سرقات ترهق سكان وادي المشاريع في دمشق وسط غياب ملاحقة فاعليها
دمشق- نورث برس
تفقد رنا سليمان (43 عاماً)، وهي من سكان حي وادي المشاريع التابعة لمشروع دمر غرب دمشق، يوماً بعد آخر أملها في التوصل لمعرفة ومحاسبة من سرقوا منزلها للسرقة منذ ما يقارب أسبوعين.
تقول إن “اللص دخل إلى المنزل ليلاً من نافذة المطبخ عندما كنا نائمين وذلك بعد تسلقه لسطح جيراننا، وسرق ساعتي الذهب و800 ألف ليرة سورية”.
وتشير “سليمان”، وهي والدة خمسة أطفال، إلى أنها لم تلاحظ أي شيء غريب في المنزل عندما استيقظت من النوم، ولكن سؤال ابنتها عما إذا كانت قد أخذت المال من الخزانة جعلها تفكر في احتمال حدوث سرقة.
وتضيف: “وقتها توجهت إلى الغرفة التي تتواجد فيها الخزانة، لم أجد المال والساعة وعلمت أننا تعرضنا للسرقة”.
ويشتكي سكان الحي الذي تسكنه آلاف العائلات من ذوي الدخل المحدود من ازدياد حوادث السرقة وخاصة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، في ظل غياب شبه تام للأجهزة الأمنية.
وكان الحي العشوائي الذي تشكلت ملامحه الأولى في ثمانينات القرن الماضي، أكبر تجمع للسكان الكرد الذين سكنوا دمشق بعد انتقالهم من مدنهم وقراهم في شمالي سوريا نتيجة تردي الحالة المعيشية.
لكن مع بدء أحداث 2011، هاجر غالبية السكان الكرد نحو مناطقهم أو خارج البلاد خوفاً من الحرب والاعتقالات والملاحقات.
“لا أمان”
وتوجه محمود عباس (51 عاماً)، وهو عامل مياومة إلى مخفر الشرطة في مشروع دمر لتقديم شكوى بتعرض منزله للسرقة، “ووعدوني بمتابعة القضية بعد أن قمت بتحرير محضر بالواقعة”.
يقول: “لم نعد نشعر بالأمان، فكل يوم نسمع بحوادث مشابهة في المنطقة، الأمر بات مخيفاً حقاً”.
ويتساءل الرجل: “ماذا لو استيقظت أنا أو أحد أبنائي أثناء تواجد اللص في المنزل؟ هل كان مسلحاً؟ هل كان سيقتلنا؟ هذه الأسئلة تراودوني أنا وعائلتي، نحن خائفون”.
ووفقاً لسكان الحي فإن حوادث السرقة تحولت إلى ظاهرة عامة وبدأت تترك آثاراً السلبية على حياتهم اليومية في ظل انفلات أمني تشهدها المنطقة.
وتصدرت سوريا قائمة الدول العربية بارتفاع معدل الجريمة لتحتل المرتبة الأولى عربياً والتاسعة عالمياً للعام 2021، وذلك بحسب موقع “Numbeo Crime Index” المتخصص بمؤشرات الجريمة حول العالم.
واحتلت مدينة دمشق المرتبة الثانية بارتفاع معدل الجريمة في الدول الآسيوية بعد مدينة كابول في أفغانستان.
واستند التقرير في تصنيفه لارتفاع معدل الجريمة إلى عدة مؤشرات، وهي مستوى الأمن الاجتماعي للمواطنين ومستوى الجريمة والسرقة، بالإضافة إلى النزاع المسلح والجريمة والتهديدات الإرهابية.
وبحسب الموقع، تعد سوريا من الدول التي يسجل فيها مؤشر الجريمة مستوى عالياً، إذ سجلت 68.09 نقطة من أصل 120 نقطة، في حين انخفض مؤشر الأمان إلى 31.91 في المئة.
“سرقات غريبة”
والأسبوع الماضي، تعرض محل درويش إبراهيم (35 عاماً) وهو من سكان حي وادي المشاريع لحادثة سرقة وصفها بـ “الغريبة”.
وكعادته توجه صاحب محل الحلويات الواقع على طريق نهر بردى المؤدي إلى الحي في الصباح إلى محله، “إلا أنني فوجئت بأن باب المحل مكسور، دخلت ووجدت كل شيء على حاله باستثناء ثلاث أسطوانات الغاز”.
وباستغراب شديد يضيف: “لص عجيب، لم يبحث عن المال أو أي شيء أخر واكتفى بسرقة أسطوانات الغاز”.
وفي محاولة لتخفيف عن مصيبته يقول مازحاً: “لو أنه قد ترك لي أسطوانة غاز واحدة كنت سأعفو عنه”.
ويشير صاحب المحل المسروق، إلى أن محله هو المحل الثالث الذي تعرض للسرقة في الحي خلال 15 يوماً وأن سرقة بطاريات وإطارات السيارات والكابلات الكهربائية والدراجات النارية أكثر أنواع السرقات انتشاراً في الحي.
ويرجع “إبراهيم” وغيره من سكان الحي أسباب ازدياد معدلات السرقة إلى ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل مقابل ارتفاع في كافة تكاليف الحياة، وهي “نتيجة طبيعية ومتوقعة للأزمة الاقتصادية التي تشهدها سوريا”، على حد قوله.
شبكات منظمة للسرقة
وقبل عدة أيام، أقدم مجهولون على سرقة كابلات الكهرباء النحاسية الخاصة بمحول التغذية الكهربائية لمنزل إبراهيم عويس (33 عاماً) في حي وادي المشاريع، بينما كان في زيارة مع عائلته لمنزل أحد أقاربه، مستغلين فرصة انقطاع التيار الكهربائي.
يقول الرجل الثلاثيني، الذي يسكن الحي منذ ستة أعوام، إن “اللصوص يستغلون غياب أجهزة الأمن في هذه المنطقة العشوائية ويقومون بكل أنواع التخريب، فهم على يقين بأنه لن يتم القبض عليهم”.
ويضيف: “الوضع في الحي أصبح مرعباً مع تكرر حالات السرقة، فمعظم السرقات ليست فردية وإنما تديرها عصابات منظمة توسعت بسبب انتشار الفقر والحاجة”.
ويعتقد أن “معظم السارقين هم مراهقون يتم تجنيدهم من قبل هذه عصابات السرقة”.
ويطالب سكان الحي بضرورة تعيين خدمات أمنية وتسير دوريات في الحي مع انتشار السرقات ليلاً ونهاراً.
ولكن “عويس” يرى أن الأجهزة الأمنية تعاني من عجز أمام مكافحة هذه الحالات وأن السرقات بكل أنواعها باتت حالة عامة في البلاد ولكن تشهد ازدياداً في مناطق المخالفات والعشوائيات.
ويتحسر الموظف على حاله وحال زوجته وابنته الصغيرة، “منذ سرقة الكابلات الكهربائية الخاصة بمنزلي لم ترى عائلتي النور لأنني عاجز عن شراء كابلات جديدة”.