ضرائب على مزارعي الزيتون في إدلب وارتفاع أسعار الزيت

إدلبنورث برس

لم يستطع سامر السرحان (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من مدينة كفرنبل يعيش في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، أن يؤمن مؤونته من زيت الزيتون بعدما عجز عن تأمين ثمنه الذي بات يفوق قدرته الشرائية.

يقول إن عائلته تحتاج إلى 50 كيلوغراماً من زيت الزيتون سنوياً، ولكنه لن يستطيع شراءه، ليصبح الزيت النباتي الخيار البديل له ولغيره، لانخفاض سعره مقارنة مع زيت الزيتون الذي يشهد ارتفاعاً “كبيراً”.

ووصل سعر الصفيحة الواحدة من زيت الزيتون (16 كيلوغراماً) في إدلب إلى 45 دولاراً أميركياً (نحو 160 ألف ليرة سورية)، وهو مبلغ يراه سكان ونازحون “خيالياً” في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة وارتفاع أسعار كافة المواد على خلفية انهيار قيمة الليرة التركية.

ويوم أمس السبت، سجل سعر صرف الليرة التركية عشر ليرات مقابل الدولار الأميركي، في حين سجلت التركية مقابل الليرة السورية 353 ليرة، بحسب موقع الليرة اليوم المتخصص بأسعار العملات.

ويعتبر الانخفاض الذي سجلته الليرة التركية مؤخراً مستوى قياسياً على خلفية قرار البنك المركزي التركي خفض سعر الفائدة الرئيسي وأزمات دبلوماسية مع دول غربية.

ويجمع سكان في إدلب على أن التداول بالعملة التركية زاد من وضعهم سوءاً، وذلك لما رافقه من ارتفاع أسعار جميع المواد أضعافاً مضاعفة، إذ ترافق انهيار قيمة الليرة التركية أمام الدولار مع ارتفاع أسعار الوقود والغاز والمواد الغذائية والخضار وغيرها من السلع الأساسية.

ضرائب

ويرجع مزارعون وأصحاب معاصر في إدلب سبب غلاء زيت الزيتون إلى الضرائب المالية التي تفرضها “حكومة الإنقاذ”، الجناح السياسي لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، إضافة إلى تحكم شركات تركية بتصديره إلى خارج إدلب. 

وتعمل شركات تركية في المناطق الخاضعة للفصائل الموالية لتركيا بريف حلب، وتشرف على صناعة زيت الزيتون وشرائه لشحنه إلى تركيا.

ولا يمكن للتجار تصدير الزيت إلى خارج إدلب إلا عبر تلك الشركات، بعد أن أُغلقت المعابر التي تربط إدلب بالمناطق الخاضعة لحكومة دمشق، ما أدى لحرمان المزارعين والتجار المحليين من الفائدة المرجوة منه.

وللعام الثالث على التوالي، تفرض “هيئة الزكاة العامة” التابعة لحكومة الإنقاذ دفع “الزكاة” على جميع المتقدمين إلى المعاصر وأسواق الهال بنسبة 5% ، وذلك بناء على قرار أصدرته عام 2019.

وزعمت الهيئة في قرارها، حينها، أنه جاء بناءً على أحكام النظام الداخلي الخاص بها وبناءً على فتوى المكتب الشرعي في الهيئة، في أخذ زكاة الزيتون (حب– زيت).

وعللت القرار بـ “مقتضيات المصلحة العامة”.

وتضمن القرار الصادر عن “هيئة الزكاة” تسع مواد، كان أولها مطالبة أصحاب محاصيل الزيتون بتأدية زكاة محاصيلهم بمقدار 5 % عبر “الهيئة العامة للزكاة” ممثلة بالدوائر واللجان الفرعية التابعة لها في إدلب.

ويُضاف إلى ذلك تحديد “نصاب” محصول الزيتون من الحب 673 كيلوغراماً ومن الزيت 128 كيلوغراماً، وتوعدت المزارعين في حال تم تقديم بيانات ومعلومات غير صحيحة من شأنها أخذ العُشر (10 %) كاملاً، وفق نص القرار.

“استغلال”

وتفرض الهيئة وفق قرارها على أصحاب المعاصر ومكابس الزيتون وتجار سوق الهال التعاون مع لجان “الهيئة العامة للزكاة” في عملية جمع زكاة محاصيل الزيتون، وتلزم التجار والضامنين بعدم شراء الزيتون ثماراً أو زيتاً إلا بعد التأكد من تسديد زكاته للهيئة، وفق إيصالات رسمية معتمدة تحت طائلة المساءلة.

واعتبر سكان القرار استغلالاً لمعاناتهم، لا سيّما أن إدلب خسرت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية خلال الأعوام الماضية.

وتُقدر المساحة المزروعة بأشجار الزيتون في إدلب بـ128.554 هكتاراً، فيما يبلغ عدد أشجارها نحو 14 مليون شجرة، بحسب مهندسين زراعيين.

ويقول سعيد السعود (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لصاحب معصرة زيتون في مدينة معرة مصرين شمال إدلب، إن “لجان الجباية” التابعة لحكومة الإنقاذ، تنتشر في معاصر الزيتون مع اقتراب موسم حصاد المحصول “لأخذ نسب من المزارعين”.

ويضيف أن المزارعين يضطرون لدفع الضرائب والرسوم المترتبة عليهم بعد تهديدهم بمصادرة المحصول كاملاً أو السجن في حال امتناع المزارع عن الدفع.

ووفقاً لما ذكره “السعود” لنورث برس، فإن “حكومة الإنقاذ” تفرض عليه ضريبة قيمتها 150 دولاراً أميركياً سنوياً للسماح له بتشغيل المعصرة.

يقول إن حاله حال جميع معاصر الزيتون في المنطقة، مما دفعه لرفع سعر عصر الزيتون.

ومنع غلاء الزيت وتردي الوضع المعيشي رغد الصدير (45عاماً)، وهو اسم مستعار لنازحة من مدينة معرة النعمان وتسكن في مخيمات دير حسان الحدودية، من الحصول على حاجة عائلتها من الزيت، وعدم إعداد المؤونة التي تحتاج إلى زيت الزيتون.

وتبقى الزيوت الصناعية الخيار الوحيد للسيدة التي عجزت كسابقها عن تأمين سعر زيت الزيتون.

إعداد: سمير عوض- تحرير: سوزدار محمد