أربيل ـ نورث برس
شهد العراق في عام 2021 جملة من الأحداث الأمنية والسياسية تصدرتها الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وهجمات الأخير المستمرة، وخطوة انسحاب قوات التحالف، وختمها بانتخابات أثارت جدلاً واسعاً ثم حسمتها المحكمة مؤخراً .
ولم يمض أسبوع دون ان يشهد العراق فيه هجوماً لـ”داعش” أو حملة ضده وخاصة في المناطق الوسطى والمتنازعة عليها بين أربيل وبغداد، وتخللها بين فترة وأخرى هجمات بطائرات مسيرة مجهولة الهوية على مواقع تحوي مصالح أميركية في بغداد وإقليم كردستان العراق.
هجمات “داعش” ومسيرات
وبحسب الأمين العام لوزارة البيشمركة جبار ياور، فإن أغلب الهجمات حدثت في خط المناطق المتنازع عليها والتي تمتد من خانقين شرقاً إلى الموصل غرباً.
وقال ياور لنورث برس، إن المناطق المتنازع عليها شهدت 220 هجمة لـ”داعش” اعتباراً من مطلع العام وحتى نهاية الشهر الفائت.
وراح ضحية هذه الهجمات 869 شخصاً بين قتيل وجريح ومخطوف، بحسب “ياور”.
ولعل أكثر الهجمات دموية هي التي حصلت في أربعة عمليات متتالية خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، وأوقعت ما لا يقل عن 25 شخصاً معظمهم من قوات البيمشركة.

ولم يكشف الجانب العراقي حتى اللحظة حصيلة سنوية للأحداث الأمنية المتعلقة بـ”داعش”.
إضافة إلى ذلك، كانت الطائرات المسيرة تشكل تهديداً آخراً على العراق والتي غالباً ما كانت تستهدف مصالح أميركية أو تابعة للتحالف الدولي، فيما كانت أصابع الاتهام توجه بشكل غير رسمي إلى جماعات موالية لإيران.
ولم تتوفر حصيلة رسمية للهجمات المسيرة والصواريخ التي كانت تطلق من الجو، لكن عرف من خلال متابعة تقارير إعلامية أنه نفذ ما لا يقل عن 20 هجوماً خلال العام الجاري معظمها استهدف محيط مطاري أربيل بغداد والمنطقة الخضراء وقاعدتي بلد وعين الأسد وسط البلاد.
انسحاب قوات التحالف
وعلى وقع تلك الهجمات، أعلن العراق رسمياً يوم التاسع من كانون الأول/ ديسمبر من هذا العام، انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف الدولي وانسحابها من البلاد، وذلك في إطار الاتفاق الاستراتيجي بين العراق وواشنطن.
وبحسب المعلومات ثمة نحو 3500 جندي أجنبي على الأراضي العراقيّة، بينهم 2500 أميركي يتمركزون في عدة مواقع.
وجاء قرار الانسحاب وتبديل المهام للتحالف الدولي بموجب اتفاق واشنطن ـ بغداد ضمن مخرجات الحوار الاستراتيجي في أواخر تموز/يوليو الفائت، والمتضمن انتقال العلاقة الأمنية بين الطرفين إلى مهام الاستشارة والتدريب وعدم وجود القوات القتالية على الأرض بحلول نهاية هذا العام.
وخلال الشهر الأخير من هذا العام، زارت وفود عراقية أمنية رفيعة المستوى قاعدتي الأنبار وسط البلاد وحرير في شمالي أربيل للإشراف على إجراءات انتقال المهام.
بغداد المحفل.. زيارة “البابا” وقمة دول الجوار
استقبل العراق خلال هذا العام البابا فرنسيس واحتضن محافل جديرة بالاهتمام على المستوى الإقليمي.
وكانت أيام الخامس والسادس والسابع من آذار/مارس، حافلة بالنشاطات المرافقة لأول زيارة حبرية أجراها بابا الفاتيكان إلى البلاد في التاريخ.
وحظي الحدث باهتمام عالمي ضخم، ربما لأنها الرحلة الأولى للبابا خارج روما منذ انتشار وباء كورونا، حيث أجرى فيها البابا فرنسيس لقاءات هامة مع المسؤولين العراقيين تضمنت محطات وقداساً في بغداد وأربيل والنجف والموصل والحج إلى مدينة أور التاريخية.
بالإضافة إلى هذا الحدث، استضافت بغداد يوم الثامن والعشرين من آب/أغسطس، مؤتمر دول جوار العراق، بمشاركة دولية وإقليمية واسعة، كان الهدف منها إبراز الدور العراقي في المنطقة.
وحضر المؤتمر ممثلون عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، إلى جانب زعامات وممثلي دول الجوار العراقي تركيا وإيران والسعودية والكويت والأردن، وكذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومسؤولين قطريين وإماراتيين.
ورغم أن الخارجية العراقية أطلقت تصريحات مؤيدة لعودة دمشق إلى “مكانتها” في الدول العربية، إلا أن سوريا لم تشارك في المؤتمر بسبب عدم دعوتها لأسباب قال عنها رعاة المؤتمر: “حرصاً على إنجاح المؤتمر والابتعاد عن التوترات”.

