احتجاجات شعبية أشعلتها سياسات فصائل موالية لتركيا شمال غربي سوريا

القامشلي – نورث برس

تشهد مناطق سيطرة فصائل المعارضة الموالية لتركيا شمال غربي سوريا، منذ مطلع العام الجديد، موجة احتجاجات شعبية واسعة أثارتها الأزمات المتتالية التي بدأت بالخبز والمحروقات ثم الكهرباء وأمس ظهرت مشكلة التعليم المدفوع.

وتتحكم فصائل معارضة تتقدمها هيئة تحرير الشام ( النصرة سابقا) والجيش الوطني الموالي لتركيا بمفاصل الحياة في شمال غربي سوريا، عبر المجالس المحلية التي طالتها اتهامات بالتشبيح لصالح فصائل “الوطني”.

كما أشار ناشطون إلى أن “حكومة الإنقاذ” الجناح المدني لهيئة تحرير الشام في إدلب، تتبع “سياسة التجويع عبر احتكار كل القطاعات الاقتصادية مثل الأفران والكهرباء والمحروقات”.

ما الذي أشعل الاحتجاجات؟

منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، خرج العشرات من سكان مدينة إدلب، في احتجاج ضد الغلاء ورفع أسعار المحروقات والمواد الغذائية بشكل غير مسبوق” في إدلب.

ورفع المحتجون لافتات حملت شعارات تطالب “الإنقاذ”، “بإيقاف سياسة التسلط على السكان ومقاسمتهم لقمة عيشهم”، بحسب مصادر محلية.

وأضافت المصادر لنورث برس، أن المحتجين رددوا هتافات مناوئة لـ “الإنقاذ” وزعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، أبرزها “تسقط هيئة تحرير الشام، جولاني ولاك ما بدنا إياك”، بحسب المصادر نفسها.

ومؤخراً، يحاول الجولاني تكريس نفسه على أنه شخصية معتدلة، ترعى أنشطة مدنية لخدمة السكان، بعيداً عن صفات العسكرة والتنظيم، لإبعاد صفة “الإرهاب” عن نفسه وتنظيمه.

وفي السابع من كانون الثاني/ يناير الجاري، ظهر الجولاني في ريف إدلب الشمالي قرب الحدود مع لواء اسكندرون، إلى جانب، رئيس حكومة في مراسم افتتاح طريق “حلب – باب الهوى” بحلته الجديدة باللباس المدني.

وكان لافتاً حضور الجولاني في الافتتاح، ما أثار الجدل مجدداً حول ظهوره في قضية خدمية بعيداً عن الشأن العسكري.

ولم يكن هذا الظهور المدني الأول للجولاني، إذ ظهر في الاجتماع الذي رعاه “مجلس الشورى” مع وزارة الاقتصاد بحكومة “الإنقاذ”، في الثالث والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، لمناقشة الوضع الاقتصادي، وخصوصاً أزمة الخبز في الشمال السوري.

وحينها، تحدث زعيم تحرير الشام، عن مشكلة الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرته، ووعد بتحسن الأوضاع المعيشية للسكان، ودعم مادة الخبز بشكل إسعافي، من خلال توفير مبالغ من الإيرادات.

ولكن المشكلة، كان قد سبقها رفع شركة “وتد للبترول” التابعة للهيئة أسعار المشتقات النفطية في مناطق شمال غربي سوريا، بمعدل ستة مرات في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وتذرعت الشركة بأن ارتفاع الأسعار يأتي نتيجة انخفاض سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار الأميركي، حيث يتم تسويق المواد النفطية بالليرة التركية في مناطق شمال غربي سوريا.

وفي وقت سابق، قالت مصادر مطلعة، لنورث برس، إن “هيئة تحرير الشام تعمل على أخذ نسبة من أرباح التجار العاملين في إدلب، وهو ما يبرر ارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية والمعيشية”.

أزمات متواصلة إلى الكهرباء

ومطلع كانون الأول/ ديسمبر المنصرم، تفاقمت أزمة خبز، وترافقت  باتهامات لهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) باتباع سياسة التجويع والاحتكار.

