فقط للسفر.. طلاب بجامعة حلب يسعون لعدم تأخر تخرجهم

حلب- نورث برس

ينتظر حيدر خزمة، وهو طالب في كلية الهندسة المدنية في جامعة حلب، بفارغ الصبر الدورة الامتحانية مطلع العام القادم حتى يتمكن من السفر بعد التخرج  بدل العيش براتب زهيد وفي ظل أزمات مستمرة.

يقول إن ثلاث مواد دراسية فقط تبقيه الآن في بلاده، وسيتمكن بعدها من الفرار من دائرة الأوضاع المعيشية القاسية وقلة فرص العمل وتدني قيمة الرواتب الحكومية وغلاء الأسعار.

يتساءل باستياء: “أيعقل أن أتوظف في دائرة حكومية براتب لا يتخطى 100 ألف ليرة سورية بعد دراسة خمسة أعوام في الجامعة؟ ذلك أقل من مصروفي كطالب”.

ويخطط طلاب جامعيون في جامعة حلب للسفر إلى خارج سوريا وذلك بعد إتمام تحصيلهم الجامعي، في ظل فقدانهم الأمل في تحسن الأوضاع في مناطق سيطرة الحكومة.

وتُعد الهجرة، لا سيما هجرة الشباب وأصحاب الكفاءات والخبرات، من أبرز الظواهر المستمرة التي خلفتها الحرب السورية، رغم المخاطر المحتملة على طريق اللجوء.

“البقاء انتحار”

ينوي “خزمة” السفر إلى مدينة دبي، “هناك يمكن لي أن أعمل في اختصاصي وأحسن ظروفي المعيشية والاقتصادية”.

ويضيف: “بقائي هنا سيكون بمثابة انتحار وقتل لشبابي وطموحاتي”.

ومنذ العام 2014، تحتل سوريا المركز الأول كمصدر للاجئين في العالم.

 وهذا العام، تشير أرقام نشرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى 6.7 مليون لاجئ سوري، 80% منهم يعيشون في الدول المجاورة.

وقبل عام، عُقد في العاصمة دمشق مؤتمر اللاجئين، دعت إليه روسيا لبحث عودة اللاجئين السوريين في دول الجوار إلى ديارهم.

لكن السوريون في الداخل والخارج تناولوا حينها انعقاد المؤتمر بسخرية وتهكم كبيرين، وطالبوا بعقد مؤتمر لخروج من تبقى منهم من البلد.

ويقول فاضل العكام (24 عاماً) وهو طالب في كلية طب الأسنان في جامعة حلب، إن الحكومة لا تنفك تتحدث عن هجرة العقول والخبرات وخسارة الشباب، “لكنها لم تبادر حتى الآن لاتخاذ أي إجراء للحد من هذه الظاهرة التي تتزايد بشكل كبير”.

ويشير إلى أنه لو تم توفير فرص عمل حقيقية بأجور عالية لصرف الكثير من الطلاب والخريجين أنظارهم عن السفر.

“لو طبقت الحكومة سياسيات اقتصادية أفضل واهتمت بالطلبة وأصحاب المكانة العلمية، لما فكر أحد بالرحيل من أرضه ووطنه”.

وفي العشرين من حزيران يونيو الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالة بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، إن من واجب الجميع مساعدة اللاجئين على إعادة بناء حياتهم.

لكن لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا قالت، في تقرير صدر منصف أيلول/ سبتمبر الماضي، إن تصاعد العنف والقتال يؤدي إلى تفاقم المحن في سوريا، ما يجعلها غير آمنة لعودة اللاجئين.

ولفت التقرير إلى “التدهور السريع” في الاقتصاد السوري، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الخبز وتزايد ملحوظ في انعدام الأمن الغذائي بنسبة تزيد عن 50 في المائة مقارنة بالعام الماضي، “ويبدو الوضع العام في سوريا قاتماً بشكل متزايد”.

مخاطر لا تمنع

وتأمل رنا الديري (23 عاماً)، وهي طالبة سنة ثالثة في قسم اللغة الإنكليزية، إنهاء دراستها الجامعية دون تأخر للالتحاق بشقيقها المتواجد في ألمانيا.

وترغب الطالبة في الهجرة إلى هناك، “لأحقق طموحاتي وأؤمن مستوى معيشي أفضل”.

وتعد اليونان أحد السبل الرئيسية المؤدية إلى ​الاتحاد الأوروبي​ التي يسلكها طالبو لجوء يعبرون من تركيا في زوارق مطاطية مكتظة عادة.

 وفي السادس والعشرين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، قضى أربعة أطفال غرقاً أثناء محاولتهم العبور من ​تركيا​ إلى ​اليونان​، بعدما غمرت المياه قاربهم الذي كان يقل نحو 27 شخصاً.

وقال وزير ​الهجرة​ اليوناني، نوتيس ميتاراكيس، حينها، إن أعمار ​الأطفال​ تتراوح بين ثلاث و14 عاماً، في حين تم إنقاذ 22 آخرين.

وفي الثامن والعشرين من آب/اغسطس الفائت، غرقت سفينة شحن، أفراد طاقمها سوريون، في بحر إيجه بعد اصطدامها بجزر يونانية.

وفي حزيران/ يونيو الفائت، لقي 17 لاجئاً سورياً، بينهم أطفال ونساء من درعا، حتفهم جراء غـرق القارب الذي كان يقلهم من ليبيا إلى إيطاليا في مياه البحر الأبيض المتوسط تزامناً مع اليوم العالمي للاجئين.

والشهر الفائت تفاقمت أزمة لاجئين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا واتسعت آثارها لتشمل العلاقات الدولية.

ورغم تداول أنباء شبه يومية عن فقدان أشخاص حياتهم أثناء محاولة الوصول إلى أوروبا بطرق غير شرعية، إلا أن “الديري” تقول إنها  ستحاول الوصول إلى ألمانيا حتى لو كان عن طريق التهريب ودفع الأموال، “أنا مستعدة لتحمل كل المشقات بهدف الوصول إلى أوروبا”.

وتتساءل: “ما مصيري بعد تخرجي؟ ففي  أفضل الأحوال سيتم تعييني كمدرسة في إحدى المدارس الحكومية وبداية ستكون بالأرياف وأجر لن يتجاوز 70 ألف ليرة والذي سيتم صرفها كأجور مواصلات إلى المدرسة”.

وتشير إلى أنه لا خيار أمامها سوى الهجرة إلى ألمانيا حيث سبقها في ذلك شقيقها الحاصل على شهادة الاقتصاد من جامعة حلب.

 وتضيف الطالبة أن شقيقها الذي هاجر عام 2015، توظف وبعد حصوله على الإقامة في شركة مصرفية في مدينة شتوتغارت الألمانية “بأجر عالي ووضعه المالي حالياً جيد”.

إعداد: نجم الصالح – تحرير: سوزدار محمد