منازل متهالكة آيلة للسقوط تهدد سلامة سكان عشوائيات وادي المشاريع في دمشق
دمشق- نورث برس
يقول سكان منازل عشوائية في حي وادي المشاريع التابع لمشروع دمر غرب دمشق، إنهم رغم تقديمهم الكثير من الشكاوى لبلدية المنطقة، لاتخاذ إجراءات حول مشكلة انتشار المنازل القديمة والمهجورة الآيلة للسقوط والتي باتت تشكل خطراً حقيقياً على سلامتهم، “إلا أنها لم تؤخذ بعين الاعتبار”.
وقبل نحو أسبوع، أصيب طفلُ كوثر حجو (32 عاماً) وهي من سكان وادي المشاريع، بكسر في القدم ورضوض في الجسم نتيجة وقوع جدار متهالك عليه بينما كان يلهو مع زملائه بالقرب من منزل مهجور يجاور منزلهم.
تقول الوالدة إنها قدمت ثلاثة شكاوى خلال شهرين للبلدية حول المنزل المهجور “ولكن دون جدوى”.

وتتساءل باستغراب، “أيصعب على البلدية والجهات المعنية إزالة هذه الأنقاض بين البيوت الآهلة بالسكان؟ كدت أفقد ابني، الأمر بات مزعجاً وكارثياً ويتطلب تدخلاً سريعاً، لا أحد يتعامل مع المشكلة بجدية واهتمام”.
وتشير “حجو” إلى أن هناك بيوتاً متهالكة تتساقط تباعاً بسبب الأمطار الغزيرة “وتنذر بعواقب لا تحمد عقباها تعود على سلامتنا وسلامة أطفالنا”.
ووفقاً لسكان، فإن هذه المنازل تكثر على طريق نهر بردى الذي يمر بالقرب من العشوائية وعلى الشارع العام المؤدي إلى وسط الحي، مما يشكل خطراً على حياة المارة والسائقين، وهو ما يستدعي التدخل العاجل.
ويطالب هؤلاء، الجهات المختصة، بالعمل على تشكيل لجان لدراسة أوضاع هذه المنازل، وتقديم الدعم وإزالتها أو حتى إعادة صيانتها أو ترميمها.
وهناك ما يقارب 25 منزلاً متهالكاً في الحي، بحسب سكان، “تسبب انهيار بعضها خلال العامين الماضيين، بإصابة سبعة أشخاص بجروح وكسور عامة في مختلف أنحاء الجسم”.
وعود فقط
وتعرف العشوائيات، بحسب الأمم المتحدة، بأنها المباني المقامة بشكل غير لائق بلا تخطيط أو نظام، خارج نطاق خطط التنمية السكانية للحكومة.
ومعظم بيوت حي وادي المشاريع مقامة بطريقة عشوائية ومتلاصقة بجانب بعضها البعض، تم إنشاؤها في غياب تام للمواصفات الهندسية.
بالإضافة إلى أن المواد المستعملة في البناء غير مطابقة للمواصفات المعروفة، ما يرفع من احتمالية أن تصبح آيلة للانهيار الكلي أو الجزئي في المستقبل القريب.
وكان الحي العشوائي الذي تشكلت ملامحه الأولى في ثمانينات القرن الماضي، أكبر تجمع للسكان الكرد الذين سكنوا دمشق بعد انتقالهم من مدنهم وقراهم في شمالي سوريا نتيجة تردي الحالة المعيشية.
لكن مع بدء أحداث 2011، هاجر غالبية السكان الكرد نحو مناطقهم أو خارج البلاد خوفاً من الحرب والاعتقالات والملاحقات.
ووفقاً لدراسة أعدها القاضي السوري خالد الحلو عام 2019، حملت اسم “القوانين والتشريعات المرتبطة بحقوق السكن والملكية”، تشكل مناطق السكن العشوائي في سوريا، بحدود 15 إلى 20% من إجمالي سوريا (ريف – حضر) وبحدود 25 إلى 30% في مراكز المدن. وترتفع هذه النسبة إلى ما يزيد على 40% في مراكز المدن الرئيسة.
اقرأ أيضاً
سرقات ترهق سكان وادي المشاريع في دمشق وسط غياب ملاحقة فاعليها
وأنفق رضوان نواف (53 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد المجاورين لمنزل متهالك في الحي، ما يقارب 500 ألف ليرة لصيانة الجدار الخارجي لمنزله، “إلا أن وقوع أجزاء من المنزل المهجور عليه أفسد صيانته وأسقطه أرضاً”.
ويقول بلهجة لا تخلو من الغضب: “قدمت شكاوى عديدة بخصوص هذا المنزل للبلدية وفي كل مرة يعدونني ولكنهم كما العادة يفشلون في الإيفاء بوعدهم”.
“تهميش مناطقي”
ويحمل “نواف” الحكومة وأصحاب المنازل المتهالكة المسؤولية الكاملة لما تعرض ويتعرض له من أضرار مادية.
ويضيف: “بعض هذه المنازل تحولت إلى مكب للنفايات والمخلفات مما يهدد صحتنا، كما أصبحت مصدراً للروائح الكريهة وانتشار القوارض والحشرات الضارة في الصيف”.
وتتعدد أنواع المنازل والعقارات في الحي، حيث أن 10% فقط منها هي ملكٌ للسكان و90% هي أملاكٌ للدولة، وكل نوع من هذه الأنواع له ظروفه الخاصة التي تختلف عن الآخر.

والبيوت المملوكة لأشخاص، يتم تصنيفها إلى حالات متعددة فمنها منازل عليها نزاع في المحاكم منذ سنوات أو منازل لعجزة أو محدودي الدخل الذين لا يستطيعون التصرف فيها أو صيانتها.
ويشير الرجل الخمسيني إلى “التهميش المناطقي” واهتمام الحكومة بمنطقة دون أخرى، “دائماً في خيار وفقوس”.
ويضيف: “معظم أصحاب هذه المنازل سافروا أو ماتوا خلال الأزمة، فالحل الأنسب هو إزالة البيوت القديمة ووفقاً للقانون وذلك بالاتفاق مع أصحاب هذه العقارات”.
ويتساءل “نواف”: “ألا يستدعي ذلك وقفة جدية من بلدية المنطقة لدراسة حالة هذه المنازل التي أصبحت كابوساً لنا، تكتفي الحكومة بالمشاهدة فقط”.