قبل ذلك استضافت بغداد قمة ثلاثية على مستوى رئاسي مع والأردن ومصر يوم السابع والعشرين من حزيران/يونيو، جاءت استكمالاً للقمة الأولى التي عقدت في عمان العام الماضي، لتوقيع سلسلة من مذكرات التفاهم والاتفاقيات في مقدمتها المشاريع الاستثمارية التي تخص النفط والطاقة والبنى التحتية.
انتخابات مبكرة واهتمام أممي
ولعل أبرز الملفات التي شدت أنظار العالم إلى العراق هو إجراء الانتخابات المبكرة التي جرت في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر، وقد حظيت باهتمام أممي باعتبارها جاءت بمثابة تنفيذ لمطالب الثورة التشرينية عام 2019.
لكن الإجراء خلف جدلاً بعد أن كانت النتائج صادمة لبعض القوة الشيعية كتحالفي الفتح والنصر وقوى شيعية أخرى، بينما أحرز تيار الصدر الفوز الأكبر بحصوله على 73 مقعداً.
دخل العراق بعد الاقتراع إلى مرحلة تبادل الاتهامات والدعاوى والطعون برفض النتائج واستمرت لنحو شهرين ونصف، إلى أن حسمت المحكمة الاتحادية الجدل برفض الطعون والمصادقة على النتائج قبل نهاية العام بأربعة أيام.
تلك الأحداث والوقائع جرت في مناخ جاف بسبب قلة الأمطار ومشاريع دول الجوار، إذ حاول العراق خلالها حل المشكلة بالتفاوض مع إيران وتركيا لزيادة حصصه المائية وتجاوز الأزمة.
بلاد الرافدين جُفت خلال 2021
ويعزو مراقبون ومسؤولون معنيون بالملف المائي الضرر الذي لحق بالعراق، إلى مشاريع دولتي الجوار تركيا وإيران بالاضافة إلى تقلبات المناخ وقلة الأمطار.
وفي منتصف آذار/مارس الفائت، عقد في بغداد مؤتمر المياه وخلاله تم التأكيد على “ديمومة المفاوضات” مع الجانبين التركي والإيراني للوصول إلى تفاهمات بهذا الخصوص.
في ختام شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، أعلن وزير الموارد المائية العراقي، مهدي الحمداني، أن وزارته تمكنت من تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة مع الجانب التركي المتضمنة حصول بلاده على حصة مائية “عادلة”، لكنه ندد بالمشاريع الإيرانية التي تسببت بجفاف محافظة ديالى.

وقبله، أعرب مسؤولون عراقيون عن قلقهم من مشروع سد الجزرة الذي يعتزم الجانب التركي تنفيذه على نهر دجلة، وهو ما قد يشكل “خطورة” على إيرادات العراق المائية، تفوق خطورة سد أليسو الذي أدى إلى جفاف نهر دجلة عام 2018.
أما بالنسبة لإيران فمن المنتظر الجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل لاتفاقات تضمن عدم تكرار ماحصل لمحافظة ديالى من قطع للمياه بالكامل. بحسب الوزير.
لكن الأمطار وبعد غياب، عادت بشدة مطلع شهر كانون الأول/ ديسمبر لتشكل فيضانات في أربيل قضى فيها 14 شخصاً.