مجدداً.. احتفاء بتفاهمات ومشاريع إيرانية في سوريا وسابقاتها لم تر النور بعد

دمشق ـ نورث برس

لم يترك الوفد الإيراني الذي يزور سوريا وزارة ذات صلة بالاقتصاد إلا زارها ليجري مباحثات مع كبار المسؤولين فيها، مع إعلان رسمي يقول إن المباحثات تناولت “تجاوز العقوبات” المفروضة على البلدين، كما بحثت تعزيز التبادل التجاري، ومشاريع مشتركة.

وهو ما سبق أن تكرر أكثر من مرة في سوريا عند الإعلان عن اتفاقات سورية إيرانية، شملت جميع المجالات إلا أن نتائجها على الأرض ما زالت متواضعة.

ويبدو الإعلان عن تلك الاتفاقات “في إطار دعائي أكثر مما هو عملي وواقعي”. كما قال أحد الصناعيين لنورث برس.

وتأتي اللقاءات الراهنة على هامش إقامة “معرض المنتجات الإيرانية” في دمشق، الذي افتتحه وزير الاقتصاد السوري محمد سامر الخليل، بحضور وزير الصناعة زياد صباغ، وعن الجانب الإيراني وفد يترأسه وزير الصناعة والمناجم والتجارة في الإيراني رضا فاطمي آمين.

وبعد افتتاح المعرض، الذي تشارك فيه 164 شركة إيرانية، ووصفه “الخليل” بأنه “نقطة انعطاف في العلاقات التجارية بين البلدين”، أجرى الوفد الإيراني مباحثات في وزارة النفط، ثم في وزارتي “الاقتصاد”، و”التجارة الداخلية وحماية المستهلك”.

المحادثات في وزارة النفط تطرقت، حسب وكالة “سانا” التي تديرها الحكومة السورية، لـ”تطوير العلاقات وتعزيز التعاون في مجالات النفط والغاز والثروة المعدنية”.

وركزت على التعاون في مجال تحويل السيارات للعمل على الغاز الطبيعي وتأمين احتياجات قطاع النفط من المواد الكيميائية والمعدات النفطية”.

وذكرت الوكالة أن وزير النفط بسام طعمة أشار إلى عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات بين البلدين في مجال عمل وزارة النفط، والتي دخلت حيز التنفيذ ويجري العمل بموجبها ومتابعتها.

اقرأ أيضاً:

إيران تدشن مركزاً تجارياً في قلب دمشق.

وزير التجارة السوري يقول إن لإيران الأولوية الاقتصادية في سوريا

افتتاح معرض المنتجات الإيرانية الثاني بدمشق

سوريا وإيران تبحثان في مجالات النفط والغاز والثروات المعدنية

طلاس: إيران تستحوذ على حصة الأسد في استثمار شركات القطاع العام السورية

واللافت أن المحادثات الراهنة تطرقت إلى “المقايضة” بين السلع السورية والإيرانية. وهو ما ذكرته الأخبار الرسمية عن الوزارات التي شهدت لقاءات بين الجانبين.

ونقلت وزارة الاقتصاد عن الوزير “الخليل” أن “وجود عدد كبير من الشركات الإيرانية يدل على أن التعاون بين الجانبين لا يستهدف فقط التبادل التجاري وإنما انتقل أيضاً إلى تعاون تصديري لأسواق البلدين”.

وأضاف “الخليل” أن معظم الشركات تسعى إلى تعاون في مجال الاستثمار سواء بشكل مباشر أو عبر التعاون مع القطاعين العام أو الخاص.

وقال إن ثمار اللقاءات مع الوفد الإيراني “ستظهر في تطور التبادل التجاري والتكامل الصناعي في العديد من القطاعات”.

بينما وصف الوزير الإيراني سوريا بأنها “كانت وما زالت بلداً صناعياً يمتلك بنى تحتية جيدة في قطاع صناعة الأقمشة والمواد الغذائية”.

وقال إن بلاده “تبحث عن فرص عمل مشتركة بين البلدين وهناك إمكانات كبيرة لتنمية العلاقات المشتركة في هذا المجال”.

