“على قد قرشك بتمشي” مبدأ لدخول مراجعين إلى المراكز الحكومية في حلب
حلب – نورث برس
يعاني مراجعون لمراكز الحكومة السّورية في حلب من “الابتزاز”، فهم يمنعون من الدّخول إنّ لم يدفعوا رشاوى، بذريعة أنهم لا يملكون بطاقة لقاح كورونا، بالرّغم أنّ بعضهم مُستثنى.
وفي الثاني عشر من كانون الأول/ ديسمبر 2021، أصدرت وزارة الدّاخلية في الحكومة السّورية قراراً، تمنع عبره المراجعين إلى دوائرها من الدّخول بدون بطاقة لقاح كوفيد – 19.

وتقول عبير بيطار (40 عاماً) وهي من سكان حي الحمدانية، إنها لم تكن حاصلة على لقاح كوفيد – 19 عندما توجهت إلى مركز الهجرة والجوازات، لاستعادة الدّعم الحكومي، الذي رفع عنها بحجة أنها خارج البلاد.
وفي الأول من شباط/ فبراير 2022، رفعت الحكومة السّورية الدّعم عبر البّطاقة الذّكية، وفقاً لمعايير محددة، وشمل القرار 596 ألفاً و628 عائلة، أي بنسبة 15 بالمئة من الأسر التي يصلها الدّعم، لكن الإحصائيات تشير إلى أنها تزيد عن 21 بالمئة.
ومنعت الحراسة السّيدة من دخول البناء قبل حصولها على بطاقة اللقاح، ولكنها كانت خائفة من تأثيراته الجانبية عليها، لذا امتنعت عن الأمر سابقاً، حسبما تقول.
ومتعلقة بجملة “ممكن هلأ يجي المسؤول يدخلك”، التي قالها الشّرطي لها، انتظرت عبير ساعة ونصف أمام الباب من دون فائدة، كما تضيف لنورث برس.
وهنا، اقتنعت الأرملة أنّ الحل في الحصول على اللقاح، لتقصد سيارة مركونة في ساحة سعد الله الجابري تابعة لمديرية الصّحة، “كان لدي خياران الأول أخد اللقاح وأنا خائفة، أو الدّفع وينتهي اللقاح في القطنة بدل يدي”.
وفي 2016 توفي زوج عبير وهو يقاتل مع قوات الحكومة السّورية، “لا علم لي بما يجب فعله، لكنني أرفض ترك حق أطفالي الثلاثة”.
ادفع أو ارحل

وتضيف: “حصلت على البطاقة بعد أنّ دفعت 75 ألف ليرة، لتدخل فرع الهجرة والجوازات وتستعيد الدّعم بعد أنّ كانت مُسجلة أنها سافرت إلى لبنان في 2011، في حين أنها لم تغادر المنزل”.
ويشمل قرار رفع الدعم، المُسافرين إلى الخارج لأكثر من عام، وبلغ عددهم 687 ألف شخص، وفي حال كان ربُّ الأسرة مسافراً فقط، تُستبعد العائلة بأكملها.
وبلهجتها المحلية تقول: “لو عناصر الفرع أخدين المبلغ كان أهونلي من عذاب يومين، بس كاميرات المراقبة ما خلتهم، هالبلد فعلاً صار ماشي على مبدأ على قد قرشك بتمشي”.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ يقول سكان محليون لنورث برس، إنهم يدفعون داخل الدّوائر الحكومية لتسهيل تسيير معاملاتهم، حتى لو كانت مشكلتهم بسيطة.
ووجد لؤي مكتبي (35عاماً) وهو من سكان حي السّبيل شمالي سوريا، نفسه مجبراً على دفع عشرة آلاف ليرة لقاء الدّخول إلى دائرة النّفوس في منطقة التّلل لاستخراج بيان عائلي، نظراً لأنه لا يملك بطاقة لقاح.
ولا يستطيع الرّجل أخذ اللقاح نهائياً، بسبب جرعات البلازما التي يأخذها بين الحين والآخر، بسبب “وضعه الصّحي”، كما يقول.
وفي الخامس من كانون الثاني/ يناير 2022، أصدرت وزارة الصّحة التّابعة للحكومة السّورية، قراراً، يعفي العديد من الحالات من أخذ التّطعيم ضد كورونا، شريطة وجود تقرير طبي.
ولم يكن عناصر الحراسة “متعاونين” على حد تعبير “مكتبي”، الأمر الذي دعاه للابتعاد عن الباب، علهم يرأفون لحاله، بعد أنّ عرض عليهم أوراقه التي تثبت أنه معفى من أخذ اللقاح.
ويضيف الرّجل: “بعد دقائق معدودة اقترب أحد العناصر مني، وعرض علي أنّ يتدخل لحل المُشكلة فوافقت مباشرة ودفعت له عشرة آلاف ليرة سورية”.
وبعد ذلك طلب العنصر من “مكتبي” أنّ يلحق به، وهو يحمل في يده بطاقة لقاح، “عند وصولنا إلى الباب طلب مني الدّخول وذكر أنّ بطاقتي ستبقى معه”.
استغلال مقصود
ويعتبر كثيرون أنّ رفع الدّعم تعبئةٌ “لجيوب الفاسدين على حساب المُستبعدين”، حسب تقرير نشرته وكالة نورث برس، رصدت خلاله معاناة المستبعدين من الدّعم.
وبينما كان أحمد بنود (45 عاماً) من سكان حي شارع النّيل، يرافق ابنه البالغ من العمر 14 عاماً، لاستلام بطاقته الشّخصية من مركز الأحوال المدنية (النّفوس) بالقرب من مدخل التّلل، مُنع كذلك من الدّخول.
ويشير إلى أنه لا يستطيع السّماح لابنه بالدّخول وحيداً لأنه “صغير ولا يعرف كيف يتصرف”.
ولا يثق الرّجل باللقاح الموجود في وزارة الصّحة، لأنه من منظوره “وضع الخالق فينا جهاز مناعة وعلينا تقويته، وأخذ ذلك اللقاح من شأنه الإضرار به أكثر من جلب الفائدة له”.

ويتخوف العديد من السّكان من تأثيرات لقاح كورونا، لذا يلجأ العديد منهم إلى تجنب أخذه، والعمل على تقوية الجهاز المناعي بطرق طبيعية عبر أنظمة غذائية معينة، وذلك بسبب زيادة عدد الوفيات في كثير من الدّول المجاورة بعد الحصول على اللقاح، حسب تقارير صحفية.
وفي الثالث عشر من الشهر الماضي، أعلن مدير مستشفى المواساة الجامعي في دمشق، عصام الأمين، أن نحو مليون شخص فقط في مناطق سيطرة الحكومة السورية تلقوا الّلقاح المضاد لفيروس كورونا، أي ما يعادل 6 % فقط من السوريين.
ويتساءل “بنود”: “ألم يبقى لعناصر الحكومة طريقة لتشليح السّكان غير استغلال القرارات؟”.
ويرفض الرجل العودة للحصول على بطاقة ابنه إلى حين “إلغاء القرار”.