أرقام “كبيرة” لاستقالات وإجازات بلا راتب في مديرية التربية بحلب

حلب- نورث برس

تسعى ريم، جاهدة للحصول على إجازة ستة أشهر بلا أجر من عملها، في مدرسة قرية خلصة، بريف حلب الجنوبي، ولو مقابل دفع مبلغ مالي.

وترى ريم سواس، (30 عاماً)، أن الاجازة ولو دفعت عليها أموالاً، ولم تتقاضَ فيها الراتب الحكومي؛ أفضل من أن تتكبّد مشقة الوصول إلى مدرسة مع دفع راتبها للمواصلات.

ويحاول معلمون ومعلمات، في حلب، الحصول على إجازة بلا راتب، بسبب ضعف الأجور، وغلاء تكاليف الوصول إلى المدارس، بينما فضّل آخرون، طلب استقالتهم كلياً أو التقاعد مبكراً، للتفرُّغ للأعمال الحرّة.

وكانت “سواس”، تأمل أن يتم نقلها إلى مدرسة ضمن المدينة مع قرب العام الدراسي الجديد، “لكن بحجة عدم وجود شواغر”، لم يتحقق ذلك.

تقول المعلمة، إن شغفها الذي توقّد بأول تعيينها كمعلمة صف، تحوّل مؤخّراً لاكتئاب وحالة هروب من التعليم، فهي لن تستطيع تحمل نفقات دوامها اليومي إلى مدرستها التي تبعد عن منزلها في حي الحمدانية، حوالي 30 كم.

والعام الماضي، كانت “سواس”، برفقة معلمات؛ متعاقدات مع صاحب سيارة لإيصالهن إلى مدارسهن، مقابل 20 ألف ليرة أسبوعياً، باستثناء أجور التكاسي ضمن البلد، لحين وصولهن لمكان وقوف السيارة المخصصة لنقلهن.

لكن وضع هذا العام، تصفه المعلمة بأنه “كارثي”، فمعظم المعلمات اللواتي كنّ معها، إما تقدّمنَ بإجازة بلا أجر، أو تقدّمنَ باستقالة، أو تم نقلهن إلى مدينة حلب، بحسب قولها.

وقد يتحتّم على “سواس”، دفع كامل راتبها للوصول إلى مدرستها، نظراً لارتفاع أسعار المواصلات.

وبحسب سامر وحود، (33 عاماً)، اسم مستعار لموظف في مديرية التربية بحلب، فإن هناك أكثر من 3000 طلب استقالة، وأكثر من 6000 طلب إجازة بلا أجر، و650 طلب تقاعد مبكر، هذا العام من قِبل الكوادر التعليمية في مدارس حلب وأريافها.

ويرى الموظف الحكومي تلك الأرقام “كبيرة”، ففي حال وافقت عليها التربية، “ستُصاب المدارس في الريف والمدينة بالشلل التامّ”.

ولكن المديرية تدرس تلك الطلبات وتضع شروطاً صارمة لمن يحق له الحصول عليها، من بينها السفر للخارج للمّ الشمل، أو مرض، أو أمومة للمعلمات، “وعدا عن ذلك لن تتم الموافقة عليها”، بحسب “وحود”.

ويرى الموظف الحكومي، أن العاملين في سلك التربية، في مناطق الحكومة بحاجة لزيادة أجر أقلها 300٪.

ويبلغ متوسط رواتب الموظفين في المناطق الحكومية 100 ألف ليرة سورية شهرياً.

وطوال فترة العطلة الصيفية، سعى محمد الحسين، (45 عاماً)، أمين سر في مدرسة ثانوية بحي سيف الدولة، بحلب، جاهداً للحصول على إجازة سنوية لمدة عام، بعد أن رفض وزير التربية تقاعده المُبكّر.

وهذا العام، يصبح في سجل “الحسين”، الوظيفي لدى مديرية التربية في حلب، 24 سنة خدمة، وحاول التقدم بطلب للتقاعد المُبكّر والحصول على نسبة 70٪ من الراتب الحكومي والتفرُّغ للأعمال الحرة، لكن الوزارة رفضت طلبه “بحجة” كثافة طلبات الاستقالة هذا العام.

وتقدّم أمين السر، وهو رب أسرة مؤلفة من ستة أفراد، بإجازة سنوية “بحجة السفر إلى لبنان وتكلّفت أموالاً كثيرة”.

ويقول “الحسين”، إنه لم يعد بإمكانه تحمّل الأوضاع المعيشية، وضعف المبلغ الشهري الذي يتقاضاه من الحكومة، لذا فضّل أخذ إجازة للعمل كسائق تاكسي في المدينة.

ويتساءل: “الدوام المدرسي بات أشبه بمنفى، فهل من المعقول أن أرهن سنوات عمري المقبلة لراتب لا يتعدّى 150 ألف ليرة، ولا يكفي لتدبُّر معيشة أسرتي؟”.

إعداد: جورج سعادة – تحرير: سوزدار محمد