الخوف من حمل مبالغ مالية.. جزء مما يعيشه سكان الأحياء المحاصرة في حلب
حلب – نورث برس
لا يستطيع حسن ماردنلي (25 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان حي الشّيخ مقصود، شمالي حلب، حمل أي مبالغ مالية، في ظل الحصار الذي تفرضه عليهم الفرقة الرّابعة التّابعة للحكومة السّورية منذ أكثر من 30 يوماً.
ويقول الشّاب، لنورث برس، إنّ “أبو زيد” كنايةً على الرّجل القوي، هو من يحمل معه مئة وخمسون ألف ليرة سورية على الأكثر، عند دخول وخروج من الحي، لأنهم يتعرضون للتفتيش على الحواجز ولا سيما معبر الجّزيرة بشكل يصفه بـ “المبالغ به”.
والعام الماضي، عملت الحكومة السّورية على فرض إجراءات مشددة على أحياء في حلب، إذ منعت وصول مواد طبية إلى المنطقة وكذلك ضيقت الخناق على إدخال مادة المازوت، علماً أنها فعلت ذلك لأكثر من مرة بعد استعادة سيطرتها على أجزاء من حلب في 2016، حسب سكان.
ويشير “ماردنلي” إلى أنّ التجار وحدهم من يُسمح لهم بحمل ما يعادل الـ400 دولار أميركي فقط، “والتّعامل التّجاري أغلبه عن طريق الحوالات المصرفية”.
“تعامل غير أخلاقي”

ويلقى السّكان على الحواجز تعاملاً “غير أخلاقي” على حد تعبير العشريني، إلا أنهم مجبرون على تقبل ذلك في حال أرادوا الدّخول والخروج إلى أحيائهم.
وذلك رغم صدور قرار من حكومة دمشق بإيقاف الفيش حتى إغلاق مراكز التّسوية في الأرياف، حسب تصريح موفد الحكومة لتسيير عمل اللجنة العسكرية المسؤولة عن هذه المراكز.
ولكن من جديد تُحاصر الحكومة السّورية الأحياء بشكل مُتقطع مُنذ ما يقارب الشّهر، الأمر الذي تسبب بنفاذ الطّحين من الأحياء المُحاصرة وتوقف الأفران عن العمل.
ويلفت “ماردنلي” الذي يملك سجلاً تجارياً للألبسة في الحي، النّظر إلى أنه غير قادر على الاستفادة منه، نتيجة “المُمارسات التّعسفية” التي ذكرها.
وبدأ ظهور علامات الحصار، بعد سماع إطلاق نار كثيف من جانب حاجز للحكومة، الأمر الذي دفع قوى الأمن الدّاخلي لاستقدام عناصر لدعم معبر مغسلة الجزيرة، حسب شهود عيان.
وتتوزع الحواجز التّابعة للحكومة السّورية على مداخل حي الشّيخ مقصود من أطراف الشّقيف والعوارض ومغسلة الجزيرة والسّكن الشّبابي، وقرب الدّوار الثاني من حي الأشرفية وبني زيد والسّكن الشّبابي وطريق الكاستيلو شمالاً.
تضارب في الأقوال
ويكشف مصدر أمني مسؤول في الحكومة السّورية، لنورث برس، فضل عدم ذكر اسمه، أنّ الإجراءات المُتبعة على حيي الشّيخ مقصود والاشرفية غير موجهة للسكان، “لم نمنع خروج ودخول أحد”، حسبما يقول.
ولفت النّظر إلى أنّ الحصار عبارة عن رد فعل “على قتل أحد عناصرنا على يد القوات المُسلحة في الحي على حاجز المقابر نهاية الشّهر الماضي”.
ومن جانبه يذكر مصدر من مندوبي كبرى شركات التّنظيف في سوريا، رفض الكشف عن اسمه، أنّ الحواجز الأمنية عند مدخل العوارض منعتهم من دخول الحي، بالرّغم من أنّ الشّركة تملك تصريحاً وموافقات رسمية للدخول والخروج.
ولم يوافق عناصر الفرقة الرّابعة على الحاجر على دخول السّيارة إلا بعد دفع 50 ألفاً، عن كل مرة تدخل فيها، الأمر الذي دفع الشّركة للرفض، لأنّ ذلك سيعود عليها بالخسارة، حسب المندوب.
محاولة تزوير الحقيقة

ومن جانبه، يقول حسن معمو (45 عاماً)، اسم مُستعار لأحد سكان حي الأشرفية جانب جامع البدوية، إنّ “قناة إعلامية، سعت لإجراء لقاءات مع سكان الحي ممن حصلوا على بعض الخضار والخبز، على وجه الخصوص، ليظهر للناس أنه لا يوجد حصار في الحي.
وأضاف: “حاول الكادر الإعلامي الذّي بقي لمدة ساعة ونصف تقريباً، الحصول على تصريحات تُكذب واقع الحصار، إلا أنّ أغلب السّكان امتنعوا عن الإجابة”.
ومنذ بدء الحصار، شهدت أسواق الحي ارتفاعاً ملحوظاً، في أسعار العديد من المواد، ولا سيما تلك التي تعتمد على الطّحين في انتاجها، وتوقفت معظم محال الفطائر عن العمل.
وارتفع سعر ربطة الخبز السّياحي إلى 3500 ليرة سورية، وكليو الصّمون والمعروك إلى 7 آلاف ليرة سورية، حسب سكان محليين.
ويعاني 22 ألف عائلة في أحياء ومخيمات حلب، من توقف الأفران منذ أكثر من أسبوعين، بسبب نفاذ الطّحين من المخازن، جراء استمرار الحصار.