كما احتج العشرات من سكان مدينة الباب بريف حلب الشرقي، ضد قرار للمجلس المحلي التابع للمعارضة الموالية لتركيا، برفع تسعيرة ربطة الخبز.

وفي ريف حلب الشمالي، شهدت مدن وبلدات شمال وشرق حلب، منذ مطلع كانون الثاني/ يناير الجاري، احتجاجات شعبية واسعة ضد تركيا ومواليها، بسبب رفع سعر الكهرباء في تلك المناطق، وفساد المجالس المحلية.

وقبل يومين احتج العشرات من سكان مدينة أعزاز ضد قرار رفع سعر الكهرباء من قبل الشركة المحتكرة في المنطقة التي تديرها فصائل معارضة موالية لتركيا.

والجمعة الماضية، وبزعم التخفيف عن السكان من قيمة فواتير الكهرباء، خفضت شركة الكهرباء سعر الكهرباء من 1.47 إلى 1.15 بعد تخلي المجالس المحلية عن نسبة من أرباحها.

ولكن نص قرار التخفيض في حال تم شحن بطاقة عداد الكهرباء الرقمي لمرة واحدة في الشهر، ولكن إن تم الشحن لأكثر من مرة، فإنه يتم حساب المرة الثانية بـ 2.30 للكيلو واط الواحد، بحسب مصدر في المنطقة.

واعتبر سكان القرار “مجرد تهدئة” فحسب، لأن معظمهم يقوم بشحن البطاقة لأكثر من مرة”.

تعليم مدفوع

والاثنين الماضي، أثار قرار لوزارة التربية والتعليم التابعة للحكومة “المؤقتة” في مناطق شمال غربي سوريا، بتحديد رسوم مرتفعة للتسجيل في الثانوية بفروعها والإعدادية، موجة غضب بين شريحة الطلبة ومعلمين في إدلب.

وحددت “المؤقتة” رسوم الامتحانات لطلبة الشهادة الثانوية بكافة فروعها بـ130 ليرة تركية (35 ألف ليرة سورية)، ورسوم امتحانات التاسع بـ110 ليرات تركية (29 ألف ليرة سورية).

ونص القرار الذي نشرته “المؤقتة” على موقعها في “فيسبوك” على رسوم مالية إضافية على طلاب التعليم الحر، إذ حدد رسم 150 ليرة تركية (40 ألف ليرة سورية) على كل طالب بالشهادة الثانوية، و120 ليرة تركية (31 ألف ليرة سورية) على كل طالب بالشهادة الإعدادية.

وأعلنت الوزارة عن بدء التسجيل على الامتحانات العامة دورة 2022، اليوم الثلاثاء، ويستمر التسجيل خلال الدوام الرسمي للوزارة لغاية الواحد والثلاثين من آذار/ مارس القادم.

وفي الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، شُكلت حكومة “الإنقاذ” من 11 حقيبة وزارية برئاسة محمد الشيخ حينها، وضمت وزارات الداخلية، والعدل، والأوقاف، والتعليم العالي، والتربية والتعليم، والصحة، والزراعة، والاقتصاد، والشؤون الاجتماعية والمهجرين، والإسكان والإعمار، والإدارة المحلية.

ويأتي هذا وسط محاولات من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، إدخال تعديلات على نظامه الأساسي، بهدف “تحسين موقعه في المعادلة السياسية”.

ويقود رئيس الوزراء السوري الأسبق، رياض حجاب، والذي انشق عن الحكومة السورية في 2012، حراكاً لقوى المعارضة السورية، لعقد “ندوة” في العاصمة القطرية الدوحة، في شباط/ فبراير المقبل، لبحث مسارات الحل السياسي “للأزمة”.

ويأتي تحرك حجاب، لتحريك الوضع السياسي في المشهد السوري المعارض، ويعتقد معارضون، أنه ربما يسعى لإنتاج هيئات ومنصات سياسية جديدة.

إعداد وتحرير: فنصة تمو