تجار في حلب يتهمون الحكومة بغض النظر عن آخرين متنفذين في الأسواق

حلب- نورث برس

دفع فريد العشمة (45 عاماً)، وهو صاحب محل لبيع الأحذية الرياضية في حي الموكامبو بمدينة حلب، شمالي سوريا، أكثر من  200ألف ليرة سورية لعناصر المكتب السري التابع لمديرية الجمارك، تجنباً لاحتمالات تشميع محله أو إحالته للقضاء.

يقول بتهكم إن الجمارك ترى خمسة أزواج أحذية في محله سبب خراب الاقتصاد الوطني، بينما يتم غض النظر عن صفقات ومخالفات كبرى في السوق. 

والأحد الماضي، فوجئ صاحب المحل بدورية من المكتب السري دخلت محله وبدأت البحث عن بضائع أجنبية وطلبت شهادات المنشأ للبضاعة الموجودة.

ووجد “العشمة” أن دفع المبلغ أفضل من تحمل غرامات مالية أكبر ومصادرة البضائع وربما تشميع المحل وتعرضه للسجن، وخاصة أن محله كان يضم عدداً من الأحذية ذات منشأ فيتنامي ولا يملك أوراق استيراد لها.

يقول إنه اضطر لدفع “إكرامية” لعناصر “المكتب السري”، بالرغم أن الأحذية المخالفة في محله لم  تكن تتجاوز خمسة أزواج جلبها من لبنان لزبائن أوصوه بها.

والمكتب السري يضم عناصر تابعين لمديرية الجمارك، وعادة ما يباغت أصحاب المحال والمنشآت في مناطق السيطرة الحكومية ويطلب منهم شهادات منشأ وبيانات جمركية للبضائع الموجودة لديهم.

ويقول تجار إن دور المكتب متمم لعمل دوريات الجمارك التي تنتشر على طرق النقل الرئيسة في محيط مدينة حلب.

جمع أموال

ويتهم تجار الحكومة بملء خزينتها “الفارغة” من جيوب أصحاب المحال الصغيرة عبر فرض رسوم وضرائب وتقاضي “رشاوي” لا تتناسب مع أرباحهم الشهرية ، في حين تتجاهل كبار التجار النافذين.

ويرى يوسف الشوا (53عاماً)، وهو صاحب محل لبيع الأقمشة في حي النيال في حلب، أن هدف الجمارك بمختلف دورياتها هي “جمع الأموال من الصناعيين وأصحاب المحال تحت ذريعة حماية الاقتصاد الوطني ومكافحة البضائع المهربة”.

 ونهاية الشهر الماضي، داهمت دورية جمركية محل “الشوا” وطلبت أوراقاً ثبوتية وبيانات جمركية لإثبات أن الأقمشة لديه مصنعة في سوريا.

لكن محل الرجل الخمسيني كان يضم أقمشة قال إنها صينية وتركية قديمة وترجع إلى ما قبل الحرب السورية ولم يتمكن من بيعها “نظراً لانخفاض الطلب عليها وهي بكمية محدودة”.

 وبدت رواية “الشوا” غير مقنعة لعناصر الدورية، فصادرت الأقمشة التي ليس لها شهادة منشأ ولا بيان جمركي “وتم تقدير قيمتها بمليون ليرة، ودفعت غرامة للجمارك مقدارها ثلاثة ملايين”.

“عقبة أمام الإنتاج”

ويقول أصحاب محال في حلب إن “الجمارك تعرقل حركة الإنتاج الصناعي”.

 وخلال الأعوام الماضية، قام بعض أصحاب المعامل والمنشآت في حلب بإغلاق معاملهم ونقل أعمالهم إلى خارج سوريا، برفقة نخبة من العمال والحرفيين وأصحاب المهارات والخبرات العالية.

وكانت غرفة الصناعة في حلب وبعد ورود شكاوي من أصحاب محال تجارية ومعامل، طلبت من الدوريات الجمركية عدم دخول أي محل تجاري أو معمل دون وجود مندوب عن غرفة الصناعة.

لكن إدارة الجمارك لا تزال “تتجاهل” طلب غرفة الصناعة في حلب وتسير دوريات “سرية وعلنية لخنق الحركة الصناعية والاقتصادية في حلب”، بحسب أصحاب فعاليات اقتصادية.

ويتساءل سامي السخانة (28 عاماً)، وهو صاحب محل لبيع الهواتف في حي الجميلية، عن عدم “تدقيق وملاحقة” الشاحنات التي تتدخل إلى حلب عبر معبر أبو الزندين الذي يربط مناطق الحكومة بريف مدينة الباب الخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا.

ويضيف: “تلك الشاحنات تحمل أغذية وأقمشة وكهربائيات وقطع غيار مهربة، لكن لا أحد يجرؤ على إيقافها، بل تحميها آليات عسكرية حكومية عند خروجها من المعبر”.

ووفقاً لمصادر محلية، فإن تلك الشاحنات  تحمل بضائع مهربة تركية المنشأ ويتم إدخالها عبر معابر تسيطر عليها الفرقة الرابعة وهي لتجار نافذين ولا تخضع للتفتيش”.

ويعبر “السخانة” عن استيائه من فرض الجمارك مبالغ مالية على البضائع المهربة في المحال الصغيرة، بينما “تتغافل التجار النافذين”.

 إعداد: نجم الصالح-  تحرير: سوزدار محمد