شركات تركية تتحكم بتصدير الزيتون وزيته من إدلب

إدلب- نورث برس

تسبب تحكم شركات تركية تعمل في مناطق سيطرة المعارضة الموالية لتركيا في شمال غربي سوريا، بسعر الزيتون وزيته المنتج في تلك المناطق، بارتفاع تكاليفه، وأدى بالتالي إلى غيابه عن موائد سكان المنطقة إضافة لخسائر كبيرة لحقت بالمزارعين، خاصة الذين يملكون مزارع زيتون قريبة من مناطق الاشتباكات.

وبحسب مزارعين، فإن شركات تركية تعمل في مناطق خاضعة للفصائل الموالية لتركيا بريف حلب، تشرف على صناعة زيت الزيتون وشراءه منهم وتصديره إلى تركيا.

ولا يمكن للتجار تصدير الزيت إلى خارج إدلب إلا عبر تلك الشركات، بعد أن أُغلقت المعابر التي تربط إدلب بالمناطق الخاضعة لحكومة دمشق، مما أدى لحرمان المزارعين والتجار المحليين من الفائدة المرجوة منه.

يقول عبد الله الجرود (38 عاماً) وهو مزارع من مدينة أريحا، إن “اقتصار تصدير الزيت والزيتون إلى خارج مناطق إدلب على الشركات التركية بالسعر الذي يناسبها، ومنع تصديره إلا عبرها، حرم السكان من شراء الإنتاج للاستهلاك المحلي كما حرم المزارعين من بيعه بسعر يعوض تكاليف إنتاجه”.

ويضيف “الجرود” أن ارتفاع تكاليف التسميد وتقليم الأشجار والنقل والحراثة أدت لخسارة مزارعي الزيتون في إدلب.

كما أن زيادة أسعار الوقود وصعوبة تأمين المبيدات والعمالة، إلى جانب غلاء أسعار المياه التي يشتريها المزارعون بالصهاريج لسقاية أشجارهم، عرّض الثمار للعطش، وأدى لتراجع إنتاج المحصول وجودته.

اختفاء من الموائد

ويشتكي سكان إدلب، من صعوبة تأمين مؤونتهم من الزيتون وزيته الذي يكاد أن يختفي من موائدهم نظراً لارتفاع سعره عن قدرتهم الشرائية هذا العام.

ويعتمد الكثير من سكان إدلب على محصول الزيتون كمصدر رزق أساسي وينتظرون موسم جنيه كل عام.

وتُعتبر إدلب من أشهر المناطق بزراعته على مستوى سوريا، ويُعد الزيتون وزيته من المكونات الأساسية لموائد سكانها.

وارتفع  سعر تنكة زيت الزيتون التي تحتوي 16 كيلوغراماً من 25 دولار، العام الماضي، إلى حوالي 46 دولاراً للنوع الأول و40 دولاراً للنوع الثاني هذا العام.

ووصل سعر الكيلوغرام من الزيتون المخلل لست ليرات تركية (2300 ليرة سورية)، فيما وصل سعر المخلل منه لعشر ليرات تركية، بحسب سكان.

هذا السعر بالرغم من أنه لا يغطي تكاليف الزراعة بحسب مزارعين، إلا أنه يفوق القدرة الشرائية لمعظم العائلات في إدلب، في ظل شحّ فرص العمل وقلة الأجور.

واضطرت حسنية أبو الخير (41 عاماً)، من مدينة إدلب، للاستغناء عن زيت الزيتون هذا العام، في إعداد مؤونة “المكدوس” لأسرتها، لعدم قدرتها على تحمل تكاليفه.

وتقول المرأة: “في العام الماضي استهلكت عدة عبوات من زيت الزيتون من وزن 16 كيلوغرام، فيما نعجز عن تأمين ثمن عبوة واحدة هذا العام بعد أن تضاعف سعره”.

 وتُقدر المساحة المزروعة بأشجار الزيتون في إدلب بـ128.554 هكتار.

فيما يبلغ عدد أشجارها بحدود الـ14 مليون شجرة، بحسب عبد الحميد البلان وهو اسم مستعار لمهندس زراعي.

ووفقاً للمهندس الذي يسكن في مدينة إدلب، فإن حجم الإنتاج المحلي من الزيتون يصل لحدود 67983 طن.

وتتركز زراعة الزيتون بشكل خاص في مدن وبلدات معرة النعمان وكفرنبل وسلقين وأريحا وحارم ومدينة إدلب.

خسارة مساحات

وخسر الكثير من المزارعين أراضيهم المزروعة بالزيتون نتيجة سيطرة القوات الحكومية عليها، أو قربها من مناطق الاشتباك والمعارك.

بالإضافة لخوف المزارعين من انتشار القنابل العنقودية ومخلفات الحرب بين أشجارهم.

وبحسب “البلان”، فإن عدد أشجار الزيتون التي خسرتها إدلب بعد سيطرة القوات الحكومية على عدة مناطق منها بداية عام 2020، تجاوزت الخمسة ملايين شجرة مثمرة.

وقبل سيطرة القوات الحكومية، كان صالح العموري (52 عاماً) وهو نازح من مدينة كفرنبل إلى مدينة أطمة الحدودية مع تركيا، يمتلك 120 شجرة زيتون، تنتج حوالي طن من الزيت سنوياً.

وكان الرجل يعتمد عليها في توفير دخل سنوي لعائلته، لكنه خسر مصدر رزقه الوحيد بعد نزوحه وسيطرة القوات الحكومية على المدينة.

“أصبحنا نعجز حتى عن تأمين زيت الزيتون لبيتنا، بسبب غلاء أسعاره وتدهور أحوالنا المادية بعد أن كنا نبيع كميات منه”.

أما صالح الطبش (49 عاماً) من بلدة البارة بجبل الزاوية فلم يتمكن من الوصول لأرضه والعناية بأشجاره، بسبب القصف اليومي على المنطقة، الأمر الذي أدى لتراجع إنتاجه.

ويضطر “الطبش” ومزارعون آخرون للمخاطرة بحياتهم لجني محصولهم.

ويقول إنه ومزارعين آخرين تعرضوا للاستهداف أثناء تقليمهم الأشجار القريبة من خط التماس، “مما تسبب بإهمالها، وأدى بدوره لتراجع إنتاجهم”.  

 إعداد: حلا الشيخ أحمد – تحرير: ريبر جزيري