عمال نظافة في حلب يشترون معدات عمل على نفقتهم الخاصة

حلب – نورث برس

يتفقد رائد ويس (45 عاماً)، وهو عامل في قسم النظافة بحي الأعظمية في حلب شمالي سوريا، المكنسة الجديدة التي اشتراها بدل التالفة على نفقته الخاصة، وذلك للاستمرار في مهامه في ظل عدم تأمين الأدوات والمستلزمات من الدائرة الحكومية التي يعمل لديها.

ويقول عمال نظافة في حلب إنهم لم يستلموا منذ العام الماضي لباساً ولا معدات جديدة للعمل مثل المكانس والعربات وغيرها من أدوات العمل.

ويشير بعضهم إلى اضطرارهم لتحمل تكلفة صيانة معداتهم القديمة، رغم تدني قيمة رواتبهم الحكومية وغياب الحوافز المالية.

يقول “ويس”، الذي دفع 15 ألف ليرة ثمناً للمكنسة الجديدة، إن ثمنها كان خمسة آلاف حين اشتراها المرة السابقة قبل شهرين.

لكن الاستمرار في شراء مستلزمات العمل على حسابه، بات يثقل كاهل عامل النظافة ويشعره بالضيق لأن راتبه الذي لا يتجاوز 80 ألف ليرة سورية لا يكفي معيشة عائلته، “والحوافز نستلمها كل عام مرة وهي أقل من قيمة عبوة زيت نباتي”.

وفي الحادي عشر من تموز/ يوليو الماضي، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، مرسوماً قضى بزيادة رواتب العاملين في الدولة بنسبة 50 %، و ٤٠% للمتقاعدين.

وقبل الزيادة وبعدها، رفعت الحكومة أسعار المواد التي تدعمها من خبز ومشتقات نفطية، بينما لم تتوقف الأسعار عن صعودها في الأسواق منذ ما يقارب عقداً من الزمان.

“لم يقدموا شيئاً”

وتعتمد المؤسسات الحكومية على لجنة مشتريات مسؤولة عن تأمين مستلزمات عمل القطاع، ومن مهامها بحسب لوائح نقابية مراقبة تأمين الحصص الغذائية واللباس والأدوات اللازمة للعمال.

لكن علي الغباش (30 عاماً)، وهو عامل نظافة في حي الميسر التابع إدارياً إلى قطاع باب النيرب بحلب، قال إن اللجنة النقابية لتجمع عمال النظافة لم تقدم لهم أي لباس أو أحذية عمل منذ أكثر من عام.

يشير إلى لباسه وجزمته، “اشتريت هذه البدلة التي أرتديها على حسابي، وكلفتني 22.500 ليرة سورية، بالإضافة لـ 12 ألفاً دفعتها ثمن الجزمة”.

ويضيف باستياء: “لم يسأل أحد ماذا نريد أو ماذا ينقصنا، ومن يهتم لأمرنا إذا دفعنا الراتب أو ضعف الراتب على مستلزمات العمل!”

ينهمك “الغباش” بربط حاوية بسيارة القمامة لإفراغها من النفايات، ويقول: “إن غاب أي مسؤول لأيام لن يشعر به أحد، وإن غبت ليوم واحد يشعر بغيابي أهل الحي كله”.

 ويشير بذلك إلى أن تراكم النفايات في الشوارع يمنعهم من التوجه لعمل آخر كغيرهم من موظفي الحكومة.

ولا ينكر الرجل قبول ما قد يقدمه له أصحاب محال أو سكان، “فالراتب لا يكفي والحكومة لا تكترث”.

“مبررات غير مقنعة”

وقام وجيه الريمي (40 عاماً)، وهو عامل نظافة بإصلاح العربة التي يستخدمها في العمل عدة مرات على حسابه الشخصي، “وطالبت النقابة بتعويض فجاء الرد بطلب فاتورة إصلاحها ورفعها إلى المدير العام للموافقة”.

يقول إن اللجنة النقابية لتجمع عمال النظافة “لا تقوم بأي أعمال، نحن ليس لدينا صندوق وفاة ولا صندوق تقاعدي ولا مؤسسة استهلاكية، والحوافز تقتصر على عشرة آلاف ليرة كل عام”.

وعلل حميدي بوزغة، وهو رئيس اللجنة النقابية لتجمع عمال النظافة بحلب، عدم إتمام صفقات شراء معدات جديدة بعدم استقرار الأسعار في السوق.

وقال لنورث برس إن الميزانية المالية المقدرة للجنة الشراء تحتاج دوماً إلى تعديل الأسعار التي ارتفعت من جديد “وهذا يأخذ وقتاً وعلى العمال الصبر حتى تأتي الموافقة وشراء دفعة جديدة من المعدات والملابس”.

ورأى “بوزغة” أن الحكومة تهتم بعامليها وتعمل على تعديل نظام الصندوق الصحي بما يخدمهم.

“وطلبنا من مجلس مدينة حلب تعديل تعويضات طبيعة العمل ضمن الراتب وإعادة النظر في مستحقيها، وركزنا على الوجبة الغذائية والحوافز أسوة بباقي الزملاء العاملين في المؤسسات”.

لكن عمال نظافة في حلب قالوا، لنورث برس، إن تبريرات المسؤول الحكومي “غير مقنعة” في ظل غياب الوجبات الغذائية التي يفترض بأن تكون إجبارية للعمال الذين يتعرضون لعوامل تلوث ومخاطر أمراض.

ويبلغ مجموع العمال الكلي في مجلس مدينة حلب نحو 2.930 عاملاً، بحسب نقابة العمال في مجلس المدينة.

وتعاني غالبية قطاعات مجلس مدينة حلب من نقص في الموارد البشرية، وذلك لأن وزارة الإدارة المحلية لم تفتح أبواب التوظيف أو العقود السنوية منذ عدة أعوام، بحسب مصدر في المجلس.

كما تعاني أحياء سكنية من عدم التزام فرق النظافة بترحيل القمامة بشكل يومي بسبب قلة الآليات والأيدي العاملة، بحسب عاملين في بلديات المدينة.

ورغم كل ما يشعر به العامل رائد ويس من سخط، يمضي إلى عمله في الحي مع مكنسته الجديدة التي تسببت بتخفيض راتبه الحكومي هذا الشهر.

إعداد: معتز شمطة – تحرير: سوزدار محمد