تحركات للجولاني تناقض سياسات الهيئة في مناطق إدلب

إدلب- نورث برس

تناقض زيارة زعيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، لقرى المسيحيين بريف جسر الشغور، وقبلها لجبل السماق الذي يقطنه الدروز شمال غربي إدلب، السياسية التي تنتهجها الهيئة تجاه الطائفتين.

بعد تواتر ظهوره بلباس مدني، خلال الفترة الماضية، ظهر أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، مؤخراً، حاملاً في جعبته مسعاً جديداً يتحدث فيه عن “مشروع سُنيّ”.

ومنذ بداية العام الجاري، سجل الجولاني 15 ظهوراً بلباس مدني، كان أولها عند افتتاح طريق حلب- باب الهوى والحديث عن مشاريع اقتصادية ووعود بخلق بيئة اقتصادية واستثمارية، كما زار مخيمات دير حسان، وأحد معسكرات الهيئة، واستعرض في أريحا إنجازات الهيئة، كما زار قرى جبل السماق، ذات الغالبية الدرزية، وغيرها.

وأشارت تقارير سابقة لنورث برس، إلى ما تعانيه قرى جبل السماق (جبل الدروز) من إهمال للواقع الخدمي والتعليمي، وصفها سكان بالمتعمد.

ويضم جبل السماق قرى “بنابل- قلب لوزة- بشندلنتي- كفر كيلا- كفر مارس- حلله وتلتيتا- كوكو وبشندلايا”، ويبلغ عدد سكانه أكثر من 15 ألف نسمة غالبيتهم من المكون “الدرزي” وتتبع إدارياً لمنطقة حارم شمال إدلب.

كما يحضر هنا، ما انتهجته الفصائل المتشددة، منذ سيطرتها على مناطق إدلب عام 2015، وتقدمتها هيئة تحرير الشام، من سياسية التضيق على أبناء الطائفة المسيحية، ناهيك عن مصادرة أملاكهم وبيوتهم وإغلاق كنائسهم ومنعهم من ممارسة طقوسهم الدينية.

وقبل يومين، أثارت زيارة الجولاني لقرى المسيحيين في منطقة جسر الشغور جنوب غربي إدلب جدلاً واسعاً في الأوساط المتشددة المناهضة للهيئة.

ورأت تلك الأوساط في الزيارة “تحدياً صريحاً للتيار المتشدد الذي بدأت تتعالى أصواته داخل تحرير الشام وبات يهدد بيتها الداخلي”.

“تصريحات مستفزة”

وقال المحلل السياسي السوري نصر اليوسف، الذي يقيم في العاصمة الروسية موسكو، إن زيارة الجولاني للإخوة المسحيين “جاءت على خلفية الانتقادات الواسعة التي ثارت على تصريحه السابق المتمثل في إقامة كيانٍ سني”.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال الجولاني إن المشروع الذي يسعى إليه من خلال حكومته “الإنقاذ” في مناطق سيطرتها شمال غربي سوريا، هو “مشروع سُنيّ”.

وجاء حديث الجولاني في تسجيل مصور نشرته حكومة “الإنقاذ” الجناح المدني لهيئة تحرير الشام، على صفحتها الرسمية في فيسبوك، ظهر فيه مع مسؤولين في “الإنقاذ”، بمناسبة عيد الضحى.

وأضاف “اليوسف” لنورث برس: “لم يدرك الجولاني أن هذا التصريح يستفز المكونات الأخرى، ويستفيد منها النظام وحلفائه الطائفيون بالدرجة الأولى”.

وكأن تصريحه بإقامة كيان سني، “جاء بمثابة صب الماء على ناعورة النظام”، بحسب ما وصفه المحلل السياسي.

وأضاف: “النظام الذي اتهم الثورة الأولى بأنها فورة سنية، وليس ثورة، سيقول، كنا نقولها منذ البداية وكنتم لا تصدقوننا، يا أبناء المكونات غير السنية، ويا أيها المجتمع الدولي”.

وقال المحلل السياسي، إن “إخوتنا المسحيين والدروز لن يكونوا مطمئنين لكلامه، لأنه أفصح عن مخطط يخيفهم وسيكونون فيه مواطنين من الدرجة الثانية”.

“أهداف أخرى”

ويرى “اليوسف”، أن اجتماعات الجولاني الأخيرة، تأتي “متسقة مع جهوده التي بدأها منذ فترة، لتقديم نفسه للعالم الخارجي على أنه إنسان غير متطرف وقابل للتفاوض والتعاون”.

وأضاف، أنه منذ أن بدأ الجولاني، “يرتدي ألبسة غير أفغانية وبدأ يدلي بتصريحات للصحافة الأجنبية، كان الهدف إظهار نفسه على أنه إنسان منفتح غير متطرف، ويمكن التعاون معه، كي يحجز لنفسه كرسياً في سوريا المستقبل”.

وتسيطر تحرير الشام، التي ظهرت لأول مرة في سوريا نهاية العام 2012، على منطقة إدلب وأجزاء من ريف حلب بعد طردها الفصائل الأخرى الموالية لتركيا.

ومنتصف العام 2018، صنفت الولايات المتحدة الأميركية الهيئة التي يقودها الجولاني وكل فصيل له صلة بها كـ”منظمة إرهابية”.

وشدد المحلل السياسي نصر اليوسف على أن “الشعب السوري واحد، وسوريا بدها حرية وكرامة فقط، وليس إنشاء مكونات وكانتونات درزية سنية علوية أرمنية كردية”.

إعداد وتحرير: فنصة تمو