رأس العين وتل أبيض في تشرين الثاني.. احتجاجات معيشية واستمرار الفلتان الأمني

الحسكة – نورث برس

شهدت مدينتا سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض شمالي سوريا، خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، استمراراً للفلتان الأمني على وقع أعمال اختطاف وقتل واشتباكات اندلعت بين فصائل المعارضة الموالية لتركيا في المنطقتين.

ومنذ أواخر عام 2019، تخضع مدينتا سري كانيه وتل أبيض لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة التابعة لها، بعد هجوم تسبب في نزوح نحو 300 ألف شخص من ديارهم، وفق تقارير حقوقية.

وتتكرر عمليات الاختطاف والاعتقالات بحق من تبقى من السكان الأصليين في سري كانيه وتل أبيض، وغالباً ما يكون الدافع وراء الاختطاف ابتزاز السكان وإجبارهم على دفع فدية مقابل الإفراج عنهم.

وفي الثالث من الشهر الفائت، قالت مصادر محلية، لنورث برس، إن مجموعة مسلحين اختطفوا ثلاثة نساء كن ينتظرن دورهن أمام إحدى العيادات الطبية في بلدة سلوك بريف مدينة تل أبيض.

وتم التعرف على إحدى المختطفات وتدعى “سحر محمد الخلوف” وهي من سكان بلدة حمام التركمان من عشيرة المرادات وما يزال مصير النساء الثلاثة مجهولاً حتى الآن.

وفي السياق ذاته، قالت مصادر مطلعة لنورث برس إن مسلحين يتبعون لفصائل المعارضة داهموا في الثامن والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر، قرية السكرية التابعة لتل أبيض واختطفوا كل من هادي عكلة غنيم (من عشيرة جيس العربية) ويوسف الفارس (رجل كردي).

وأشارت المصادر إلى أن المسلحين سلموا المختطفين للاستخبارات التركية  في تل أبيض ولا يزال مصيرهم مجهولاً إلى الآن.

وفي الرابع والعشرين من الشهر، احتج سكان من مدينة تل أبيض عند دوار العلم أمام مدخل المدينة، للمطالبة بالإفراج عن معتقلين ما زال مصيرهم مجهولاً في سجون الفصائل المعارضة.

اقتتال داخلي

وفي الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر، اندلعت اشتباكات بين مسلحين من فصيلي أحرار الشرقية والسلطان مراد في بلدة سلوك بريف تل أبيض، ما تسبب بحالة ذعر بين السكان جراء استخدام الطرفين لأسلحة رشاشة وقذائف، وفقاً لمصدر من البلدة.

وقال المصدر حينها لنورث برس إن الاشتباكات جاءت بعد اتهام مسلحو “أحرار الشرقية” للفصيل الآخر بالعمالة للتحالف الدولي.

وفي الثامن من الشهر، أصيب ثلاثة من عناصر الشرطة العسكرية في قرية تل فندر غرب تل أبيض،  بجروح متفاوتة، في كمين نصبه مسلحون من فصيل “المجد” .

وذكرت مصادر مطلعة أن الهجوم جاء بعد خلاف بين عناصر الطرفين على استلام مادة الخبز من أحد الأفران.

وفي الحادي عشر من الشهر، درات اشتباكات بين مسلحين يتبعون لفصيل أحرار الشرقية وفصيل لواء الخطاب و”أبو جهاد قادسية” في بلدة حمام التركمان جنوب شرق تل أبيض.

وإثر الاشتباكات، سيطر فصيل أحرار الشرقية على مطاحن الحبوب في حمام تركمان وأصيب سبعة عناصر من “لواء الخطاب و”أبو جهاد قادسية”، بحسب شاهد عيان.

وقال الشاهد إن  عناصر “لواء الخطاب” هاجموا مشفى سلوك بالرشاش لعدم استقبال المشفى لجرحاهم.

حالات قتل

وفي الثالث والعشرين، تم العثور على جثة عنصر من فصيل “الحمزات”، تم اغتياله في المنزل الذي استولى عليه في مدينة سري كانيه.

ووفقاً لما روته مصادر من بلدة العلي باجلية جنوب تل أبيض لنورث برس، فإن عناصر من “لواء الخطاب” التابع لفيلق الشام أطلقوا النار على المدني نبيل الشحادة في قرية شركراك بريف تل أبيض الجنوبي.

وأصيب “الشحادة” بجروح بليغة ونقل إلى مشفى في تركيا.

