عناصر للجيش الوطني عائدون من ليبيا: دفعنا مبالغ للسماح بالعودة لعائلاتنا
إدلب – نورث برس
وصل أسامة حج سليمان (27 عاماً)، وهو اسم مستعار لعنصر في فصيل سليمان شاه (العمشات)، مؤخراً، إلى إدلب شمال غربي سوريا قادماً من ليبيا عبر الأراضي التركية برفقة 35 عنصراً، بعد أن دفعوا مبالغ مالية لضباط أتراك وقادة للجيش الوطني الموالي لتركيا.
ويقول عناصر في فصائل الجيش الوطني ممن أرسلتهم تركيا للقتال في ليبيا وعادوا مؤخراً إنهم اضطروا لدفع مبالغ، تجاوزت أحياناً ألف دولار أميركي، حتى يتمكنوا من العودة لمناطق سيطرة المعارضة في إدلب وريف حلب الشمالي.
وساهمت تركيا منذ نحو عام، في تجنيد السوريين للقتال إلى جانب قوات حكومة “الوفاق” ضد قوات المشير خلفية حفتر المدعوم من روسيا عبر تقديم إغراءات مالية.
وقامت بنقل آلاف العناصر من فصائل الجيش الوطني إلى ليبيا للمشاركة في العمليات العسكرية ضد حكومة “حفتر” وذلك بعد وعود برواتب تتجاوز ثلاثة آلاف دولار أميركي.
ووفقاً لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، فإن “تركيا أرسلت نحو أربعة آلاف مرتزق سوري إلى ليبيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الماضي”.
ومع انتهاء العمليات العسكرية في الأراضي الليبية، حافظت تركيا على عشرات المواقع في ليبيا كقواعد عسكرية تابعة لها يحرسها عناصر لفصائل المعارضة السورية.
ووفقاً لعناصر سوريين في ليبيا فإن أوضاعهم ساءت بعد تخفيض رواتبهم إلى ما دون 300 دولار أميركي، وذلك في وقت تمنع فيه تركيا عودة أي عنصر إلى الأراضي السورية إلا بحالة مرضية قاسية.
“يلي بيدفع بيطلع”
ومنتصف العام الفائت، غادر “حج سليمان” إلى الأراضي الليبية بطائرة تابعة للجيش التركي رفقة أكثر من 75 شخصاً.
يقول، لنورث برس، إنه تعرض خلال تواجده في ليبيا “لمضايقات وعمليات ابتزاز واحتيال” من قبل قادة فصيل “العمشات”، إذ أنه كان من المفترض أن يقضي ستة أشهراً فقط في ليبيا، إلا أن الأمر لم يكن كما كان مخططاً له، على حد تعبيره.
ويضيف: “اكتشفنا عند وصولنا أن العودة إلى سوريا هي أشبه بالحلم، إذ أنه من المستحيل أن تعود دون أن تضطر لدفع مبالغ كبيرة، فبعض الضباط الأتراك وقادة في الجيش الوطني يتبعون قاعدة (يلي بيدفع أكثر بيطلع)”.
واضطر العنصر لدفع 900 دولار أميركي للقائد العسكري المسؤول عن المجموعة في قاعدة الجفرة العسكرية، “مقابل أن يحجز لي دوراً في أقرب طائرة ذاهبة إلى تركيا حيث يمكنني الوصول إلى إدلب”.
ويشير إلى أنه تعرض في ليبيا للضرب والتعذيب عدة مرات على أيدي قادة ومسؤولين في فصيل العمشات، “المعاملة كانت سيئة جداً، وتصل في بعض الأحيان لدرجة إطلاق النار على القدم بواسطة المسدس على بعض الشبان”.
ويبلغ عدد العناصر السوريين التابعين لفصائل الجيش الوطني السوري في ليبيا أكثر من 15 ألف مقاتل سوري جلهم من فصائل فيلق المجد وفرقة السلطان مراد والعمشات، بحسب ما قال أحد قادة الجيش الوطني لنورث برس.
وأشار القائد العسكري إلى أن العناصر السوريين منتشرون في أكثر من 30 قاعدة ونقطة عسكرية تركية أو مدعومة منها في ليبيا أبرزها الوطية وجنزور ومطار طرابلس والجفرة و مصراتة البحرية ومعيتيقة.
رواتب غير مدفوعة
ويذكر “حج سليمان” أن مستحقاته التي لم يستلمها حتى اليوم لقاء تواجده في ليبيا تتجاوز 20 ألف ليرة تركية، حاله كحال مئات المقاتلين الذين تعرضوا “لاحتيال من قبل قادة الفصائل”.
ومنذ أكثر من أربعة أشهر، لم يستلم جمال الحلبي (31 عاماً) وأكثر من 75 آخرين من رفاقه رواتبهم من قيادة فصيل فرقة الحمزة المرسلين إلى ليبيا، بحجة عدم دفعها من قبل الأتراك حتى الآن، وفقاً لما ذكره لنورث برس.
يقول “الحلبي”، الذي ما زال متواجداً في ليبيا، إن عدم استلامهم رواتبهم دفعهم قبل نحو نصف شهر للاحتجاج والتمرد في المعسكر والمطالبة بمستحقاتهم، ورداً على المعاملة السيئة التي يتعرضون لها من قبل المسؤولين العسكريين.
ويضيف أن قيادة الفصيل وافقت على مطالب العناصر المحتجين في البداية، ليبدو لاحقاً أنها “حيلة بهدف إسكاتهم”.
وفي اليوم التالي، قامت قوات أمنية بمداهمة المهاجع وسوق الأشخاص الذين كان لهم دور في الاحتجاجات إلى السجن، “وتعرضوا هناك للتعذيب بقسوة”.
يقول “الحلبي”: “في النهاية قام قائد يدعى أبو عائشة بإطلاق النار على أقدام ثلاث من المحتجين مهدداً إياهم بإطلاق الرصاص على رؤوسهم في حال كرروا الاحتجاج”.
ويحاول الشاب العودة إلى الأراضي السورية لكنه يجد صعوبة في ذلك وخاصة أنهم “يطلبون أكثر من 800 دولار أميركي حتى يضعوا اسمي في قائمة الأشخاص المسموح لهم بالعودة”.
ويصف حاله: “أصبحنا شبه سجناء في هذه القاعدة التي ليس لها شبيه إلا سجن صيدنايا في سوريا”.