سوق شعبي بريف الحسكة كان ملاذ ذوي دخل محدود خلال عقد من الحرب

ريف الحسكة- نورث برس

اعتاد حسين محمد، وهو عامل مياومة، منذ أعوام أن يتردد كل يوم جمعة إلى سوق سيكر الشعبي بريف مدينة الدرباسية شمال الحسكة، شمال شرقي سوريا، بهدف التسوق وشراء حاجة عائلته من المستلزمات المنزلية.

وتشكل مئات البسطات المتلاصقة فوق تل صغير في قرية سيكر بريف مدينة الدرباسية، سوقاً شعبياً يعرض مختلف أنواع السلع التي تحتاجها العائلات من ألبسة وأدوات منزلية ومواد غذائية وغيرها.

ونشأ السوق مع اندلاع الحرب منذ عقد من الآن التي ازدهرت معها أسواق شعبية في مدن وبلدات الجزيرة السورية، لتكون وجهة الآلاف من ذوي الدخل المحدود في ظل الأزمات والغلاء.

واختارت بسطات “سيكر” يوم الجمعة موعداً أسبوعياً لاستقبال الآلاف من سكان مدن وبلدات ريف الحسكة، بالإضافة ليوم الثلاثاء المخصص للماشية فقط.

يقول “محمد” إن أسعار السلع في سوق “سيكر” رخيصة مقارنة مع أسواق المدن.

ويشير الشاب الثلاثيني، وهو ينظر صوب البسطات القريبة، إلى أنه يقصد السوق كل أسبوع ليشتري ألبسة ومواداً غذائية وغيرها، “حيث يتوفر في السوق كل ما نحتاجه”.

“سوق للفقراء”

يضيف “محمد”، وهو يحمل بيده ملابس اشتراها من إحدى البسطات: “سعر الكنزة في محال المدن يتجاوز 30 ألف ليرة، نشتريها هنا بخمسة آلاف، وهذا الأمر ينطبق على جميع البضائع، هذا السوق للفقراء”.

ورغم الأسعار المنخفضة نسبياً للبضائع المعروضة على البسطات، يواجه متسوقون صعوبة في شراء بعض المستلزمات مثل الملابس واللحوم وغيرها بسبب التدهور المعيشي في البلاد عموماً.

ويعيش أكثر من 90 في المائة من السكّان في سوريا تحت خط الفقر، وفقاً لتقارير أممية.

وفي وسط السوق، يمتعض عبدالرحمن شموكة، وهو مربي ماشية في الدرباسية، من غلاء الأسعار وهو يتجول بين البسطات.

يقول: “البضاعة غالية، بنطال من البالة يباع بعشرة آلاف ليرة، الأوضاع صعبة بالنسبة لنا مربي الماشيه، فالعام الفائت تكبدنا بسبب الجفاف خسائر كبيرة’”.

لكنه يستدرك: “يبقى هذا السوق أرحم من الأسواق الأخرى، فهنا تباع المواد بنصف أسعارها في المحال التجارية أو أقل منها”.

وضمن السوق المزدحم، تتعالى أصوات الباعة التي تدعو الزبائن للفت أنظارهم للبضائع وبيع أكبر قدر ممكن، بينما ينبش رجال ونساء بين أكوام الألبسة الملونة المبعثرة فوق بسطات لاقتناء ملابس دافئة مع حلول الشتاء.

“حركة جيدة”

ويعتبر العمل في الأسواق الشعبية مصدر كسب لباعة يتنقلون مع بضائعهم بين أرياف الحسكة يومياً، حيث تفتتح هذه الأسوق كل يوم ضمن الأسبوع في مكان ما في منطقة الحسكة.

ذياب الحمد (65 عاماً)،  يعرف في السوق باسم “أبو علي” وهو من أقدم الباعة فيه، يتجول في الأسواق الشعبية منذ 27 عاماً، ويفترش بسطته للألبسة في سوق سيكر منذ افتتاحه قبل عقد من الآن.

ويقول إن الزبائن يأتون من مختلف المناطق كالدرباسية وأبو راسين وتل تمر والحسكة.

ويضيف أن سبب شعبية هذا السوق يعود لأنه يعرض بضائع رخيصة تتماشى مع دخل سكان المنطقة، كما يتوفر فيه كل ما يحتاجه السكان من الألبسة الجديدة والمستعملة والخرداوات ومستلزمات منزلية ومواد غذائية وغيرها.

ويشير البائع الستيني، إلى أن حركة العمل جيدة في هذا السوق ويسترزق منه الآلاف من الباعة.

ويقول باعة في السوق إنهم يجنون ما بين 75 و100 ألف ليرة سورية يوم الثلاثاء، إذا لم يمنعهم الطقس من العمل.

بضائع أخرى

شعبية السوق والإقبال الكبير عليه من قبل السكان، دفع بالتجار للارتياد عليه، فعلى أطراف السوق خصصت مساحات لبيع الماشية والدراجات النارية والخضراوات والفاكهة وغيرها.

ولكن على خلاف المواد والبضائع المعروضة في السوق، يشهد قسم بيع الماشية ضعفاً في حركة البيع والشراء.

ويقول عمر حسين، وهو تاجر ماشية في السوق، إن حركة البيع تراجعت كثيراً في العامين الأخيرين نتيجة الجفاف الذي حل على المنطقة وضعف القدرة الشرائية لدى السكان وارتفاع أسعار الأعلاف، بالإضافة إلى انعدام الدعم لمربي الماشية.

وتحتل تربية الماشية المرتبة الثانية بعد الزراعة كمصدر دخل بالنسبة لسكان ريف الحسكة.

ويشير الرجل الستيني، وهو يقف بين جموع من مربي الماشية، إلى أن الكيلوغرام الواحد من التبن يباع بـ 700 ليرة، والشعير بـ 1400 ليرة للكيلوغرام،  “بينما الخروف الذي كان يباع بـ 500 ألف ليرة لم يعد يُشترى بـ 100 ألف ليرة”.

ويضيف:  “سابقاً كانت غلتنا تصل لـ 300 ألف ليرة، اليوم لا تصل إلى ألفي ليرة، بسبب تراجع حركة البيع”.

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: سوزدار محمد