وفي الثامن والعشرين، قال مصدر مطلع إن القيادي عبدالكريم الحسن الملقب بـ “أبو حسن الديري” في فرقة “شهداء بدر” التابعة لفصيل الحمزات، قتل في هجوم مسلح على مقر إقامته في قرية مختلة غربي مدينة سري كانيه وأصيب ثلاثة من حرسه الشخصي.

وتباينت الروايات المحلية حول مقتل “الديري”، ولكن ما برز منها أشار إلى أن سبب القتل هو خلاف حول عائدات التهريب مع قيادي آخر في الفصيل نفسه.

وفي اليوم ذاته، نقلت مصادر محلية عن إصابة ثلاثة عناصر من مسلحي المعارضة جراء انفجار عبوة ناسفة قرب قرية خربة الرز بريف تل أبيض.

سرقة ممتلكات

ومطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، خرج عشرات المحتجون إلى شوارع مدينة سري كانيه منددين بسوء الوضع المعيشي، ورفعوا لافتات تنتقد الواقع المعاش وسط انتشار البطالة.

وجوبهت الاحتجاج بالقوة من قبل الشرطة العسكرية، ما دفع بالمحتجين للتوجه إلى المعبر الحدودي مع تركيا، مرددين شعارات وهتافات تطالب بإسقاط المجلس المحلي.

وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد مدينة سري كانيه، احتجاجات حيال سوء الوضع المعيشي وانتشار البطالة، ففي شهر أيار / مايو الفائت، شهدت المدينة احتجاجات مماثلة جوبهت أيضاً بالعنف من الشرطة العسكرية.

ومنذ سيطرة فصائل المعارضة والقوات التركية على سري كانيه وتل أبيض، عمدت إلى سرقة محتويات منازل المدنيين وممتلكاتهم بعد فرارهم بسبب الحرب.

ويبرر مسلحو المعارضة  سرقة محتويات منازل السكان الأصليين والاستيلاء على ممتلكاتهم، بأنهم موالون لقوات سوريا الديمقراطية.

وقال مصدر محلي لـنورث برس، إن مجموعة مسلحة قامت في العشرين من الشهر الماضي، بتفكيك مولدة الكهرباء الاحتياطي في فرن المناجير بريف سري كانيه، بهدف استخراج النحاس بداخله وبيعه.

وتأكيداً على هذه الأنباء، نشر المجلس المحلي الذي شكلته تركيا، بياناً في الـ 29 من الشهر ذاته، أعلنت فيه بيع سبائك الألمنيوم الموجودة في مستودعات المجلس في مزاد علني.

وتقول مصادر محلية من المدينة، إن مسؤولين في المجلس يعملون بالتنسيق مع قادة الفصائل العسكريين في نهب النحاس والألمنيوم والحديد من الأملاك العامة والخاصة وبيعها بطريقة علنية للتجار.

ويحدث ذلك في ظل تفاقم الوضع المعيشي للسكان وانتشار البطالة وغلاء الأسعار.

استفزازات وخروقات

وبعد نحو شهر من التهديد والوعيد، جمدت أنقرة تهديدها بشن عملية عسكرية ضد مناطق شمال شرقي سوريا، نتيجة استمرار الرفض الروسي والأميركي وغياب أي توافق في هذا الإطار، وفقاً لما نقلته مصادر دبلوماسية تركية مطلعة لموقع “العربي الجديد”.

لكن خطوط التماس في ريف بلدة تل تمر شمال الحسكة وعين عيسى شمال الرقة، شهدت خروقات متكررة جراء القصف المتكرر من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة.

وفي العشرين من تشرين الثاني، ذكرت قوات سوريا الديمقراطية في بيان أن “الاحتلال التركي مع مرتزقته يواصل تحركات استفزازية في أرياف منطقتي سريه كانيه وتل أبيض، باستخدام الأسلحة الثقيلة وطائرات الاستطلاع”.

وذكرت “قسد” أن المنطقة تعرضت لأكثر من 13 قصفاً بالأسلحة الثقيلة والرشاشة خلال ثلاثة أيام.

وقال آرام حنا، الناطق باسم قوات سوريا الديمقراطية في تصريح لنورث برس، إن مختلف الجبهات في شمال وشرق سوريا شهدت خروقات وتصعيداً عسكرياً من جانب القوات التركية تجاه القرى الآهلة بالسكان واستهداف المنشآت الحيوية والخدمية.

وأضاف: “لدينا اتصالات مع الدول الفاعلة في الشأن السوري بخصوص هذه الانتهاكات، جهودنا تنصب في إيقاف هذه الهجمات وعدم تكرارها، لكون نتائجها ستكون سلبية”.

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير: سوزدار محمد