آشوريون بريف الحسكة لا يتمكنون من العودة لمنازلهم بسبب تكرر القصف التركي

تل تمر – نورث برس

تجد المسنة الآشورية مريم ياقو، صعوبة بالغة في صعود درج منزلها الجديد في بلدة تل تمر شمال الحسكة، شمال شرقي سوريا، عقب نزوحها من قريتها بعد أن طالها القصف التركي الشهر الفائت.

وقبل نحو شهر ونصف، فرت السيدة التي تبلغ 77عاماً من قريتها تل جمعة الواقعة على بُعد كيلومترين شمال البلدة التي تعيش فيها لتعيش رفقة إحدى جاراتها.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، تسبب قصف القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها على ريف تل تمر الشمالي والشرقي بإفراغ أربع قرى آشورية.

وأسفر القصف المكثف طيلة ثلاثة أسابيع، عن دمار في منازل المدنيين وخروج بعض المنشآت الحيوية والخدمية والتعليمية عن الخدمة.

تستذكر “ياقو” لحظات خروجها من منزلها مع سقوط القذائف: “استيقظنا على دوي القصف في القرية، سقطت عشرات الشظايا في بهو منزلي، أجبرت على النزوح صوب تل تمر”.

وتضيف: “مضى 40 يوماً، لسنا مرتاحين هنا بعيداً عن منازلنا، نحن كبار في السن”، وذلك في إشارة إلى صعوبة صعود الدرج بعد كل مرة تنزل فيها لشراء احتياجاتها بالإضافة لمشقات أخرى تعانيها في البلدة.

ولدى المسنة ابن في مجلس حرس الخابور، وهي قوة عسكرية محلية في القرى الآشورية وتابعة لقوات سوريا الديمقراطية.

“نتوق للعودة”

وتعبر “ياقو” عن اشتياقها لقريتها وجيرانها، “نتوق للعودة إلى بيوتنا، نحن بانتظار أن تهدأ الأوضاع بشكل أفضل”.

وتتأسف حيال خلو قريتها من السكان، بعد أ، كانت مزدحمة بنحو 3.500 شخصاً قبل الحرب السورية، لم يتبقّ منهم سوى 50 شخصاً نزحوا عنها مؤخراً بسبب القصف التركي.

وفي تل جمعة، يخيم الهدوء على الأحياء الواسعة، ما زال مجسم السيدة العذراء منتصباً في مدخل القرية، بينما المنازل موصدة الأبواب وتظهر آثار القذائف على المدرسة والمقبرة المجاورة لها.

وفي وقت سابق، قال نبيل وردة، وهو المتحدث باسم قوات حرس الخابور الآشوري، إن الهجمات التركية على ريف تل تمر، هدفها تهجير الشعب الآشوري من المنطقة في استكمال لمشروعها القديم في الإبادة والتهجير عام 1915.

ووصف “وردة” الوضع الحالي للقرى الآشورية بـ “المؤسف جداً” جراء القصف التركي.

ولا ينفك الآشوريون على ضفاف الخابور شمال الحسكة عن تذكر مذابح “السيفو” عام 1915 التي شنتها الدولة العثمانية مستهدفةً الآشوريين والسريان والأرمن والكلدان، والتي أدت إلى مقتل الآلاف وتهجيرهم من أرضهم.

“ضيوف في منازلنا”

ويضم ريف تل تمر 32 قرية آشورية على ضفاف نهر الخابور، أضحت أغلبها اليوم فارغة بعد أن تعرضت في شباط/ فبراير 2015 لهجوم واسع شنه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وخطف أكثر 220 شخصاً، قبل أن يفرج عنهم مقابل فدى مالية عبر مفاوضات.

وبلغ عدد الآشوريين في الجزيرة السورية قبل اندلاع الحرب السورية، أكثر من 15 ألفاً، لم يتبق منهم سوى نحو 1000 شخص يتوزعون حالياً على مدينتي القامشلي والحسكة وريفيهما، وفق تقديرات محلية آشورية.

وفي القرية التي تواجد فيها بضعة أشخاص، يجتمع خوشابا إبراهيم (86 عاماً)، الذي يعاني من ضعف في السمع، مع أحد شبان قريته الذي قدم للاطمئنان على منزله.

يقول: “أثناء القصف كنت في الشارع، سقطت قذيفة على بعد أمتار مني، لم يبقَ أحد في القرية سوى بضعة أشخاص، كما الحال بالنسبة لقرية تل كيفجي المجاورة”.

ولا يخفي المسن مخاوفه من تكرار القصف بين الحين والآخر، لكنه يؤكد أنه لن يوصد باب منزله نهائياً ولن يترك قريته.

ويصف حال أبناء قريته الآن بأنهم ضيوف في منازلهم، “يأتون للاطمئنان على ممتلكاتهم نهاراً ويغادرون في المساء خوفاً من القصف”.

ويضيف بغضب: “أردوغان يدعي الإسلام، لكن ممارسات جماعته هنا على مشارف قرانا بعيدة كل البعد عن الأديان”.

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير: سوزدار محمد