إدلب- نورث برس
يتهم مرضى وذووهم في إدلب، شمال غربي سوريا، أطباء ومنشآت صحية بالتسبب بإصابات دائمة وحالات وفاة نتيجة ارتكاب أخطاء طبية.
ويقول سكان أن غالبية ضحايا تلك الأخطاء من النساء والأطفال، بينما يذهب آخرون لأبعد من الاتهام بالخطأ حين يتحدثون عن تزوير شهادات طبية.
ولم تكتمل فرحة الدومري (33 عاماً)، وهي نازحة في مخيم ببلدة أطمة الحدودية شمال إدلب، برؤية طفلها بعد تسعة أشهر من الحمل، فقد توفي قبل ساعات من ولادته.
وقالت النازحة من مدينة سراقب شرق إدلب إن طبيبتها أخبرتها وبعد إتمام الشهر التاسع من حملها أنها بحاجة لعملية قيصرية، “فقصدت مشفى الإخاء للنسائية والأطفال المجاني في أطمة لتوفير بعض التكاليف بحكم حالتي المادية المتردية”.
وتعتقد المرأة أن “الأطباء تأخروا في نقل الدم وإجراء العملية ما أدى لموت الجنين”.
حوادث متكررة
وفي الرابع من تموز/ يوليو الفائت، فارقت فاطمة نوح (35 عاماً) الحياة، وذلك نتيجة نسيان قطعة قماش في جسدها أثناء خضوعها لعملية قيصرية في مشفى عام بإدلب قبل نحو عامين.
وقالت عائشة نوح (41 عاماً)، وهي مقربة من العائلة، إن الضحية وبعد فترة من إجرائها العملية بدأت تشتكي من آلام شديدة “ولدى مراجعة الأطباء أخبروها بأن الأمر طبيعي وأن الآلام هي مضاعفات العمل الجراحي”.
ولكن وبعد اشتداد الألم وسوء حالتها الصحية، قصدت فاطمة طبيب داخلية قرر إجراء عملية في أحد المشافي لمعرفة سبب الألم الذي استمر لعامين، ليجد قطعة قماش تستخدم لتجفيف الدماء خلال الجراحة نسيها الكادر الطبي في بطنها أثناء العملية.
وتسببت القطعة القماشية بالتهابات حادة نتيجة بقائها في البطن لفترة طويلة وأدت لثقب في جدار المعدة ووفاة فاطمة، وفقاً لما روته قريبتها لنورث برس.
تزوير شهادات
وأرجع محمد التامر، وهو “نقيب الأطباء الأحرار في الشمال السوري”، أسباب تكرار الأخطاء الطبية إلى قلة كفاءة وخبرة الكوادر الطبية، إضافة إلى ضعف الإمكانات الطبية والتقنيات المستخدمة في العلاج والتشخيص.
وأشار إلى أن الإمكانات الطبية المتاحة “خجولة ومتواضعة ولا تلبي كافة الاحتياجات في ظل هجرة الكفاءات واستنزاف ما تبقى من منشآت طبية .”
ورأى الطبيب أن الحلول تكمن في تدريب الكوادر الطبية بشكل جيد وتوعيتهم أكثر بالمخاطر والأخطاء التي يمكن أن تحدث في الجراحة والعلاج.
ويتهم سكان ومرضى أشخاصاً بتزوير شهادات طبية، فتتسبب قلة الأهلية إلى جانب الإهمال واللامبالاة بأخطاء طبية قد تكون قاتلة .
وتنتشر في إدلب ظاهرة تزوير الشهادات الجامعية والوثائق العلمية والأوراق الثبوتية كالهويات الشخصية والبيانات العائلية، حيث يلجأ البعض لشرائها بغرض الحصول على وظيفة.
وفي الثاني والعشرين من شباط/ فبراير الماضي، سحبت مديرية صحة إدلب ترخيص مزاولة العمل من خمسة أشخاص من الكوادر الطبية والعاملين ضمن مؤسساتها بينهم ثلاثة أطباء، بسبب ثبوت التزوير في الوثائق الرسمية وعدم تعديل الشهادات بحسب بيان نشرته المديرية عبر معرّفاتها.
ضحايا أطفال
وفي الثاني والعشرين من الشهر الجاري، أصيب طفلان بتشوهات جلدية في مخيم “القرية الماليزية” شمال مدينة سرمدا، بسبب إعطاء أدوية زائدة من قبل ممرضين في النقطة الطبية بالمخيم، وفقاً لما ذكرته مصادر محلية.
وأضافت المصادر حينها، لنورث برس، أن الطفلين قصدا النقطة الطبية في المخيم بغرض تلقي العلاج من مرض الجدري.
ولاقت إصابة الطفلين انتقادات وسخط على مواقع التواصل الاجتماعي واتهم أشخاص عبر صفحاتهم على “الفيس بوك” الموظفين في النقطة الطبية بأنهم توظفوا عن طريق الواسطات والمحسوبيات.
وفي التاسع والعشرين من أيار/ مايو الفائت، توفي الطفل أحمد محمود العلي البالغ من العمر خمسة أعوام بسبب إعطائه جرعة مخدر زائدة في مشفى “العيسى” التخصصي الخاص بمدينة الدانا شمال إدلب.
وذكر مقربون من العائلة أن الطفل أُدخل المشفى لإجراء عملية ختان، لكن تفاجأ ذويه بعد إجراء العملية بإدخال الطفل إلى غرفة العناية المركزة، ليتم نقله إثر تدهور حالته الصحية إلى مشفى “هاتاي” في تركيا وفارق الحياة هناك بعد أيام.
“لا جدوى من الشكاوى”
واضطرت عهود الفيلوني (26 عاماً) وهي من سكان مدينة إدلب إلى تجبير يدها مرتين وذلك بعدما تسبب طبيب في مشفى عام بتكلس مفاصل يدها.
وتعرضت المرأة وزوجها لحادث سير وأصيبت بكسور في أصابع يدها اليسرى وجروح متفاوتة ليتم نقلها إلى مشفى بمدينة إدلب .
وأشارت السيدة العشرينية إلى أن الطبيب قام بتجبير الكسر وتضميد الجرح، “ولكن بعد انقضاء 45 يوماً وفك الجبيرة لم أتمكن من تحريك أصابع يدي بشكل نهائي بسبب تكلس المفاصل”.
وأضافت أنها لم تتقدم بشكوى قضائية ضد الطبيب بسبب فقر حالها وطول أمد الدعاوى القضائية في المحاكم الشرعية، وحاجتها لتوكيل محامي وتحمل مصاريف كثيرة.
وتدير حكومة الإنقاذ الذراع المدني لهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) والتي تشكلت عام 2018 المؤسسات المدنية والخدمية في منطقة إدلب وأجزاء من ريف حلب.
وزارت “الفيلوني” طبيباً مختصاً والذي أخبرها أن الحل يكمن في إعادة كسر اليد وتجبيرها بوضع أسلاك معدنية.