معامل البلوك تصارع البقاء شمال الحسكة في ظل جمود الحركة العمرانية
تل تمر – نورث برس
بالقرب من الطريق العام، يسترق حسين الجاسم (35 عاماً) وهو صاحب معمل للبلوك في بلدة تل تمر شمالي الحسكة، شمال شرقي سوريا، نظراته للمارة على آمل أن يرتاده زبون في ظل جمود حركة البيع والشراء.
وأثر القصف التركي المستمر على محيط البلدة على حركة البناء، ليمضي “الجاسم”، يومه كما باقي أصحاب المعامل في المنطقة، دون بيع أي شيء منذ أسابيع.
ومنذ تمركز القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها، على مشارف تل تمر منذ تشرين الأول / أكتوبر 2019، يتعرض محيط البلدة لقصف متواصل، الأمر الذي يثير المخاوف والقلق لدى السكان لاستثمار أموالهم في البناء.
وما زاد الموقف تعقيداً التهديدات التركية مؤخراً بشن عملية عسكرية جديدة على الأراضي السورية.
ويصف “الجاسم” الذي يملك معملاً للبلوك منذ 13 عاماً، حركة البيع بـ”السيئة، لا يوجد بيع نهائياً، العالم خائفة، فمن لديه كم قرش يوفرها لعدم معرفة مستقبل المنطقة”.
وشهرياً بالكاد يبيع صاحب المعمل 100 قطعة بلوك كحد أقصى، في حين يدفع آجار قطعة الأرض التي حولها لمعمل نحو 200 دولار شهرياً.
وعلى وقع ركود حركة العمل، يوضح الثلاثيني وهو أب لخمسة أولاد، بأنه بدأ جدياً بالبحث عن عمل بديل في ظل جمود حركة عمله.
ويضيف: “منذ نحو سنة ونحن نعيش بهذه الحالة، كان لدي عمال انقطع رزقهم، وإذا بقي الوضع هكذا سأغلق باب المعمل”.
ورغم وقوعها على خط التماس، إلا أن البلدة وريفها تأوي الآلاف من النازحين من القرى التابعة للبلدة الواقعة على خط النار ونازحين من منطقة سري كانيه (رأس العين) وهو ما زاد الطلب كثيراً على المنازل.

وتنتشر في البلدة العديد من الأبنية على الهيكل وقيد الإنشاء، إلا أن المخاوف الأمنية في ظل التهديدات التركية المستمرة وانهيار قيمة الليرة السورية وارتفاع أسعار مواد البناء، دفع أصحابها للتوقف عن إكمالها.
وأمام مكتبه على أطراف البلدة، يقول عبدالقادر محمد وهو صاحب مكتب عقاري، إن الطلب على منازل الآجار أكثر من الشراء بسبب الخوف من الأوضاع الأمنية إلى جانب انهيار قيمة الليرة السورية.
ويشير “محمد” هو الآخر إلى أنه يبحث عن عمل بديل بسبب ركود حركة العمل، “إذا حصّلت عملاً آخر سأغلق باب المكتب”.
وأمام هذا الواقع المرّ، يصارع أصحاب المعامل لإبقاء أبوابها مفتوحة في ظل عدم توفر عمل بديل أفصل ولا سيما في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تعاني منها المنطقة.
ويوضح أصحاب معامل البلوك والإسمنت والحديد في تل تمر، بأن الحركة العمرانية قبل وصول القوات التركية إلى مشارف البلدة، كانت تعيش حالة ازدهار وانتعاش غير مسبوق لم تشهده منذ سنوات طويلة.
ويقول عزيز غرو(46 عاماً) وهو من أقدم أصحاب معامل البلوك في البلدة، إن حركة العمل في العامين الأخيرين باتت تتجه من سيء إلى أسوأ بسبب المخاوف وعدم الاستقرار.
ومنذ عشرة أيام لم يبع “غرو” بلوكة واحدة، وهو ما يضعه أمام تحديدات حول كيفية تأمين المصاريف المعيشية اليومية لأسرته.
وبينما يقف الرجل تائهاً لعدم وجود حلول بديلة، يشير إلى أنه يسعى للحفاظ على مهنته التي يعمل بها منذ 25 عاماً،
ويضيف: “نأمل أن تتحسن الأوضاع ويعود كل شيء كما السابق”.