سكان في دمشق وحلب: انتخابات المجالس المحلية ورقة من تحت الطاولة
دمشق/ حلب ـ نورث برس
تقول روئ خيرو (45 عاماً)، وهي من سكان حي جمعية الزهراء بحلب، شمالي سوريا، منذ ثلاث أشهر وهي تنتظر انتهاء انتخابات الإدارة المحلية لإنهاء تقديم طلب الترميم الذي قدمته لمجلس المدينة بحلب.
وكانت السيدة الأربعينية قد تقدمت لمجلس المدينة بطلب لترميم بيتها الذي تعرض للقصف والدمار في الحي جراء المعارك التي كانت تدور فيه على مدار الأعوام الماضية، لكن انتخابات المجالس المحلية، حالت دون توقيع طلبها.
وأصدر الرئيس السوري في الثالث من شهر آب /أغسطس الماضي، المرسوم التشريعي رقم 2016 لعام 2022 والذي نص على إجراء انتخابات أعضاء المجالس المحلية في الثامن عشر من شهر أيلول / سبتمبر الماضي، بعد انقضاء مدة الدورة القائمة التي استمرت أربع سنوات.
وتسأل “خيرو” وهي تروي لنورث برس، إن كانت الحكومة لا تدعم السكان في إعادة الإعمار وتقف الموافقات عائقاً ضخماً بين موافقات مجلس المدينة (البلدية) وعودتهم لحياتهم ضمن بيوتهم.
وشهد شهر آب / أغسطس الماضي، ضمن المدن التابعة للحكومة السورية استنفاراً للقائمين على إجراء الانتخابات وإظهار الترشح كأنه “واجب وطني لدعم السكان في تسهيل أمور حياتهم اليومية”.
وأضافت “خيرو” أنها تسعى منذ أكثر من عام للوصول لحل لإعادة ترميم بيتها بالتنسيق مع الجوار من حولها وعند إتمام الأمر توقفت لانتهاء “الانتخابات الشكلية معروفة النتائج التي تعيق حياتنا لاستلام حرامي جديد بدل لص انتفخ”.
وفي العشرين من الشهر الماضي، أعلنت اللجنة القضائية العُليا للانتخابات، في الحكومة السورية, انتهاء انتخابات مجالس الإدارة المحلية، بعد صدور النتائج من قِبل اللجان الفرعية في محافظات عدّة، وشهدت النتائج سيطرة واضحة لقوائم حزب “البعث”، الحاكم في سوريا.
وتمّ إعادة الانتخابات في بعض المراكز, كمحافظة حلب وريفها، وريف دمشق، وحماة، وطرطوس, بالإضافة للسويداء, وذلك لتجاوز عدد المُغلَّفات في صناديق الاقتراع عدد الناخبين المُسجّلين في السجل الانتخابي، بحسب المصادر.
وأشارت “خيرو” إلى أنها ضد الأعمال التي يقوم بها فرع حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم “مقابل إظهار نتائج إعلامية أنها ناجحة وهي مسيسة وتسير ضمن توجيهات مسبقة ومعروفة النتائج”.
وما يفسر ذلك، بحسب “خيرو”، هو “وجود لوحات إعلانية ضخمة، تدل أن على ما خلف تلك المناصب، التي يتم دفع الملايين لدخول مجلس المدينة أو المحافظة، ما هو إلا لتحقيق مكاسب شخصية”.
وفي الرابع من شهر آب / أغسطس الماضي، أعلنت محافظة حلب، فتح باب الترشح أمام 2521 مقعداً في مكاتب المحافظة والبلدية.
وطلب فرع حزب البعث العربي الاشتراكي من الأعضاء التقدم إلى الترشح لإظهار المشاركة الشعبية ضمن الانتخابات “التي لم يبادر أحد للتقدم إليها خلال الأيام الأولى”.
وتقدم 6330 مرشح لـ2521 معقداً في الحادي عشر من آب / أغسطس، بعد إغلاق تقدم طلبات الترشح، بحسب مصدر مسؤول من محافظة حلب، لنورث برس.
وبحسب المصدر، فإن المحافظة تملك 183 دائرة انتخابية، خمس دوائر ضمن المدينة و163 دائرة كانت في أرياف المحافظة.
وتقسم المحافظة إلى 24 مدينة في الأرياف و119 بلدة و20 بلدية و100 معقد لمجلس المحافظة و50 لمجلس المدينة و200 مقعد لمجالس البلديات و666 في مجالس المدن.
وتنافس المرشحون من الفئة (أ) وهي من الموظفين الحكوميين التابعين لحزب البعث الحاكم والأحزاب السياسية الأخرى، وفئة (ب) لباقي المرشحين المستقلين من السكان في المجالس المحلية.
وأجرى حزب البعث العربي الاشتراكي في حلب الاستئناس الحزبي في الخامس عشر من أيلول / سبتمبر الماضي، ضمن القوائم التي سيتم سحبها من الانتخابات ومن سيبقى مرشحاً لنيل مقاعد للمشاركة.
وأقرت اللجنة القضائية المسؤولة عن الانتخابات في التاسع عشر من أيلول/ سبتمبر الماضي، إلغاء نتيجة الانتخابات في 3 مراكز بمدينة حلب ومركز في ريف حلب، بسبب اختلاف عدد مغلفات الانتخاب مع السجل الانتخابي وتحديد يوم آخر لإعادة الانتخاب فيها.
وفي الثاني والعشرين من أيلول / سبتمبر، صدرت الأسماء الناجحة من اللجنة القضائية ضمن الانتخابات وأظهرت فوز المرشحين الذين حصلوا على أعلى أصوات للمرشحين المستقلين.
وبتاريخ الثاني عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أقرت القيادة المركزية حمل رقم 338 برقم الجلسة 269 قائمة الوحدة الوطنية لانتخاب المكتب التنفيذي لمجلس محافظة حلب، ومجلس مدينة المركز، ورؤساء مجالس المدن.
وحصلت محافظة حلب لمجلسها على 10 أسماء ناجحين، 8 منهم جديدة واثنان من أسماء الدورة الماضية تكررت، و9 أسماء لمجلس المدينة يبقى رئيس البلدية السابق فيها، و24 أسماء لرؤساء المدن والبلدات في الأرياف.
وقال مؤمن فرواتي (40 عاماً)، وهو من سكان حي المارتيني بحلب، “الانتخابات سقطت في طبيعتها والناجح دفع”.
وأشار إلى أنه لم يعد يهتم “لمن سيكون هذا الكرسي أو ذاك طالما أعمالهم تسير بحسب المبالغ المدفوعة”.
ويعمل “فرواتي” في تجارة البناء ضمن المدينة ولا يكترث إذا كانت الانتخابات “شريفة” أم لا، “وطالما ظهر تزوير في عدة مراكز، والحقيقة تقول أنهم أعادوا الانتخابات لإنجاح من يريدون في الجديدة”، بحسب التاجر.
وتأمل فاطمة (33 عاماً) وهو اسم مستعار لموظفة حكومية من سكان منطقة صحنايا في ريف دمشق، أن لا يتبع المسؤولون الجدد سياسة “التطنيش”.
وترجوا أن تُحل مشكلة المياه في منطقة صحنايا وهي من أهم المشكلات التي تعاني منها منطقتها.
وتشير في حديث لنورث برس إلى أن أغلب سكان صحنايا يشترون المياه من الصهاريج وتكلفتها “مرهقة جداً”. مضيفة أن منطقة صحنايا من المناطق كثيفة السكان “لكنها مهملة خدمياً”.
ويأمل سكان في دمشق، تحسين الخدمات، وأن لا يكون الناجحون “صمٌ بكم عمٌ لا يسمعون ولا يرون” مآسيهم.
ويوضح وليد إسماعيل (43 عاماً)، وهو موظف حكومي من سكان منطقة المزة، أنه لم يرى قُبيل الانتخابات أي حملات تعريفية بالمرشحين ولم يضع سوى بعض المرشحين صوراً لهم وهي “خجولة جداً” في دمشق دون تبيان برنامج المرشح وما سيقدم للسكان بعد فوزه.
وشارك “إسماعيل” في انتخابات مجالس الإدارة المحلية بورقة بيضاء “فقط من باب المشاركة الوطنية”، لكنه لم ينتخب أي واحد منهم “لا أعرفهم ولا أعرف ماذا سيقدمون، لذلك الورقة البيضاء هي الحل”.
ويتساءل محمد الحركل (40 عاماً) وهو من سكان منطقة دويلعة، “كيف سينتخب المواطن من لا يعرفه ولا يعرف برنامجه الانتخابي, فسياسة شراء الأصوات ولت إلى غير رجعة”.
ويلفت “الحركل” النظر إلى أن الحملات الانتخابية كانت “شبه معدومة” في دمشق، “لم نعرف معظم وجوه المرشحين سوى أسمائهم على ورقة الانتخاب”.