كيف تملأ الحكومة السورية خزينتها “شبه المفلسة” من جيوب السكان!؟
دمشق – نورث برس
تبتكر الحكومة السورية منذ سنوات طرق وقوانين جديدة لرفد خزينتها التي تعد “شبه خاوية” من جيوب السكان، بدءاً من فرض مبالغ مالية على صرافين وتجار بتهمة التعامل بالعملات الأجنبية وإلزامية صرف 100 دولار لكل من يدخل أراضيها، وليس انتهاء بتحصيل رسوم من مستخدمي الطاقة الشمسية وإلزامية جميع الباعة الحصول على سجل تجاري.
قبل أيام، اقترح مجموعة من أعضاء مجلس محافظة دمشق، فرض رسوم على مستخدمي الطاقة الشمسية وذلك للاستفادة منها في إنارة مدينة دمشق، وفقاً لما قاله عضو مجلس محافظة دمشق ثائر جوهري لإذاعة محلية.
هذا الاقتراح يعفي الحكومة كلياً من دفع أية مبالغ لتنفيذ مشروع إنارة دمشق، ويحمّل سكاناً دفع رسوم ليس من المفترض عليهم دفعها.
وككل القرارات الحكومية التي يتفق غالبية السكان وأعضاء في مجلس الشعب بأنها “عشوائية وغير مدروسة”، أصدرت الحكومة أواخر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قراراً يفرض على جميع الباعة بمختلف مسمياتهم الحصول على سجل تجاري.
ويتحتم على مقدمو الطلب للحصول على السجل التجاري، دفع مبالغ متفاوتة لاستكمال إجراءات المعاملة، وستعود تلك المبالغ في النهاية إلى خزينة الدولة، كما أن المخالفين للقرار سيفرض عليهم غرامات، ترفد الخزينة أيضاً.
وتحصّل الحكومة مليارات الليرات لصالح خزينتها من خلال تهمة التعامل بالعملات الأجنبية، فالحكومة وبحسب تجار وسكان تقوم بحملة اعتقالات عند كل انخفاض تشهده قيمة الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية، وتحمّل المتعاملين بتلك العملات والتجار سبب تدهور قيمة العملة المحلية.
نظام دحدل، رئيس محكمة الجنايات المالية والاقتصادية في دمشق، وفي تصريحات سابقة قال إن مليارات تم تحصيلها لصالح خزينة الدولة، من شركات صرافة تم سحب الترخيص منها وكانت تزاول مهنة الصيرفة بطريقة غير مشروعة.
وعلى حد تعبير سكان فإن “الله والحكومة” وحدهما يعلمان حجم المبالغ المالية التي تحصلها الدولة لصالح خزينتها سنوياً من المتهمين بالتعامل بغير الليرة السورية، وخاصة أنها تغرم المتعاملين بالعملات الأجنبية دفع غرامة مالية تصل لضعفي المبلغ المتعامل به.
“الحكومة تاجر والسكان زبائن”
وفي هذا الصدد، يقول أحمد المحمد، اسم مستعار لدكتور في كلية الاقتصاد بحلب، إن الفريق الاقتصادي في الحكومة بات اليوم يعامل السكان معاملة التاجر والزبائن، وهو ما أدى إلى توسع الفجوة بين إدارة المؤسسات الحكومية والسكان.
وتشكل الضرائب التي تفرضها وزارة المالية السورية، إحدى أهم وأبرز الموارد التي تعتمدها الحكومة لتغذية خزينتها “شبه المفسلة”، إذا تفرض معدلات ضريبة “مرتفعة للغاية” على أصحاب الفعاليات الاقتصادية الذين يرون أن الدولة تريد محاصصتهم أرباحهم.
ووفقاً لشهادات أصحاب محال تجارية فإن موظفي وزارة المالية وقبل اعتماد الحكومة نظام “الفوترة”، كانوا يداهمون المحال ويمسكون دفاتر العمل ويفرضون ضرائب بمبالغ وصفها أكثرهم، لنورث برس؛ بـ “غير المُنصفة والكارثية”.
وشهد مطلع تموز/ يوليو الماضي، تطبيق إحصاء الضرائب والرسوم عبر الربط الإلكتروني عن طريق الشبكة بين ضرائب المالية والمحال التجارية والصناعية والمنشآت السياحية والمطاعم.
ويلزم ذلك أصحاب المنشآت الصناعية والتجارية والسياحية استخدام الربط الشبكي بهدف التطوير الضريبي بعيداً عن التخمين البشري.
وأدى ذلك لزيادة نسبة تحصيل الضرائب من المحال السياحية ومنها المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة التي رفضت بعضها التحصيل الذي وصل إلى ما يقارب 80 مليوناً سنوياً، وأغلقتها هرباً من التحصيل الذي رأى البعض بأنه “غير منطقي لواقع العمل”.
ومنذ بداية العام الجاري، أغلقت منشآت تقدم الوجبات السياحية بسبب التكليف الضريبي الضخم، منها محل بيت الفروج المشهور في حي الجميلية بحلب والذي وصلت قيمة الضرائب المفروضة عليه إلى 60 مليون ليرة سورية سنوياً.
وكما أغلقت منشأة راما السياحية أيضاً في حي شارع النيل بحلب بعد تكليفها الضريبي بنحو 120 مليون ليرة سورية خلال عام 2022 الماضي.
دخل مالي من كل شيء
على الجانب الآخر، تلزم الحكومة صرف 100 دولار لكل من يدخل أراضيها أو ما يعادله من العملات الأجنبية حصراً إلى الليرات السورية، وذلك بحسب سعر صرف مصرف سوريا المركزي والذي يبلغ 4.522 ليرة سورية للدولار الواحد ويقل عن السعر الحقيقي في السوق السوداء بحوالي النصف.
ويساعد القرار الذي صدر تموز/ يوليو 2020 ، الدولة على ملء احتياطها من العملات الأجنبية.
ويضاف إلى كل ذلك، الحوالات الخارجية التي يرسلها المغتربون إلى ذويهم في سوريا، إذ تزيد هذه الحوالات من غلة سلة العملات الأجنبية للبنك المركزي الحكومي، ويفقد المستلمون من قيمة المبلغ الحقيقي الواصل لهم لصالح المصارف الحكومية أو الشركات المرخصة من قبلها، إذا تصرف الحوالات وفقا سعر صرف البنك.
وأشار دكتور كليلة الاقتصاد في حلب إلى توجه الحكومة لمنح الرخص للمعاهد التعليمية والمدارس الخاصة لتحصيل الأموال أيضاً، ولا سيما أن قيمة الترخيص لكل معهد تصل إلى 30 مليون و75 مليون لكل مدرسة، وتضاف إليها الضرائب السنوية.
وأضاف المحمد أن الضغوط التي تمر بها الحكومة السورية من تدهور في الإيرادات لخزينة المال دفعتها لتحويل جميع مستلزمات الحياة للسكان إلى وسيلة دخل لها.