المجلس المحلي في رأس العين يقونن سرقات لمسلحي الفصائل

ريف الحسكة- نورث برس

يتهم إعلاميون وحقوقيون نازحون من مدينة سري كانيه (رأس العين)، شمال شرقي سوريا، المجلس المحلي الموالي لتركيا في المدينة بقوننة سرقات وأعمال نهب ارتكبت بأيدي مسلحي فصائل المعارضة منذ سيطرتها مع القوات التركية على المنطقة قبل أكثر من عامين.

وأواخر الشهر الفائت، أعلن المجلس المحلي في رأس العين عن بيع سبائك ألمنيوم في مزاد علني أمام التجار.

ولاقى الإعلان تساؤلات بين أوساط الرأي العام المحلي على مواقع التواصل الاجتماعي حول مصدر هذه “السبائك”، لتشير مصادر إلى أنها لمسروقات مذابة.

وتسيطر القوات التركية مع فصائل المعارضة السورية الموالية لها على مدينة سري كانيه منذ خريف العام 2019، بعد هجوم تسبب بنزوح عشرات الآلاف عن ديارهم، وفق تقارير محلية ودولية.

وتتهم تقارير حقوقية فصائل المعارضة بالقيام بأعمال سلب ونهب في رأس العين طالت أملاكاً عامة وخاصة، على غرار ما جرى في مدينة عفرين بعد آذار / مارس 2018.

وفي أيلول/ سبتمبر 2020، ذكر  تقرير لمحققين دوليين “انتشار النهب والاستيلاء على الممتلكات الخاصة من قبل الجيش الوطني السوري، لا سيما في المناطق الكردية”.

“تسهيلات نهب وبيع”

ويرى ناشطون نازحون من المدينة أن إعلان “المجلس المحلي” عن بيع هذه المواد في مزاد علني، يدل على تورطه مع قادة وعناصر للفصائل ارتكبوا انتهاكات،  معتبرين أن المجلس المشكل من جانب تركيا  “واجهة لتصريف المسروقات”.

وقال عزالدين صالح، وهو المدير التنفيذي لرابطة تآزر ومتحدر من المدينة، إن “أغلب المسروقات ضمن سري كانيه هي من المنطقة الصناعية، عمدت الفصائل إلى الاستيلاء عليها عبر عمليات نهب ممنهجة ليتم بيعها أو نقلها إلى تركيا عبر تجار”.

ورابطة ‘‘تآزر’’ هي تجمع لصحفيين وحقوقيين وباحثين من سري كانيه وتل أبيض، وتقوم بتوثيق الانتهاكات في المدينتين وأريافهما.

وفي تحقيق نشرته الرابطة في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كشفت عن وثائق وصور تدل على حوادث نهب للممتلكات من قبل الفصائل الموالية لتركيا وبيعها للتجار.

يضيف “صالح”: “قمنا بالتحقق من هذه المعلومات بصرياً وعبر صور مأخوذة من الاقمار الصناعية، إذ بيعت المسروقات عبر تجار محليين أو عن طريق تجار أتراك قدموا إلى سري كانيه ونقلوا تلك المواد إلى تركيا”.

ويرى أن “المجلس المحلي متورط في تصريف المسروقات ومستفيد منها، وبيانه تأكيد لجميع المعلومات التي قمنا بتوثيقها سابقاً”.

ويقول إن “السبائك التي أعلن عنها المجلس المحلي هي نتاج صهر مسروقات من مادة الألمنيوم، ليسهل بيعها بالكيلوغرامات والاطنان للتجار، وهذا الامر ينطبق على النحاس والحديد ومعادن أخرى’’.

ويشير المدير التنفيذي لرابطة “تآزر” إلى منازل سري كانيه التي باتت بلا أبواب ونوافذ، “هي دليل واضح على تورط الأتراك والمجلس المحلي في أعمال النهب وتهجير الآلاف في ظل انعدام الأمن هناك”.

وجمعت رابطة ‘‘تآزر’’ في تحقيقها السابق شهادات حول ضلوع المجلس المحلي في مدينة سري كانيه في تقديم تسهيلات لنهب وبيع آلات ومعادن مقابل مبالغ مالية.

ويتحدث شهود عيان عن حوادث لاستخراج “مادتي النحاس والألمنيوم”، من شبكتي الكهرباء والرّي والإضرار بالعديد من المباني والأراضي الزراعية.

وتقول الرابطة إن الفصائل العسكرية كانت تنقل شاحنات محملة بالمعادن والبضائع من المنطقة الصناعية في سري كانيه إلى تل أبيض، ليتم بيعها لتجار يتم التنسيق معهم مباشرة من جانب قادة المجموعات في الفصائل.

 ويذكر التحقيق أن التوثيقات مبنية على معلومات من شهود عيان من سكان المنطقة بينهم موظفون في المجلس المحلي نفسه.

“سرقات ممنهجة”

ويعتبر صحفيون في منطقة شمال شرقي سوريا، أن منع الوسائل الإعلامية من رصد الواقع في سري كانيه يدل على حجم الانتهاكات في المنطقة التي تسيطر عليها تركيا ويطلق المسلحون الموالون لها تسمية “الغنائم” على المسروقات فيها.

وخلال عامين من سيطرتها، منعت السلطات التركية دخول وسائل إعلامية إلى سري كانيه وتل أبيض باستثناء المقربة منها، وهو ما منع توثيق غالبية الانتهاكات.

وقال عبدالحليم سليمان، وهو صحفي يتحدر من سري كانيه، أن عناصر الفصائل استباحوا ممتلكات المدنيين في مدينته منذ اليوم الأول من دخولهم إليها.

وأضاف: ” كل فصيل يسيطر على منطقة، ويقوم بسرقة السكان، والبيان الأخير للمجلس المحلي لا يقدم أي معلومات جديدة بل هو مجرد تأكيد آخر على ما نعرفه قبل الآن”.

وفي الـثلاثين من تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، نشرت إحدى الحسابات المقربة من المعارضة على تطبيق ‘‘تليغرام’’، صوراً لأدوات ري وزراعة قيل إنها بعد فك ونهب محطة الري في قرية الأهراس من قبل فصيل “الرحمن”.

وسبق ذلك بأيام، تفكيك صوامع قرية المناجير وبيع مولدة الكهرباء لفرنها الآلي.

ووفق المعلومات المنشورة، فإن قادة الفصيل المذكور يقومون ببيع هذه الأدوات لتاجر سوري يدعى عبدالقادر جروخ (يلقب بعبدو السفراني”، والذي ينقلها بدوره إلى تركيا.

ويتفق “سليمان” مع متابعين آخرين على أن السبائك المعلن عنها “نتاج عمليات نهب لأملاك عامة وخاصة، والمجلس المحلي يثبت أنه الوسيط بين الفصائل والتجار “.

يضيف بتهكم: “أ كانت مدينتنا تضم مناجم للألمنيوم ولم نكن نعلم؟’’.

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: حكيم أحمد