زراعات بنكهة الصّرف الصّحي في أرياف مدنٍ سورية

دمشق ـ نورث برس

البحث عن مصدر الإنتاج الزراعي المعروض في الأسواق، محطّ اهتمام الكثير من المستهلكين السوريين، وذلك لمعرفة نوعية المياه التي استخدمت في الريّ.

بينما يُدلّل البعض الآخر على منتجاته، مؤكِّدين أنها من مناطقٍ لا تستخدم مياه الصّرف الصّحي في السّقي.

ظاهرة استخدام مياه الصّرف الصّحي في تفاقم بعد الحرب، وذلك بسبب تعطُّل شبكات الريّ؛ كما يقول مزارعون، لنورث برس، ولعدم توفُّر المياه العذبة وارتفاع تكاليف ضخّها أو الحصول عليها، الأمر الذي يجعل الاعتماد على مياه الصّرف الصّحي “سلوكاً اعتيادياً”.

عدنان علو، مزارع من ريف دمشق، يقول لنورث برس، إن الكثير من المزارعين يرغبون في استخدام مياه الصّرف الصّحي أكثر من المياه العذبة.

وأرجع “علو”، السبب في ذلك؛ “لأنها توفِّر عليهم استخدام الأسمدة”، ويُضيف: “لا حاجة لاستخدام الأسمدة عند الريّ بمياه الصّرف الصّحي؛ على عكس الحال مع المياه العذبة”.

ويشير “علو”، إلى أن الكثير من المزارعين في ريف دمشق، “يعمدون إلى ثقب القساطل المُخصّصة للصّرف الصّحي، ويفتحون قنوات لتجميع مياهها، والرّي منها عند الحاجة”.

وعند الاستفسار عن الفترة الزمنية التي مرّت على استخدامهم لهذا النوع من المياه؛ أكّدوا بأنها “قديمة”، لكنها ازدادت وتوسُّعت المساحات المرويّة بالصّرف الصّحي “بعد الحرب بسبب مشاكل الريّ بالمياه العذبة”.

لجان للمراقبة

تنتشر ظاهرة الريّ بمياه الصّرف الصّحي، في المناطق المجاورة للمدن الكُبرى؛ التي تُنتج الكثير من مياه الصّرف الصّحي.

وتُشير تقارير وزارة الزراعة، في الحكومة السورية، إلى أنه تمّ تشكيل لجان مهمتها متابعة موضوع الريّ بالصّرف الصّحي؛ منذ عام 2000، وأن هذه اللجان “كثّفت من عملها مؤخَّراً بعد حدوث إصابات في الكوليرا”.

والأربعاء الماضي، أكّدت وزارة الصحة في الحكومة، في بيان، أن عدد الإصابات المُثبتة بالكوليرا بلغ 53 إصابة، موزّعة على خمس محافظات، العدد الأكبر منها في حلب، وأفادت عن سبع وفيات، أربع منها في محافظة حلب أيضاً.

وأشارت إحصاءات وزارة الزراعة، إلى أنه “تمّ إتلاف أكثر من 365 دونماً، في كل من: ريفي دمشق وحلب هذا العام”، حيث تنتشر هذه المناطق على نهر قويق، في ريف حلب، مثل (النيرب، الشيخ سعيد، الأنصاري، وخان طومان)، وفي مناطق (قطنا، دوما، داريا، القطيفة, النبك والتل من ريف دمشق).

ويتمّ التركيز على حراثة الأراضي المروية بالصّرف الصّحي، والمزروعة بالخضار التي تُؤكل دون طهي : كالحشائش والفليفلة، وغيرها، لخطورتها على الصحة.

آثار خطيرة

وأشار مصدر، في وزارة الزراعة، لنورث برس، إلى أن تأثير الريّ بمياه الصّرف على المزروعات؛ “سلبي بشكلٍ كبير على المدى القريب والبعيد؛ لما تحتويه من طُفيليات، وفيروسات، وبكتيريا، تُسبّب العديد من الأمراض والأوبئة”.

وتؤثّر مياه الصّرف الصّحي، على تركيب التربة الزراعية، وصلاحيتها للاستثمار الزراعي، إضافة لخطرها على الصحة العامة، من خلال مساعدتها على انتشار الأمراض، ويظلّ خطرها الأكبر على الخضار النيئة.

وأضاف المصدر، أن مياه الصّرف الصّحي “تُسبّب أمراضاً مثل السالمونيلا، والقولونيات البرازية، وبيوض الديدان الطُفيلية، إضافة للمركّبات الخطيرة التي تُنقل للإنسان والحيوان الذي يتغذى على هذه النباتات التي تقوم بامتصاص هذه الأملاح، وخاصة التراكيز العالية من أملاح النترات التي تُسبب فقر الدم عند الأطفال، وسرطان البلعوم والمثانة”.

عقوبات

ينصّ القانون السوري، على عقوبات لاستخدام المياه الملوّثة، حيث تنصّ المادة 35، من قانون عقوبات التشريع المائي؛ الصادر عام (2005)، على عقوبة السجن التي تتراوح من 3 أشهر إلى السنة، أو غرامة مالية بين 25- 50 ألف ليرة سورية؛ على من يستخدم المياه الملوّثة في الريّ.

وبالتأكيد مياه الصّرف الصّحي من بين المياه الملوّثة، “ولكن حجم المساحات المرويّة بمياه الصّرف الصّحي؛ تؤكِّد عدم الجدوى من العقوبات الواردة في القانون”، بحسب سكان في أرياف دمشق.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله