ممارسات “عنصرية” تجبر سوريين للعودة من تركيا “الضامن” إلى إدلب
إدلب– نورث برس
عاد علي الرزوق (38 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة إدلب شمال غربي سوريا، إلى مدينته قادماً من تركيا، الشهر الفائت، وذلك بعد أن تعرض لتهديدات بقتله ومضايقات متكررة لأفراد عائلته من قبل شاب تركي.
ويقول الرجل الثلاثيني إن شاباً تركياً يدعى “حسن جيكتوز” يسكن في مدينة إزمير تقدم لخطبة ابنته، لكن العائلة رفضت طلبه بحكم صغر سن الفتاة والتي لا تتجاوز الـ 15 عاماً، ورغبتها في متابعة تحصيلها العلمي.
ولكن الشاب التركي ووفقاً لرواية “الرزوق”، بدأ يلاحق ابنته ويحاول التحرش بها أثناء توجهها إلى مدرستها، قبل أن يحاول اختطافها في إحدى المرات وهي في طريقها إلى المدرسة، “إلا أن تجمهر الناس حوله حال دون ذلك”.
ويشير إلى أن المدعو “حسن جيكتوز” لم يكتفِ بذلك، “بل بدأ بتهديدي بقتلي”، ما دفع “الرزوق” للعودة إلى إدلب بعد يأسه من إيجاد طريقة تردعه من التعرض لهم وخاصة وأن شكواه لإحدى مخافر الشرطة لم تلقَ آذاناً صاغية، على حد قوله.
ويقول سوريون كانوا قد نزحوا إلى تركيا خلال الأعوام الماضية إن العنصرية التي يمارسها أتراك بحقهم وتعرضهم لمضايقات وتكرار الاعتداءات وحوادث قتل سوريين على يد أتراك، دفعتهم للعودة إلى قراهم وبلداتهم في إدلب رغم أن الظروف الأمنية فيها “غير مناسبة للعودة”.
ويتواجد نحو أربعة ملايين لاجئ سوري في تركيا، بحسب تصريحات مسؤولين في أنقرة.
“حملات عنصرية”
ويرى سوريون في تركيا أن الحملات العنصرية ضدهم وخطاب الكراهية ازدادت أكثر بعد جريمة قتل ارتكبها سوري، راح ضحيتها شاب تركي في منطقة “ألتين داغ” في العاصمة أنقرة، في شهر آب/ أغسطس الماضي.
ودعا مسؤولون أتراك في أعقابها إلى طرد السوريين، على غرار رئيس بلدية ولاية بولو تانجو أوزجان، الذي قام برفع أسعار الكهرباء والمياه بهدف الضغط على اللاجئين لمغادرة الولاية.
والاثنين الماضي، قتل شاب سوري، طعناً بالسكين أثناء تواجده في مكان إقامته على يد شبان أتراك في مدينة إسطنبول التركية.
وقال الناشط الحقوقي طه الغازي، لنورث برس حينها، إن ستة شبان أتراك واثنين آخرين من أوزبكستان داهموا عند الساعة الواحدة ليلاً منزلاً يسكنه شبان سوريون يعملون في مدينة إسطنبول.
وأضاف أن “المهاجمين طعنوا الشاب نايف النايف البالغ من العمر (19 عاماً) عندما كان نائماً، مستخدمين السلاح الأبيض (سكين) مما أدى إلى وفاته على الفور قبل وصوله إلى المشفى”.
والشهر الماضي، قتل ثلاثة شبان سوريين حرقاً في ولاية أزمير التركية بعد قيام شاب تركي بسكب البنزين في غرفة السوريون الثلاثة الذين يعملون بمنشرة للحجارة.
وأدت الحادثة إلى وفاة أحمد البش (17 عاماً)، ومأمون النبهان (23 عاماً)، بعد ساعات، وأحمد العلي (21عاماً)، بعد خمسة أيام من الجريمة، متأثرين بحروق تعرضوا لها جراء اندلاع النيران في غرفتهم.
ويحدث هذا وسط تنفيذ السلطات التركية بين فترة وأخرى حملات لاعتقال سوريين، تقول إنهم ارتكبوا مخالفات، ومن ثم تنظيم الضبوط اللازمة بحقهم وترحيلهم إلى سوريا بحجج وذرائع تتعلق بعدم امتلاكهم للوثائق القانونية اللازمة.
“لا قانون يحمي”
وتعيش قطاعات واسعة من العمال اللاجئين وسط أجواء القلق والخوف من ترحيلهم قسراً بسبب إقامتهم بشكل مخالف في المناطق التي يعملون بها مع رفض أرباب العمل الأتراك منح العاملين اللاجئين إذن عمل يتيح لهم التنقل بطريقة قانونية.
وتحظر الحكومة التركية عمل السكان الأجانب في العديد من المهن، مثل طب الأسنان والتمريض والصيدلة والطب البيطري، وتعتبر ممارستها في تركيا خاصة بالأتراك فقط.
ولا تتيح القوانين التركية تعديل الشهادة السورية أو الحصول على ترخيص بالعمل في تلك المهن ما لم يكن الشخص حاملاً للجنسية التركية.
وبداية العام الجاري، عاد رامي أبو الخير (23 عاماً) وهو اسم مستعار لشاب من إدلب برفقة ثلاثة من أصدقائه إلى إدلب بعد أن تعرضوا لعملية “نصب واحتيال” قام بها صاحب المعمل الذي يعملون لديه في تركيا.
ويقول الشاب العشريني إن صاحب المعمل رفض إعطائهم مستحقاتهم المالية المترتبة عليه على مدى ستة أشهر، كما أنه “وجه لنا شتائم حينما طالبناه بأجورنا”.
ولم يستطع الشبان الأربعة اللجوء إلى القضاء لأنهم لا يحملون إذن عمل يحمي حقوقهم، “اضطررنا للعودة ببعد أن نفذت مدخراتنا من المال”.
وفي الثاني والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قتل الشاب السوري محمود محمد شوبك في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا، إثر إصابته برصاصة في الصدر أطلقها شخص قيل إنه تركي.
وتداول ناشطون حينها على صفحات التواصل الاجتماعي أن “شوبك” حاول التدخل لفض شجار بين زميل له في السكن وبين شاب تركي مسلح اقتحم منزلهم في المدينة، ليتطور الشجار لإطلاق نار ومقتل الشاب السوري.
ويشير “أبو الخير” إلى أنه حتى من يحملون إذن عمل لم يستفيدوا من شكاويهم في المحاكم التركية، “فلا قانون يحمي السوريين وتصون حقوقهم”.