الكوليرا تعلّق صادرات سوريا إلى دول الجوار

دمشق ـ نورث برس

منذ ثلاثة أسابيع، يوم أعلنت وزارة الصحة في الحكومة السورية، تفشّي الكوليرا في حلب، بسبب ري الأراضي الزراعية بمياه الصرف الصحي، بدأت تتداعى وتتزايد عدد الأراضي والمناطق الزراعية التي تُروى بمياه الصرف الصحفي، وخصوصاً بعد أن انتقلت الحالات إلى المحافظات.

آلاف الهكتارات التي تمّ إتلافها من قِبل وزارة الزراعة، لم تمنع ولم تثنِ السكان في مناطق سيطرة الحكومة السورية عن شراء الخضار والفواكه، في حين قلَّ استخدامهم للأوراق الخضراء “الخس، البقدونس، الفجل، السبانخ، السلق”، وغيرها.

وبعد عام على فتح معبر نصيب الحدودي؛ بين سوريا والأردن، وعودة الحركة التجارية بين البلدين وخصوصاً على صعيد الخضار والفواكه، أعلنت الأردن الامتناع عن استيراد الخضار والفواكه من سوريا، بعد إعلان وزارة الزراعة إتلاف الكثير من المحاصيل الزراعية في دمشق، وباقي المحافظات وتحديداً في بساتين الغوطة الشرقية.

وأصدرت السلطات الأردنية، قراراً بمنع استقبال أي شحنة منتجات غذائية قادمة من سوريا، بسبب انتشار مرض الكوليرا في البلاد، بعد أن أجرت فحوصات على 15% من حالات الإصابة بالإسهال اليومي، للتأكّد من عدم نقل المرض إلى أراضيها.

وبحسب تقارير صحفية، فمن المتوقع زيادة حملات الحماية من دول منطقة الخليج العربي، على اعتبارها الأكثر استيراداً للإنتاج الزراعي السوري، والأردن تعتبر منطقة عبور تلك السلع ولا يستهلك من الإنتاج الزراعي السوري إلا القليل.

وكان حجم التبادل التجاري بين سوريا والأردن؛ ارتفع إلى 85 ألف طن بقيمة 150 مليون دولار؛ خلال النصف الأول من العام الجاري، بحسب ما كشف مؤخّراً المدير العام للمنطقة الحرّة المشتركة، عرفان الخصاونة.

ووصف “الخصاونة”؛ خلال مقابلة مع التلفزيون الرسمي الأردني “المملكة”؛ النشاط التجاري بين الأردن وسوريا بالجيد، داعياً المستثمرين لزيارة المنطقة الحرة المشتركة لزيادة التبادل التجاري مع الجانب السوري.

وأكّد أحد أعضاء لجنة مصدريّ الخضار والفواكه، ورفض الكشف عن اسمه، لنورث برس، رفض الأردن لاستقبال أي خضار وفواكه من سوريا؛ بعد الكوليرا، لأن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الزراعة غير كافية.

وأشار، إلى ضرورة البحث عن بدائل مائية ليستطيع المزارعون سقاية أراضيهم بمياه حلوة، فنبع الفيجة وغيره “لم يعد يكفي السكان والمزارعين”، والآبار بالعموم “تعرّضت بمعظمها للجفاف نتيجة الأعمال العسكرية”.

وحمّل المصدر؛ مسؤولية بقاء الأسعار مرتفعة بهذا الشكل، لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، التي “لم تتدخل بشكل إيجابي حتى في هذه الكارثة”، على حدّ تعبيره.

وفي سياق أزمة المياه التي تستعد لها سوريا، وتتجاهلها الحكومة، أشار علي أحمد، (25 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالب ماجستير تخطيط إقليمي، إلى أن سوريا؛ “قادمة على أزمة مائية كبيرة في السنوات القادمة، وبالتالي جفاف، وقلة زراعة، والتحوّل للاستيراد مثل دول الخليج؛ والحكومة السورية غارقة في العسل!، الكوليرا إحدى التداعيات التي تعتبر مؤشّر خطير ناجم عن أزمة مائية، وشحّ في المياه”.

وتحاول وزارة الصحة السورية؛ بالتنسيق مع الحكومة، الدعوة إلى حملات توعية، دون الحديث عن مخاطر محتملة أو توسُّع في منحنى الإصابات بالكوليرا، إذا استمر الريّ بالمياه غير الصحية.

وفي الخامس والعشرين من الشهر الماضي، أعلن المكتب الإعلامي لوزارة الصحة، في الحكومة السورية، ارتفاع حصيلة الإصابات بمرض الكوليرا إلى 338 إصابة مؤكّدة، إضافة إلى 29 حالة وفاة.

وفي الداخل السوري، باتت الخضار لدى أبو علي، (45 عاماً)، وهو صاحب محل خضار وفواكه في المزة 86، بعد قصة الكوليرا، تتعرّض للكساد.

ويقول لنورث برس: “أصبحنا نبيعها بأقل من سعر التكلفة، مثلاً باقة البقدونس كانت أول الصيف بـ1000 ليرة سورية، اليوم إذا وجدتها بمحل خضار؛ يبيعها الثلاث باقات بألف، نظراً لامتناع الناس عن الشراء”.

ويتساءل مستغرباً: “الخس والبقدونس والفجل والسبانخ والسلق وغيرها، باتت شبه مقاطعة، لكن السكان لم يتوقفوا عن شراء الفواكه والخضار الأخرى؛ مع أنها تُسقى بنفس المياه التي تُروى منها الخضار ذات الأوراق الخضراء”.

وامتنعت علا عيسى، (40 عاماً)، وهي مدرّسة في دمشق، عن شراء أي شيء يتعلق بالخضار الخضراء، بعد أن كانت “التبولة” (طبق سوري من مجموعة خضراوات تتضمن البقدونس والخس وغيرها)، طقس أسبوعي في منزلها.

“عيسى”؛ تنتظر حالياً مشروعها الجديد على شرفة بيتها المتواضعة، حيث أتت بعبوات صغيرة “فلين الخضار” وعبأتها بالتراب، ورشت فيها بذار البقدونس وتسقيه من مياه الفيجة التي تأتي إلى منزلها، لتضمن سلامة أسرتها بصنفِ البقدونس على الأقل، لأنه الأكثر تأثُّراً بالمياه حسب معلوماتها.

وتقول، لنورث برس: “لا نستطيع الامتناع عن تناول كل شيء، فالخضار مهمة جداً لجسم الإنسان، واللحوم غالية، لكن ما فعلته كربَّة منزل، زدت أساليب تعقيمي لكل شيء، كل الخضار أصبحتُ أعرّضها للنقع بالملح والخل، قبل الطبخ والطهي”.

إعداد: دهب المحمد ـ تحرير: قيس العبدالله