عائلات بحلب لم تستلم الخمسين ليتراً من المازوت وأسعار “السوداء” تفوق طاقة الجيوب

حلب- نورث برس

ما زال عبد الفتاح حمصي (36 عاماً)، وهو من سكان حي بستان القصر في مدينة حلب، شمالي سوريا، ينتظر استلام رسالة تعبئة مازوت التدفئة وسط مخاوف من عدم حصوله على مخصصاته من المادة كما الشتاء الفائت.

يقول الرجل الثلاثيني، وهو رب أسرة تضم أربعة أفراد، إن معظم سكان الحي لم يستلموا المازوت المدعوم حتى الآن، وسط عجزهم عن شرائه من السوق السوداء.

 وأجبر تدهور الوضع المعيشي “حمصي” لاستدانة مال من أحد أقرانه ثمن المازوت المدعوم وشراء بيدون فارغ على أمل استلام مستحقاته، “لكن يبدو أننا ننتظر دون جدوى”.

وللعام الثالث هذا الشتاء، لم تستلم عائلات في حلب مخصصاتها من مازوت التدفئة رغم تخفيض الكميات عاماً بعد آخر، بينما استلمت أخرى مخصصاتها العام الماضي أو الذي سبقه.

والشتاء الفائت، خفضت الحكومة السورية مخصصات السكان من مازوت التدفئة بمقدار النصف، لتصبح 100 لتر بدلاً من 200 لتر وهذا العام خفضت الكمية إلى النصف.

وبداية آب / أغسطس الفائت، أعلنت الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية “محروقات” التابعة للحكومة السورية، بدء التسجيل على مازوت التدفئة بمعدل 50 لتراً فقط لكل عائلة.

وتعتمد عملية التوزيع على مبدأ إرسال طلب للحصول على مخصصات المازوت عبر تطبيق البطاقة الذكية على الهواتف الذكية من ثم تصل رسالة نصية للمستفيد تحدد له المكان المخصص ليستلم المخصصات بسعر 600 ليرة للتر الواحد.

مستودعات فارغة

وتعاني مناطق السيطرة الحكومية من نقص شديد في مادة المحروقات ولم تنجح السياسات الحكومية عبر سياسة التقنين من خلال اعتماد البطاقة الذكية والرسائل النصية في إيصال المخصصات لمستحقيها أو منحهم كفايتهم.

وقال مصدر من شركة سادكوب الحكومية في حلب إن المحافظة تضم600  ألف بطاقة ذكية (الأسر المسجلة في البرنامج)، “ولكن لم نتمكن من توزيع  سوى 30 % من البطاقات”.

وأشار إلى أن مستودعاتهم فارغة وأنهم ينتظرون وصول كميات إضافية من المازوت، “ولكن على الأغلب لن يتمكن الكثير من المواطنين المسجلين من الحصول على المازوت لشح الكميات الواردة إلى حلب”.

ولم يستلم جواد العمير(46 عاماً)، وهو من سكان حي الأشرفية بحلب، مخصصاته من وقود التدفئة هذا العام أيضاً.

ورغم أن الكمية المخصصة لن تكفيه لأكثر من أسبوع في أحسن الأحوال، لكنه يجد “الرمد أحسن من العمى”، في إشارة منه إلى أنه يرضى بالكمية القليلة فهي أفضل من أن لا يستلم شيئاً، على حد قوله.

 ويأمل الرجل الأربعيني أن يحالفه الحظ هذا العام ويستلم المازوت المدعوم وخاصة أن البدائل الأخرى للتدفئة كشراء الحطب أو المازوت من الأسواق “غير ممكنة” لارتفاع الأسعار.

ويصل سعر الطن الواحد من الحطب مليوناً و200 ألف ليرة سورية، في حين يباع اللتر الواحد من المازوت بأكثر من 2.500 ليرة سورية في الأسواق.

“انتعاش السوق السوداء”

يتساءل “العمير” باستياء: “هل يفكر المسؤولون الحكوميون الذين يجلسون بجانب المكيفات والمدافئ كيف يتدبر المواطن أمره وكيف يؤمن الدفء لأطفاله؟”

ويضيف: “البرد ينهش أجسادنا والحكومة تحاول تدفئتنا بالكلام المعسول على وسائل الإعلام”.

وفي هذه الأثناء، يستعين بالأغطية والملابس السميكة لتدفئة أطفاله الخمسة في ظل عدم توفر الكهرباء أيضاً.

والثلاثاء الماضي، قال مدير التخطيط في وزارة الكهرباء السورية، أدهم بلان، إن الشهرين الحالي والمقبل هما الأصعب كهربائياً في هذا الشتاء.

ونقلت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية عن “بلان” قوله إنه في ظل الطلب المرتفع للكهرباء تكثر الأعطال الفنية على الشبكة، خصوصاً مقابل تراجع توريدات الغاز.

ووفقاً للوزير فإنه ليس هناك برامج تقنين ثابتة لأن الكميات المتاحة من الطاقة الكهربائية هي التي تحدد برامج وساعات التقنين.

وفي الوقت الذي تقول في الحكومة إن هناك نقصاً شديداً في مادة المحروقات، تتوفر المشتقات النفطية بكميات كثيرة في السوق السوداء، لكن أسعارها “خيالية”، بحسب تعبير سكان.

ورغم أن القانون السوري يمنع التجارة بأي شكل من الأشكال بالمشتقات النفطية، تنتشر هذه التجارة بشكل علني على بسطات في الأحياء والطرق العامة الرابطة بين المحافظات.

ويرى سكان في مناطق السيطرة الحكومية أن توزيع مادة المازوت وفق نظام الرسائل ما هو “إلا مسبب لأعمال السوق السوداء”.

ويقول ضياء الدين سيفو (60 عاماً) وهو من سكان حي الصالحية بحلب إن من يمتلك المال يستطيع شراء المازوت من السوق السوداء وبالكميات التي يريدها، في حين تعجز الحكومة عن تأمين 50 لتر لكل عائلة.

ويتساءل: “من يأتي بكل هذا المازوت للأسواق إذاً؟”.

إعداد: نجم الصالح- تحرير: سوزدار محمد