شُعبٌ صفية بلا معلمين في ريف حلب الشمالي

حلب- نورث برس

يضطر أحمد عاشور (40 عاماً)، مدير مدرسة حردتنين الإعدادية في ريف حلب الشمالي، لإنهاء الدوام المدرسي لمعظم الصفوف الدراسية قبل انتهاء الوقت الرسمي المخصص للانصراف.

وفي هذه المدرسة أكثر من 90 طالب وطالبة، لم يتلقوا منذ بداية العام الدراسي دروساً في مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم واللغتين الإنكليزية والفرنسية، لعدم وجود كوادر تعليمية لهذه الاختصاصات.

وتضم المدرسة فقط مدرسين للغة العربية ومادة التربية الإسلامية والاجتماعيات والرياضة.

ويحاول المدير، الذي يواجه ضغوطاً من الطلبة وذويهم، جاهداً تغطية النقص في الكادر التعليمي من خلال دمج الصفوف وقيامه برفقة أمين السر بإعطاء دروس، مع العلم أن المواد التي يقومان بتدريسها ليست من اختصاصهما.

ومدير المدرسة خريج أدب عربي يعطي دورساً في مادة الرياضيات وزميله أمين السر خريج معهد موسيقا، يعطي دورساً في اللغة الإنكليزية.

وتعاني مدارس بأرياف مدينة حلب الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية وأحياء شرقية في المدينة من نقص واضح في الكوادر التعليمية، ما يؤثر سلباً على سير العملية التربوية.

ولم تفلح مطالبات “عاشور” المتكررة والمتواصلة لمديرية التربية، لسد عجز الكادر التدريسي، الأمر الذي دفع بذوي بعض الطلبة لعدم إرسالهم للمدرسة.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، قال موظف في مديرية التربية بحلب، لنورث برس، إن هناك “أكثر من 3000 طلب استقالة، وأكثر من 6000 طلب إجازة بلا أجر، و650 طلب تقاعد مبكر، هذا العام من قِبل الكوادر التعليمية في مدارس حلب وأريافها”.

هذه الأرقام لم تتوافق مع إحصائية ذكرها فواز حج طه، نائب مدير التربية للتعليم الأساسي بحلب لنورث برس، إذ أشار إلى أن طلبات الاستقالة وصلت منذ مطلع العام الحالي في المديرية إلى 950، فيما بلغت طلبات الإجازة بلا أجر 1100 طلب، ناهيك عن الملتحقين بالخدمة الالزامية والاحتياطية من الشبان.

لكن وبحسب “حج فواز” فإن أكثر من 65٪ من مدراس الأرياف وبعض الأحياء الشرقية من حلب تعاني من نقص بالكوادر التعليمية، وهو ما يشير إلى أن عدد الاستقالات وطلبات الإجازة بلا أجر في قطاع التعليم “يفوق الآلاف”.

وهذا النقص والعجز تفاقم هذا العام “بشكل كبير”، خاصة مع قلة عدد المتقدمين لمسابقات التوظيف التي تجريها مديرية التربية، وقيام مدرسين ومعلمين من كلا الجنسين إما بالتقدم لطلب إجازة بلا أجر أو ترك التعليم بشكل نهائي، بحسب “حج طه”.

وحول خطط المديرية لحل هذا النقص، اكتفى نائب مدير التربية للتعليم الأساسي بالقول إن “الحكومة مطالبة بإيحاد حل، فالمعلم بحاجة لدعم كبير لكي يستمر في عطائه ويواظب على عمله، فمن دونها سيصبح التعليم والتربية بخبر كان”، في إشارة منه لضرورة رفع أجور الكوادر التعليمية.

وفي مدرسة بلدة حيان بريف حلب الشمالي، لا يختلف الحال  كثيراً، إذ تضم 9 شُعب صفية، لا يحضرها أكثر من 3 معلمين ومعلمات في بأفضل الأحوال، بحسب إدارتها.

تصف كوثر قجماني (31 عاماً)، معلمة في مدرسة حيان، واقع التعليم الحكومي خاصة في الريف بأنه “قاتم وسوداوي، فمعظم المعلمين غير قادرين على الدوام اليومي بسبب المواصلات وتدني أجور التعليم”.

وتشير المعلمة التي تسكن في حي شارع النيل بحلب، إلى أن بعض المعلمين من أبناء البلدة قدموا استقالتهم بحثاً عن عمل آخر أو بداعي السفر.

وتضيف: “الأجور الضعيفة وغياب الاهتمام الحكومي لهذه المدراس سيجعل منها أبنية خاوية من المدرسين والطلبة”.

ويبلغ متوسط رواتب الموظفين في المناطق الحكومية 100 ألف ليرة سورية شهرياً.

ويستاء علي زين العابدين (33 عاماً)، مدرس مادة الجغرافيا في مدرسة الزهراء الثانوية في ريف حلب الشمالي، من تدني قيمة راتبه، وخاصة أنه “لا يكفي أجور مواصلات للذهاب إلى المدرسة”.

يقول “زين العابدين”، الذي يسكن في مدينة حلب، إنه بات يفكر جدياً بترك مهنة التعليم والالتحاق بسوق العمل الحر أو السفر إن تمكن من ذلك.

يتساءل: “هل يعقل أن أتقاضى  120ألف ليرة شهرياً مع العلم أنني أدفع 150 ألفاً أجرة مواصلات للوصول إلى المدرسة”.

ويضيف: “الأفضل أن أترك التعليم وأبقى جليس المنزل على أن أتحمل مشاق وتعب الدوام اليومي دون الحصول على أجر مادي يؤمن لي على الأقل أدنى مقومات الحياة”.

إعداد: جورج سعادة – تحرير: سوزدار محمد