انتشار ظاهرة تزوير الشهادات الجامعية في إدلب وسط غياب الرقابة والتدقيق

إدلب – نوث برس

كاد الطفل سليم رزوق البالغ من العمر ستة أعوام وهو من سكان مدينة إدلب، شمال غربي سوريا أن يفقد حياته، بعد تناول أحد أدوية مخالفة للوصفة الطبية، إذ أن أحد “الصيادلة” من أصحاب الشهادات المزورة، صرف له دواءً لا يتناسب مع مرضه وعمره.

ويعاني الطفل من مشاكل تنفسية، حيث وصف له الطبيب المختص أصناف أدوية للعلاج، إلا أن “الصيدلي” أعطاه دواءً يستخدمه مرضى القلب والأوعية الدموية، وهو ما أدى لتسرع دقات قلبه لتسوء حالته الصحية ويبقى بأحد مشافي إدلب قرابة عشرة أيام.

شهادات مزورة

وقدمت والدة “رزوق” ضبطاً وشكوى رسمية بحق مالك الصيدلية، ليتبين لاحقاً أن الشهادة التي يمارس بها عمله هي “وثيقة مزورة استخرجها عبر أحد مكاتب التزوير في المنطقة”، بحسب قولها.

لمتابعة جميع الأخبار… حمل تطبيق
نورث برس من متجر سوق بلاي

وتنتشر في إدلب ظاهرة تزوير الشهادات الجامعية والوثائق العلمية والأوراق الثبوتية كالهويات الشخصية والبيانات العائلية، حيث يلجأ البعض لشرائها بغرض الحصول على وظيفة.

وفي الثاني والعشرين من شباط/ فبراير الماضي، سحبت مديرية صحة إدلب ترخيص مزاولة العمل من خمسة أشخاص من الكوادر الطبية والعاملين ضمن مؤسساتها بينهم ثلاثة أطباء، بسبب ثبوت التزوير في الوثائق الرسمية وعدم تعديل الشهادات بحسب بيان نشرته المديرية عبر معرّفاتها.

وقبل عامين، تخرج طالب الصطيف (25عاماً) من كلية التربية معلم صف في جامعة إدلب ولم يستطع إيجاد فرصة عمل، مما اضطره للعمل في بيع الخضار في أحد أسواق المدينة.

وقال “الصطيف” إن صديقه الذي لا يملك أي مؤهل علمي يتقاضى 350 دولاراً شهرياً بعد أن عمل على “تزوير شهادة علمية أهلته لأن يكون موظفاً في إحدى المنظمات العاملة في المجال الإغاثي.”

وأضاف: “كل ما عليك فعله لتصبح خريجاً جامعياً هو استخراج ثلاثة صور شخصية ومبلغاً مالياً معيناً.”

واتهم “الصطيف” المنظمات العاملة في إدلب بأنها “تفتقر لأدنى معايير النزاهة والمهنية، إذ أن معظم الموظفين فيها هم ممن استخرجوا شهادات مزورة.”، حسب قوله.

“أرباح جيدة”

وحذر مهدي الحمييد (49عاماً) وهو اسم مستعار لمحامي مقيم في إدلب من تفاقم ظاهرة التزوير، “هي جريمة يحاسب عليها القانون، حيث يترتب عليها آثار كارثية على المدى القريب والبعيد.”

ومنذ خمسة أعوام، يعمل أحمد علي (38عاماً) على تزوير الشهادات وبات يحقق منها “أرباحاً جيدة نظراً للإقبال المتزايد عليها في العامين الأخيرين.”

ويعمل “علي” على تزوير كافة الأوراق والثبوتيات من هويات شخصية وشهادة خبرة وإخراج قيد وشهادات ثانوية وجامعية، “حيث أن لكل منها سعر مختلف عن الآخر.”

 وتبلغ تكلفة تزوير مصدقة التخرج 150 دولاراً أميركياً، بينما يتراوح سعر شهادة الثانوية العامة والأساسية بين100  و250 دولاراً، تبعاً لصعوبة تمييزها عن الشهادات الأصلية، في حين يصل سعر شهادات الطب والصيدلة إلى 800 دولار.

وأشار “علي” إلى أنه يملك “آلة تزوير حديثة وذات مواصفات عالية، وهو ما زاد الإقبال عليه.”

وبرر أشخاص ممن زوروا شهاداتهم أنهم اضطروا لعملية التزوير بسبب ندرة فرص العمل والوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي.

 وقالوا إن التزوير “لا يكتشف إلا بحالات نادرة، بسبب عدم التدقيق بها من قبل المؤسسات والمنظمات العاملة في إدلب.”

إعداد: سمير عوض – تحرير: سوزدار محمد