حصار الشيخ مقصود يشكل طوابير طويلة أمام أفران خارج الحي
ريف حلب الشّمالي – نورث برس
حالما تنهي، حياة هورو (50 عاماً) من سكان حي الشّيخ مقصود في حلب، طعام السّحور، تتجه إلى أحد الأفران شمال غربي حي الأشرفية الخاضع لسيطرة حكومة دمشق، نظراً لتوقف الأفران في حييها.
وتقول حياة لنورث برس، إنها تقف لساعات طوال أمام باب الفرن وهي صائمة لتحصل على ربطة خبز، إذ توقف سبعة أفران في الأحياء المُحاصرة عن العمل منذ أكثر من ثمانية عشر يوماً، بسبب نفاذ الطحين.
وتشير السّيدة إلى أنّ الأمر لا يخلو من “الشّتائم” التي يتلقاها السّكان الذين يقفون في طوابير على باب الأفران، “هم ينزعجون لأننا نحصل على الخبز من مناطقهم”.
وتنحدر حياة من قرية خضرنلي التّابعة لناحية بلبل بريف عفرين، شمال حلب، إلا أنها نزحت وأسرتها بعد سيطرة القوات التّركية عليها في 2018.
وتحتاج عائلة السّيدة إلى ربطتي خبز يومياً، كانت تحصل عليها قبل الحصار بـ 400 ليرة سورية، والآن وصل سعرها لـ 4 آلاف ليرة سورية.

ولا يتوقف الأمر على الخبز فقط، فالسَّكان يعانون صعوبات تأمين كافة المُستلزمات الضّرورية في ظل ارتفاع الأسعار، نظراً “للحصار من جهة، واحتكار التّجار الذين يخزنون المواد ويهمهم ملء جيوبهم من ناحية أخرى”، حسب حياة.
إجراءات مشددة
ويعاني زوج السيدة من مرض التهاب الكبد الفيروسي “B”، ويحتاج إلى 25 ألف ليرة أسبوعياً، لشراء ستة أنواع من الأدوية، “معظم الأدوية غير متوفرة، فالفرقة الرّابعة تفرض ضرائب كبيرة على دخولها الحي”.
ومنذ الثالث عشر من آذار/مارس الماضي، تفرض الفرقة الرّابعة حصاراً على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، وتمنع دخول الطّحين والأدوية والمحروقات إليهما.
والعام الماضي، عملت حكومة دمشق على فرض إجراءات مشددة على أحياء في حلب، إذ منعت وصول مواد طبية إلى المنطقة وكذلك ضيقت الخناق على إدخال مادة المازوت، علماً أنها فعلت ذلك لأكثر من مرة بعد استعادة سيطرتها على أجزاء من حلب في 2016، حسب سكان.
وسابقاً كانت جميع الحواجز المحيطة بالأحياء، يديرها عناصر أمن الدّولة، الذين فرضوا الحصار لفترات متقطعة، حتى فُرز عناصر الفرقة الرّابعة منذ سنة وثلاثة أشهر مكانهم.
ويقول سكان إنّ المضايقات كثرت، من حيث التّدقيق على البطاقات الشّخصية (الهويات)، وإيقاف الدّاخلين والخارجين بطوابير ولساعات طويلة، فضلاً عن فرض ضرائب كبيرة على المواد التي تمر إلى الأحياء.
ويتخوف سكان الأحياء المحاصرة من حمل مبالغ مالية ضخمة، تحسباً لمصادرتها على الحواجز، حسب تقرير لنورث برس.
ومن جانبه يقول محمد شيخو الرّئيس المُشارك لمجلس حيي الشّيخ مقصود والأشرفية، إنّ المشكلة بدأت مع اعتراض عناصر الفرقة الرّابعة لشّاحنة محملة بالسّكر على معبر الجزيرة، أثناء دخولها الشّيخ مقصود.
ويضيف: “حصلت مشادة كلامية بين السّائق وعناصر الفرقة، الأمر الذي تطور لإطلاق النّار على إطارات السّيارة، لمنعها من الدّخول، ومن وقتها تمنع الحواجز دخول الطّحين”.
وينتشر حول الحيين المُحاصرين، أربع حواجز وهي حاجز “الأشرفية، الجزيرة، العوارض والشّقيف”.
صعوبات جمة
ولم يجتمع مجلس الحيين آنفي الذّكر، مع الجهات الحكومية، وحتى الآن لا بوادر للحل، إذ لا يوجد توضيح من الحاجز عن سبب الحصار، سوى تبرير بأنهم تلقوا الأوامر من الجّهات العليا، حسب “شيخو”.
ويحمل بكر إسماعيل (50 عاماً) من سكان حي الشّيخ مقصود، ربطة خبزٍ بيده، جلبها من فرن في محطة بغداد وسط حلب، وهو متجه نحو منزله برفقة شقيقه، في السّاعة التّاسعة صباحاً، بعد أنّ خرجا في السّاعة الخامسة والنّصف فجراً، ليقفا في طابورٍ طويل.
ويقول “إسماعيل”، إنّه فضلاً عن ثمن الخبز، يذهب سيراً على الأقدام، بعد أن كان يدفع 400 ليرة إجاراً للمواصلات، نظراً لأن تكلفة التوجه إلى الفرن والعودة منه 800 ليرة سورية.
ويضيف المعيل لخمس أفراد “هكذا سنحتاج يومياً لـ1200 ليرة سوريّة يومياً، لنحصل على ربطة خبز”.

ويقطن في الحيين المحاصرين حوالي 25 ألف عائلة، تعاني من نقص في كثير من المواد وارتفاع الأسعار، وبجملة عامية يوضح الخمسيني وضعه “أنا كإنسان ضعيف الحال تفرق معي 400 ليرة”.
ويأمل الرّجل بإيجاد “حل سريع” على حد وصفه، وأنّ يؤخذ بعين الاعتبار أنّ معظم السّكان ما يزالون موظفين في المؤسسات الحكومية، إلا أنّ طريقة التّعامل معهم تشعرهم بأنهم “غرباء”.