منبج – نورث برس
يبحث سالم عن سبيل لزراعة أرضه الواقعة في مرمى القذائف والنار، للقوات التركية والفصائل الموالية لها، ويحتار بين تأجيرها بسعر بخس، أو زراعتها، وهذا الأمر يهدد حياته بالخطر.
سالم الأحمد (48عاماً)، مزارع من سكان قرية الجات، الواقعة على خط التماس، شمالي منبج، شمالي سوريا، يتخوف من زراعة أرضه هذا العام، لاستهداف القوات التركية المستمر لقريته.
يتخوف سكان في ريف منبج الشمالي الغربي، في القرى القريبة من خطوط التماس، بين مجلس منبج العسكري والقوات التركية والفصائل الموالية لها، من زراعة أراضيهم، بسبب القصف التركي المستمر.
وتشهد القرى الحدودية وقرى خط التماس قصفاً من قبل القوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها، بقذائف الهاون والمدفعيات ورشق بالرصاص الحي، تستهدف تلك القرى بشكل عشوائي.
يقول “الأحمد”، إن الموسم الجديد على الأبواب، إلا أنه غير قادر على زراعة أرضه، ووضع تكاليف كبيرة، وقد تأتي قذيفة من الجانب التركي تكون سبب في فقدانه المحصول وحرقه، كما حصل مع سكان من تلك القرى في السنوات السابقة.
إذ تعرّضت القرية العام الماضي، لقصف مدفعي أدى إلى حرق مساحات واسعة من الأراضي المزروعة، وخسر أصحابها مبالغ كبيرة حينها، دفعوها لزراعة محاصيلهم، وفقاً لقوله.
وتتعرض القرى الواقعة على خطوط التماس بين مجلس منبج العسكري والقوات التركية والفصائل الموالية لها، لقصف مستمر بقذائف المدافع والهاون بالإضافة لقصف صاروخي، مما يسبب الهلع والذعر بين السكان.
وفي القرية القريبة من سكن “الأحمد”، بات مصطفى مقتنعاً بعدم زراعة أرضه هذا العام، يعود السبب لعشوائية القصف من جانب القوات التركية والفصائل المسلحة التابعة لها، وغالباً ما تسقط القذائف في الأراضي الزراعية.
يقول مصطفى العمر (52عاماً)، وهو مزارع من سكان قرية الكاوكلي، الواقعة شمال غربي منبج، إنه تيقن من صواب فكرته، حيث سيوفر على نفسه دفع تكاليف باهظة، لزراعة الأرض، “قذيفة واحدة ستنسف التعب والمال الذي سأدفعه”.
وفي ذات الاتجاه الذي سار فيه “العمر”، رافقه العديد من سكان قريته، ويوافقه آخرون أيضاً من قرى مجاورة تقع على ذات الخط، خوفاً على حياتهم من الاستهداف جراء عشوائية القصف، الذي غالباً ما يطال القرى الآهلة بالسكان.
فكرة عدم زراعة الأرض لم يتخذها “العمر” عبثاً، إذ سقطت في العام الماضي قذيفة تبعد بضعة أمتار عنه، بينما كان يعمل في أرضه، ترك حينها العمل، وهرب بأطفاله المرافقين له.
وفي العام 2017 أصبحت قرى في منبج، تفصل بين مجلس منبج العسكري، وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا، مع إنشاء قواعد للقوات التركية تطل على تلك القرى وتستهدفها في الغالب، بعد عملية أطلقت عليها أنقرة اسم “درع الفرات”.
ويطالب سكان قرى خطوط التماس، بوضع حدٍ لانتهاكاتٍ يتعرضون لها، وتوجهوا بمطالبهم إلى المجتمع الدولي والمسؤولين عن هذا الأمر بالتدخل وإيقاف التعديات بحقهم.
أما رأفت، لم يجد مصدر رزق غير أرضه التي يزرعها رغم القصف، ولكن المخاوف تساور الرجل في كل مرة يذهب لأرضه، لذلك يحرص على الذهاب بنفسه.
ورأفت السعيدي (60عاماً)، مزارع من سكان قرية الصيادة، شمال مدينة منبج، يقول، إن القصف التركي لقريتهم أصبح “أمراً معتاداً”، وأنه من غير الممكن زراعة الأراضي إذا استمر الحال على ما هو عليه.
لكنه وسكانٌ من قريته مجبرين، إذ يعتمدون في قوتهم على المحاصيل الزراعية، وأنهم في حال لم يتمكنوا من زراعة أراضيهم هذا العام، سيعانون الكثير، حيث يزرعون أراضيهم ليتمكنوا من جلب حاجيات أسرهم.
ويشير، منذ أن أصبحت القرية خط تماس يفصل بين مجلس منبج العسكري والقوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها، وهم يعيشون حالة من الهلع والخوف، بسبب تكرار القصف، ويتساءل: “كيف لنا أن نؤمن على حياتنا في أراضينا، إذا بتنا في بيوتنا غير آمنين؟”.