منبج – نورث برس
يتجوّل جميل، في أسواق منبج لتبضع حاجة عائلته من السلع؛ ليتفاجأ بأن الأسعار قد ارتفعت لبعضها فيما أخرى بقيت على ذات الارتفاع، وكان الرجل على أمل أن تنخفض مع رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.
وتوقّع جميل سليمان، (45عاماً)، وهو سائق تكسي أجرة، أن تشهد الأسواق انخفاضاً في الأسعار وتحسناً في قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، عقب قرار رفع العقوبات عن سوريا، “لكن بدل أن ينخفض سعر الصرف ارتفع لترتفع معه الأسعار مجدداً”.
واستبشر الغالبية العظمى من سكان منبج، شمالي سوريا، بانخفاض الأسعار، بعد انتعاش لم يستمر طويلاً، بُعيد كارثة الزلزال، إذ ارتفعت قيمة الليرة، حتى وصلت لما يعادل الـ5500 مقابل الدولار الواحد، فيما أحال اقتصاديون السبب لوصول المساعدات والتحويلات النقدية لبعض المناطق، “ثم ما لبثت أن عاودت الليرة السورية تدهورها”.
يرى “سليمان”، أن قرار رفع العقوبات، “كأنما قيل للسوريين بإمكانكم العيش أياماً معدودة، وبعدها عليكم العودة لممارسة حياتكم كما كانت عليه قبل ذلك، ولكن حتى هذا لم يحدث”.
وفي العاشر من شباط/ فبراير الجاري، أصدرت الخزانة الأميركية، ترخيصاً عاماً يسمح لمدة 180 يوماً بجميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلزال، والتي كانت محظورة بموجب لوائح العقوبات المفروضة على سوريا.
هذا الأمر، بعث بالأمل لدى “سليمان”، بتحسن الأسعار، في وقت يعاني من تأمين احتياجات منزله وعائلته المكونة من 5 أشخاص.
إذ إن عمله على تكسي أجرة، وتقاضيه بالليرة السورية، وضعه أمام تحديات جمّة، خاصة أنه في كثير من الأحيان يدفع بعض التكاليف المرتبطة بأعطال سيارته بالدولار الأمريكي.
لكن، ما بُعث في نفسه، سرعان ما تبدد بعد معاودة الليرة للانهيار مجدداً أمام العملات الأجنبية الأخرى.
والأسبوع الماضي، شهد سعر صرف الليرة السورية في السوق السوداء تخبطاً، بعد تحسن كبير وصل إلى ما دون الـ 5 آلاف ليرة أمام الدولار، لتعاود ملامسة حاجز الـ 7500، فيما سعّرها المصرف المركزي السوري بـ 7آلاف ليرة للدولار الواحد.

رفع العقوبات كان مخيباً
ذات الحال لدى حميد العبيد (38عاماً)، وهو من سكان منبج يعمل في مهنة الحدادة، إذ لم يلحظ أي تغيير في الأسعار بعد تحسن سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية، “الليرة تنهار والأسعار ترتفع رغم تجميد العقوبات”.
ويفترض أن يكون لتجميد العقوبات أثر إيجابي كبير، حيث أن الأضرار السلبية الاقتصادية الناجمة عن قانون قيصر جعلت سكان سوريا يعانون صعوبة بتأمين المواد الأساسية، على حد قول “العبيد”.
ويضيف لنورث برس، أن “أصحاب المنشئات الصغيرة يتقاضون أجرتهم بالليرة السورية، ويدفعون أجرة المحل والبضائع التي تحتاجها محلاتهم بالدولار، وهذا يشكل لهم عبئ، يُضاف لمصاريفهم المنزلية وتأمين احتياجاتهم”.
ويتضمن الترخيص الذي أصدرته الخزانة الأميركية، السماح بـ”معالجة أو تحويل الأموال نيابة عن أشخاص من دول أخرى إلى سوريا أو منها، لدعم المعاملات المصرح بها بموجب هذا الترخيص العام”.
ولا يسمح هذا الترخيص العام بأي معاملات تتعلق باستيراد النفط أو المنتجات البترولية ذات المنشأ السوري إلى الولايات المتحدة وأي معاملات تنطوي على أي أشخاص مشمولين بنظام العقوبات ضد سوريا.
وجاء ذلك بعد مناشدات سورية ودولية برفع العقوبات الغربية عن سوريا فوراً، وفتح الباب أمام المساعدات الإنسانية لمواجهة تداعيات الزلزال.
ثبّتوا ديونهم بالدولار
ورغم تحسن قيمة الليرة السورية بعد تعليق العقوبات الاقتصادية، إلا أن جمعة العلي (42عاماً)، وهو صاحب بقالية في بلدة منبج، يقول إنهم “اشتروا بضائعهم من تجار الجملة بسعر صرف الدولار القديم”.
ويضيف “العلي”، أن التجار “لم يعترفوا بسعر الصرف الجديد بحجة أنهم اشتروا بضائعهم بسعر الصرف القديم آنذاك”.
وبحسب “العلي”، أن أصحاب البقاليات والدكاكين الصغيرة ثبّتوا ديون زبائنهم من السكان، بالدولار وليس بالليرة السورية خوفاً من خسارتهم.
وخلال فترة تحسن قيمة الليرة السورية ووصولها إلى 5200 أمام الدولار، خالفت مديرية التموين في منبج عدداً من التجار بعد إنذارهم بخفض أسعار السلع مع تحسن قيمة الليرة السورية.
وضبطت المديرية حينها، عدداً من المخالفات بسبب عدم خفض الأسعار والبيع وفق سعر الصرف الذي تجاوز 7300 ليرة للدولار الواحد.