المطلقات في إدلب.. تنازل عن الحقوق مقابل الطلاق
إدلب– نورث برس
اضطرت رويدة الزريق (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازحة من مدينة معرة النعمان وتعيش في مخيمات دير حسان الحدودية شمال إدلب، شمال غربي سوريا، للتنازل عن كامل حقوقها مقابل حصولها على الطلاق، وذلك بعد أن أيقنت أنها لن تحصل عليه في حال بقيت متمسكة بحقوقها ومستحقاتها.
ومنذ شهرين، رفعت الشابة قضية طلاق في محكمة بلدة أطمة الحدودية، وذلك بسبب “المعاملة السيئة من ضرب وتعنيف جسدي وألفاظ نابية تعرضت لها طيلة فترة زواجي”.
وقالت “الزريق” إنها تعرضت لمختلف الضغوط النفسية من قبل القاضي للتنازل عن حقوقها كالمقدم والمؤخر والنفقة وحضانة الأطفال، لتضطر في نهاية الأمر للتخلي عن جميع حقوقها في سبيل حصولها على طلاقها.
وتقول مطلقات في إدلب إن محاكم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) لا تؤيد الدعاوى القضائية التي تقدمها النساء للطلاق، حيث يتم تجريد المرأة من كامل حقوقها على زوجها مثل المقدم والمؤخر والنفقات وغيرها مقابل طلاقها.
غير أن قضاة في المحكمة برروا أحكامهم لـ”الزريق” بالقول إن “هذه القوانين تحد من حالات الطلاق في مناطق سيطرة الهيئة”.
لا قانون
ولا يوجد قانون للأحوال الشخصية في إدلب يضبط وينظِّم عمل الدعاوى القضائية ويشكل مرجعية واضحة للمتخاصمين، وفقاً لما يؤكده محمد الشواف (47عاماً) وهو اسم مستعار لمحام في إدلب.
يقول إن هناك عشرات قضايا الطلاق ترفع يومياً في محاكم إدلب التي تتبع لهيئة تحرير الشام، “ويصدر قضاتها قرارات يقولون إنها تحد من حالات الطلاق في المنطقة”.
وأشار إلى أن المرأة التي تطلب الطلاق تسقط جميع حقوقها على زوجها تبعاً لمطلب القضاة، في حين يُجبر الزوج على دفع جميع حقوق الزوجة في حال كان هو من يريد الطلاق.
ولم تكن سعاد الديبو (25 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازحة من مدينة سراقب وتسكن في مدينة معرة مصرين شمال إدلب، أفضل حالاً من سابقتها حين تنازلت عن كامل حقوقها لحصولها على طلاقها، بعد دعوى قضائية رفعتها استمرت أكثر من ثلاثة أشهر.
ورفضت المرأة التخلي عن حقوقها في بداية الأمر، ولكنها اضطرت للتنازل عنها بعد أن عمد القاضي لتعليق قضيتها لفترة وعدم النطق بحكم قضائي لصالحها، ما أجبرها على التخلي عن “كل شيء” في سبيل خلاصها، على حد وصفها.
تقول “الديبو” إن هيئة تحرير الشام ما تزال تمارس ضغوطها المختلفة للتضييق على المرأة في إدلب، “ولا قانون يحمي المرأة”.
تمسك بحقوق
ويقول سكان في إدلب إن الهيئة وعبر أجهزتها الأمنية تضيق الخناق عليهم عبر فرض أحكامها وأفكارها ومعتقداتها الدينية ويتدخل عناصرها في أدق تفاصيل حياتهم والتي تشابه ممارسات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
ويرى هؤلاء أن عوامل غياب التوعية المجتمعية والرادع القانوني وهيمنة عادات وتقاليد، تمنع المرأة من رفع صوتها للمطالبة بحقوقها.
ورفضت رهان العدل (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لسيدة في إدلب، “بشكل قطعي” التخلي عن كافة حقوقها المشروعة، بالرغم من جميع ضغوطات قاضي الطلاق لإجبارها عن التنازل عن مستحقاتها.
تقول إنها لن تتخلى عن حقوقها في المقدم والمؤخر وحضانة أطفالها، “حتى لو استمرت القضية التي رفعتها لأكثر من عام”.
ومنذ أكثر من أربعة أشهر، تحضر “العدل” جلسات الدعوى، ولا تدري مصيرها.
وتشير إلى أن “المحاكم لا تمتلك أي قوانين ثابتة ومنصوصة للعمل على أساسها، وإنما تنطق الأحكام تبعاً لمزاجية واجتهادات القضاة”.
وتضيف: “محاكم هيئة تحرير الشام لا تمتلك أدنى معايير العدل، وخاصة إذا تعلق الأمر بالمرأة التي تطلب الطلاق.”