مع رجال أعمال

رجال الأعمال في البلدين كانت لهم محادثاتهم أيضاً، إذ التقى وفدان إيراني برئاسة رئيس اتحاد غرفة تجارة وصناعة ومناجم وزراعة إيران غلام حسين شافعي، وسوري برئاسة رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس.

ودعا أعضاء غرفة الصناعة إلى ضرورة تجاوز العقبات المتعلقة بشحن البضائع والدفع والتخليص الجمركي، وكذلك إلى الإسراع في تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، ولاسيما المتعلقة بالجانب التجاري.

وبحث الجانبان آليات دعم السياحة وإقامة مصارف مشتركة لتسهيل المعاملات المالية.

ما الجديد؟

وحول أهمية المعرض وتلك المحادثات، قال أحد الصناعيين في دمشق، إن الجانب الإيراني “لم يقدم حتى الآن ما يمكن وصفه بأنه مشروع حقيقي يمكن أن يفيد السوريين، خاصة مع الأزمات المتراكمة والمستمرة”.

وأشار المصدر، مفضلاً عدم ذكر اسمه، في حديث لنورث برس، إلى أن الاتفاقات بين البلدين ليست جديدة، “سوريا وإيران وقعتا منذ 2012 اتفاقية للتجارة الحرة، بينهما”، ويتساءل: “ما النتائج الآن على الأرض؟”.

وأضاف: “إيران لا تعيش وضعاً اقتصادياً صحياً حتى يمكنها أن تنقذ بلداً يعاني شبه انهيار اقتصادي كسوريا، فهي أيضا تخضع لعقوبات، كما أنها مستهدفة في سوريا من أكثر من طرف، ويعد وجودها غير مرغوب حتى بالنسبة للحلفاء”.

ولكل ذلك، فإن إيران لا تسعى حالياً لإقامة مشاريع ذات جدوى اقتصادية، “بل هي تحاول أن تدخل في مجالات يكون لها فيها نوع من الأفضلية إن لم تتحول لملكية في المستقبل”، بحسب المصدر.

وأضاف: “أي أنها تحاول أن تحجز لنفسها مصالح عبر اتفاقات تأخذ طابعاً قانونياً يضمن لها وجوداً دائماً في البلد، أو استعادة ما أنفقته من دعم خلال السنوات الماضية”.

ويذكر المصدر أن من أوضح الأمثلة على ذلك مشروع محطة الرستين في اللاذقية، والذي ما زال يتم الحديث عنه على أنه سيساهم في إنهاء أزمة الطاقة الكهربائية في المحافظة على الأقل، “إلا أن المشروع لم يبصر النور حتى الآن”.

اتفاقات ومشاريع

يذكر أن اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين الموقعة منذ 2012 تضمنت خفضاً لنسب الرسوم الجمركية، واعتماد الرسم 4% مع اقتراح إمكانية إلغائه.

وتضمنت الاتفاقية أنه لن يطبق أي ضرائب أو أعباء ذات أثر مماثل للرسوم الجمركية، ولن تطبق أي رسوم جمركية أو أي ضرائب أو أعباء أخرى ذات أثر مماثل على التجارة بين البلدين.

كما تضمنت زيادة حجم التجارة في السلع بين الطرفين المتعاقدين والتخلص من الصعوبات والقيود على تجارة السلع بهدف خلق بيئة مناسبة من أجل تحقيق نمو مستدام في التجارة بين الطرفين المتعاقدين.

وفي عام 2019، وقع البلدان 11 اتفاقية ومذكرة تفاهم، وبرنامجاً تنفيذياً شملت مجالات اقتصادية وعلمية وثقافية وخدمات واستثمار وإسكان.

وبعد توقيع تلك الاتفاقيات تم الإعلان عن أن إيران ستقوم بإشادة 200 وحدة سكينة في دمشق (التي تعد إحدى أكثر العواصم ارتفاعا في أسعار المنازل)، إلا أن المشروع لم ينجز بعد، شأنه شأن كثير من المشاريع التي تم الإعلان عنها، والترويج لها إلا أنها لم تتحول إلى واقع، بحسب مراقبين.

إعداد: ريتا علي ـ تحرير: محمد القاضي