تكاليف المواصلات والمعيشة والتجنيد الاجباري.. أبرز مشاكل طلبة الجامعات في السويداء

السويداء- نورث برس

يضطر جابر عمر وهو اسم مستعار لطالب في كلية الهندسة التطبيقية بجامعة دمشق، للتغيب عن كل المحاضرات غير الإلزامية، في محاولة منه لتوفير بعض مصاريفه اليومية التي تجد عائلته صعوبة في تأمينها.

ويقول الطالب وهو من سكان مدينة السويداء، إن المصاريف اليومية والمواصلات تفوق قدرة والده المادية، كما أن السكن في دمشق “مكلف”.

والعام الماضي، قام “عمر” وهو طالب في السنة الثانية، بتوقيف تسجيله في فصل دراسي كامل في فترة مر والده فيها بظرف صحي استهلك كامل مردوده المالي.

ويعمل والد “عمر”  فني تمديدات صحية، وهو شرطي متقاعد وبالكاد “يكفي راتبه مصاريف العائلة”.

ويعاني طلاب جامعيون من السويداء، يدرسون في جامعات خارج محافظتهم، من ارتفاع تكاليف المواصلات والمعيشة، إضافة إلى التجنيد الإجباري الذي يدفع بعضهم لعدم العمل باختصاصاتهم بعد التخرج، وذلك بعد انتهاء المدة المحددة للالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية.

ويرى كرم الزين وهو اسم مستعار لطالب في كلية هندسة الأتمتة الصناعية في طرطوس، أن تردي الخدمات المعيشية العامة “يكون وقعه أقسى على الطلبة الذين يقطنون خارج محافظتهم لصعوبة التأقلم مع تردي الكهرباء والماء وصعوبة الحصول على الخبز”.

 ويضيف وهو من سكان ريف السويداء، “المستقر في مدينتي يمكن أن يجد حلولاً بديلة عن هذه المشكلات، بيد أن الطالب الجامعي لا يستطيع تجهيز مكان سكنه بالبدائل المكلفة جداً”.

200  ألف شهرياً

ومع زيادة تردي الواقع المعيشي وانهيار العملة السورية، عانى سكان السويداء كباقي السوريين من صعوبة تعليم أولادهم في المرحلة الجامعية خصوصاً من يدرسون خارج المحافظة.

والعام الماضي، اضطر أسامة العلي وهو اسم مستعار لموظف حكومي في مديرية الموارد المائية في السويداء لبيع بستان يملكه في الريف الشرقي للمحافظة في سبيل إتمام ابنيه دراستهما الجامعية.

وشهرياً، يرسل الموظف لابنيه، قرابة 400 ألف ليرة سورية، ليتمكنا من دفع إيجار المنزل، إضافة لمصاريف المعيشة والجامعة من كتب ومحاضرات وأدوات رسم هندسي ومواصلات يومية للكلية.

ويقول “العلي” وهو والد لطالبين يدرسان قسم الهندسة المعمارية في جامعة البعث بمدينة حمص، إنه في نهاية العام  الجاري سيكون قد أنفق كل ثمن البستان.

وينوي الأب تعليم أحد أولاده حتى يتخرج مع إيقاف تسجيل ولده الآخر، “فمن المستحيل أن أستطيع تعليمهما معاً”.

ويحتاج الطالب الجامعي الذي يدرس خارج محافظته بأدنى تقدير إلى مئتي ألف ليرة سورية شهرياً، وفق شهادات عدد من الطلاب.

وأمام هذا الحال، يتوجه البعض لسوق العمل مع محاولة عدم الانقطاع التام عن الدراسة، وذلك للتمكّن من تسديد مصاريف دراستهم.

وفي الوقت الذي لا ينكر بعض الطلبة أن العمل لساعات طويلة يؤثر سلباً على نتائجهم، يقول آخرون إنهم يتمكنون من التوفيق بين الدراسة والعمل في آن واحد بهدف التخفيف من الأعباء الاقتصادية عن ذويهم.

التجنيد الإلزامي

وتقف قضية التجنيد الإلزامي حاجزاً أمام الراسبين عامين متتالين أو المتخرجين من طلبة الجامعات لمواصلة حياتهم بشكل طبيعي.

 ويقول بشار حمشو (23 عاماً) وهو متخرج حديثاً من كلية العلوم في السويداء، إنه عندما تخرج كان لديه تأجيل ستة أشهر لكنه لم يستطع السفر خلالها، وبات الآن متخلفاً عن الخدمة ولا يستطيع السفر أو الحصول على وظيفة.

وكانت مدة الخدمة العسكرية قبل اندلاع الحرب في سوريا محددة بـ18  شهراً، إلا أنه ومع احتدام الحرب، صار يضاف إلى الخدمة الإلزامية خدمة الاحتياط.

وتحتفظ قوات الحكومة السورية منذ أحداث مارس/ آذار 2011 بعشرات الآلاف من المجنّدين وصلت مدة خدمة القسم الأكبر منهم إلى تسع سنوات، وهذا ما يخشاه الشباب من هم في سن الالتحاق بالخدمة.

ولا تُفصِح وزارة الدفاع السورية عن عدد المجنّدين والمُحتَفظ بهم، لكن مواقع عالمية منها “غلوبال فاير باور” يقدِّر أعدادهم بنحو 140 ألفاً.

وأمام هذا الحال، تكون خيارات خرجي الجامعات إما السفر لخارج البلاد أو التخلف عن الخدمة العسكرية ومزاولة أعمال مغايرة لدراستهم في ظل ازدياد نسبة البطالة وكسادٍ اقتصادي.

ويضيف “حمشو” باستياء، “توقف مستقبلي وأنا الآن أعمل مع والدي في متجر صغير في المنطقة الصناعية ولن أقدر على استثمار شهادتي وما تعلمته طوال سنوات في الجامعة”.

إعداد: عمر الزين- تحرير: سوزدار محمد