في المنطقة واستدامة وجود النظام السوري وفرضه على المنظومة الدولية كشريك في مكافحه الإرهاب”.

ويعتقد “النعيمي”، في تصريح لنورث برس، أن التنظيم “لم يعد قادراً على تحقيق أيً من المكتسبات، سوى نشر الفوضى في المناطق التي يتحرك فيها وبقاء عنصر التهديد خدمة لدمشق كي تبقى ضمن مشروع مكافحه الإرهاب وبالتالي استدامه هذا الصراع ما بين كل من النظام السوري من جانب وتنظيم داعش من الجانب الآخر وشرعنة وجود النظام كشريك في مكافحه الإرهاب”.

ويشير إلى أنه أُعلن عدة مرات الانتهاء من تنظيم الدولة “لكن سرعان ما نسمع عن ظهوره في منطقة ما والاختفاء مباشرة، مما يؤكد نظرية أن التنظيم هو عباره عن بندقية يتم تفعيلها لخدمة منطقة النفوذ التي يعمل فيها”.

ويرى أن “حالة التخادم ستبقى هي سيده الموقف حتى اقتناع المنظومة الدولية بأنه لا حل إلا بإنهاء النظام السوري والذي بات يشكل خطراً على الأمن المحلي والإقليمي والدولي وبات مغناطيسا للإرهاب”. وفقاً لـ”النعيمي”.

إعداد: زانا العلي ـ تحرير: معاذ المحمد