ذوو الاحتياجات الخاصة في كوباني.. يمارسون هواياتهم في الشوارع ومستقبلهم العلمي مجهول
كوباني– نورث برس
يضطر الطفل زياد، إلى ممارسة هوياته بلعب كرة القدم في الشوارع والأحياء، أو في ملاعب غير مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، وفي كل مرة يعود مصاباً.
ويعاني الطفل زياد هندواي (9 أعوام) من إعاقة في قدميه ونقص في فقرات عموده الفقري، ويضطر لاستخدام يديه للمشي أو للعب كرة القدم.
ويشتكي ذوو الاحتياجات الخاصة في مدينة كوباني، من قلة المراكز التعليمية والترفيهية المخصصة لهم، ورغم تقديم مركز ذوي الاحتياجات الخاصة مشاريعه لتنفيذ وافتتاح مثل هذه المراكز، إلا أن قلة الدعم المقدم من قبل الإدارة الذاتية والمنظمات الإنسانية يقف عائقاً أمام رؤية تلك المشاريع النور.
انعدام الأنشطة الترفيهية
تقول زوزان علي (35 عاماً) وهي أم لخمسة أطفال بينهم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، إن مدينة كوباني تفتقر لأنشطة ترفيهية مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة مثل طفلها، وخاصة الملاعب والآلات الموسيقية المصممة لهم.
وتضيف أن طفلها زياد، يحب ممارسة كرة القدم ويهوى الموسيقا، إلا أنه لا يستطيع ممارسة تلك الهويات بسهولة.
كما أن الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة يتعرضون للتنمر من قبل أقرانهم (بقية الأطفال الأسوياء- الطبيعيين- غير المعاقين) أثناء ممارسة هذه الأنشطة معاً، كما طالبت الأم بتوفير مثل هذه المراكز لتمارس فئات ذوي الاحتياجات الخاصة نشاطاتهم وهواياتهم داخلها، طبقاً لـ “علي”.
وترى أم زياد، أن عدم توفر مثل هذه المراكز تؤثر سلباً على نفسية الأطفال منذ ذوي الاحتياجات الخاصة، وخاصة عندما يرون أطفالاً بعمرهم يمارسون تلك الأنشطة في ملاعب كوباني ومراكز الأنشطة المختلفة.
ويعاني طفلها من إعاقة بسبب نقص في ثلاث فقرات من عموده الفقري، وأن قدماه معكوفتان وملتصقتان، ويحتاج إلى عملية في كندا، ولكنهم لا يستطيعون تأمين تكاليف تلك العملية، وفق ما روت لنورث برس.
بيد أن حلمها وحلم طفلها، هو أن يستطيع المشي على أقدامه، ليمارس نشاطاته وهواياته في لعب كرة القدم والسباحة والعزف على آلة الكمان.
الحاجة إلى مدارس تعليمية
لأن لديها طفل معاق تطالب فاطمة خليل (37 عاماً) بافتتاح مدارس خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة ليستطيعوا متابعة تحصليهم العلمي إسوة ببقية الأطفال.
والمرأة أم لخمسة أطفال بينهم الطفل جكدار عيسى (14 عاماً) الذي يعاني من فقدان حاسة السمع بسبب إصابته بداء السكري في عمر الخمس سنوات.
تقول “خليل” إنها اضطرت لإخراج طفلها من المدرسة بعد فقدان حاسة السمع، ومخاوف من تدهور وضعه الصحي، حيث يحتاج إلى عناية خاصة لا تتوفر بالمدارس.
وأُصيب جكدار بداء السكري قبل تسعة أعوام، وأدى لتضرر أعصاب السمع لديه بعد خمس سنوات من إصابته بالداء ففقد حاسة السمع، لتتعرض عيناه للضرر، فاضطر لتركيب نظارات طبية حتى تحسن نظره، ومؤخراً يتعرض للاختلاج كما تضررت مثانته، ويحتاج إلى عناية مشددة قد تستمر أسبوعاً أحياناً.
تقول والدته، إنها أرسلته إلى مركز هيفي لذوي الاحتياجات الخاصة، لأن المدرسة لا تستطيع التصرف أثناء ارتفاع نسبة السكر لديه، يداوم منذ سنتين في المركز، وكان المركز له تأثير إيجابي عليه من الناحية النفسية.
وتضيف “خليل” أن المشكلة التي تواجهها حالياً هي أن المركز يستقبل الأطفال من عمر 4 سنوات حتى 14 سنة، ولانعدام مثل تلك المراكز تحتار المرأة إلى أين سترسل طفلها.
وفي ذات الوقت تعاني عائلة الطفل من تأمين أدويته المرتفعة الثمن، والتي يحتاجها بشكل دوري، لافتة إلى أن كوباني بحاجة إلى مركز يتابع أوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة، بإشراف معلمين مختصين ومرشدين نفسيين ومدربي موسيقا.
بالإضافة إلى أن جكدار، يحتاج إلى إجراء عمليات جراحية في البنكرياس كي يعود إلى طبيعته، ومثل هذه العمليات تجرى خارج سوريا، ولكن ليس لديهم إمكانيات لإرساله للخارج، ورغم تقديم ملفه الصحي للمنظمات الإنسانية، إلا أنهم لم يتلقوا الرد حتى الآن.
وتناشد “خليل” الإدارة الذاتية والمنظمات الإنسانية بالعمل لتجهيز مركز جديد أو مدرسة خاصة لمثل هذه الحالات ومدرسة خاصة لتعليم الصم والبكم فيه، كون المنطقة تفتقد مثل هذه المدارس.
وتطمح المرأة أن يتابع طفلها وأطفال مدينتها، من ذوي الاحتياجات الخاصة، تعليمهم ليحصلوا على شهادات، وخاصة أن ذكاء مثل هذه الفئات قد يتخطى ذكاء بقية الأطفال، وخاصة أن الوضع المعيشي لا يسمح لهم بدفع تكاليف دروس خصوصية لطفلها.
إحصاء
إلى ذلك يقول جهاد حيمو، وهو إداري في مركز ذوي الاحتياجات الخاصة في كوباني، أن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في كوباني وريفها، بحسب الإحصاء الذي جرى في عام 2020 نحو أربعة آلاف شخص، وأغلبهم يعانون من إعاقات حركية، والصم والبكم، والمكفوفين.
ويضيف أن المركز قدم عدة مشاريع إلى الإدارة الذاتية تم تنفيذ بعضها، وما زالت بقية المشاريع بحاجة إلى دعم من الإدارة الذاتية والمنظمات الإنسانية (جهات داعمة) لتنفيذها.
ويشير إلى أنهم نفذوا مشروع التدريب على الكمبيوتر (الحاسوب) في عام 2022، وتم تخريج عشرة أشخاص وحصلوا على شهادات، ولكن حتى الآن لم يتم توظيفهم، كون قانون العاملين لم يطبق داخل مؤسسات الإدارة الذاتية في كوباني.
بالإضافة لتنفيذ مشروع تدريب النساء على مهنة الخياطة ضمن مشاريع تمكين المرأة، حيث استفاد من المشروع 14 امرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة وتحولوا من فئة مستهلكة إلى فئة منتجة.
والمشاريع الموجودة حالياً في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، مركز المعالجة الفيزيائية الذي تم تحديثه وتطويره عام 2020 بسبب زيادة أعداد فئة ذوي الإعاقة الحركية، وهو مركز يتألف من كادر من خمسة مساعدين وطبيب مختص بالمعالجة الفيزيائية، ويستفيد منه 150 إلى 200 شخص عبر نظام المتابعة، وهم أشخاص يعانون من الضمور الدماغي أو شلل رباعي أو الجلطات الدماغية، بحسب “حيمو”.
ويوجد في كوباني مدرسة خاصة للمكفوفين يستفيد منها 12 طالباً أغلبهم أطفال، ولكن تحتاج إلى المزيد من الدعم لتطويرها.

الأطفال وتأثير الحرب
أغلب أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة في كوباني هم أطفال، حيث أن حرب كوباني أثرت على زيادة عدد الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويوجد نحو 800 طفل أصبحوا من ذوي الاحتياجات الخاصة منذ عام 2015 وحتى الآن، وفق “حيمو”.
ويرى الإداري في مركز ذوي الاحتياجات الخاصة في كوباني، أن مخلفات الحرب ونقص الوعي الصحي إضافة إلى زواج الأقارب هي من الأسباب الرئيسية في زيادة عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في المنطقة.
ويشير أن المشاريع التي لم تنفذ والتي تحتاج إلى دعم، هو مشروع مدرسة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، لأن هناك عدداً من الأطفال لا يستطيعون الذهاب لمدارس الأطفال الطبيعيين (العاديين )، كونهم يواجهون مشاكل داخل تلك المدارس ومنها تعرضهم للتنمر.
ويتابع “حيمو” أن الإدارة الذاتية سلمتهم مركزاً في تلة مشته نور، كان قبلها مشفى للأطفال من أجل تحويله إلى مدرسة، إلا أن تركيا قصفت تلك المدرسة ما أدى لتوقف المشروع.
وتعرض مشفى الأطفال قيد التجهيز في تلة مشته نور بكوباني للتدمير بشكل كامل جراء قصف طائرات حربية للمشفى في العشرين من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الفائت 2022.
الحاجة إلى دعم لتنفيذ المشاريع
يناشد “حيمو” منظمات المجتمع المدني والإدارة الذاتية، لدعمهم من أجل متابعة تنفيذ المشروع، بحيث تأمن الإدارة الذاتية مكاناً للمدرسة، وتساهم منظمات المجتمع المدني بتكلفة البناء وتأمين معدات المدرسة.
ويقول إن مشروع الأنشطة الرياضية لذوي الاحتياجات الخاصة تم دراسته وتجهيزه، لأن ذوي الاحتياجات الخاصة محرومين من هذه الأنشطة، ولكن المشروع يحتاج إلى دعم لتنفيذه.
ويضيف أن مشروع الأنشطة الرياضية يحتاج إلى استئجار الملاعب والمسابح وتجهيز صالات رياضية لذوي الاحتياجات الخاصة، كي يتمكنوا من ممارسة أنشطتهم الرياضية ومنها (كرة القدم، والسباحة، ورفع الأثقال والشطرنج).
ويحمل “حيمو” المنظمات الإنسانية مسؤولية دعمهم كي يستطيعوا رفع كفاءة ذوي الاحتياجات الخاصة في المنطقة، وخاصة أن الفئة الأكثر تضرراً من الكوارث الطبيعية والحروب ومن الناحية النفسية داخل المجتمع هي فئة ذوي الاحتياجات الخاصة.