سكان في إدلب: “تحرير الشام” تقيد حرياتنا الشخصية وتنهب المخالفين لقراراتها

إدلب – نورث برس

قضى أحمد المحمد (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مخيمات أطمة الحدودية، ليلة زفافه الشهر الفائت، في سجن إحدى مخافر حكومة الإنقاذ، الجناح السياسي لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).

واعتلقت إحدى الدوريات الأمنية الـ”محمد” بسبب تشغيل الموسيقى في حفل زفافه على اعتبار أن “الأغاني حرام”.

ويقول سكان في إدلب إن الهيئة وعبر أجهزتها الأمنية تضيق الخناق عليهم عبر فرض أحكامها وأفكارها ومعتقداتها الدينية ويتدخل عناصرها في أدق تفاصيل حياتهم والتي تشابه ممارسات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

واضطر الشاب وفقاً لما ذكره لنورث برس لدفع 100 دولار أميركي مقابل إطلاق سراحه في اليوم التالي، واعتبر ذلك أنها “عملية سرقة” من نوع آخر.

وتمنع الهيئة حلق اللحية وأنواعاً من الحلاقة كحلق أجزاء من الرأس وترك بعضه، وقد تصل العقوبة إلى السجن وإغلاق الصالون وحلق الشعر بالكامل أو ما يعرف بالحلق “على الصفر” كعقوبة.

كما يلاحق عناصر تنظيم تحرير الشام التدخين والنرجيلة في صالات الألعاب والمطاعم والأماكن العامة، ويعمدون إلى مصادرتها، إلى جانب فرض ارتداء الحجاب والعباءة الطويلة حتى القدمين النساء والفتيات، بالإضافة وفصل الذكور عن الإناث في كافة مراحل المدارس والمعاهد والجامعات.

“سرقة ونهب”

ومنتصف 2018، صنفت الولايات المتحدة الهيئة التي يقودها “أبو محمد الجولاني” وكل فصيل له صلة بها كمنظمة إرهابية.

وفي آذار/مارس العام الماضي، خرجت عشرات النساء بمظاهرة ضد هيئة تحرير الشام في بلدة السحارة بريف حلب الغربي، شمال غربي سوريا، وذلك للمطالبة بالإفراج عن ذويهم المعتقلين في سجون الهيئة.

وقالت مصادر ميدانية لنورث برس، حينها، إن “الجهاز الأمني التابع للهيئة عمل على تفريق المظاهرة باستخدام العنف وإطلاق الرصاص على المتظاهرات.”

وأواخر العام الماضي، قضى سعيد العيدو (23 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في إدلب، ثلاثة أيام في سجون الهيئة بسبب ما يسمى حلاقة القزع، “كانت تلك الأيام الأصعب في حياتي”، على حد تعبيره.

وتعرض النازح الذي اعتقلته دورية أمنية تابعة “للحسبة”، وهي إحدى التشكيلات الأمنية التابعة لتحرير الشام، للعديد من المضايقات النفسية والجسدية.

 إذ عمدت الهيئة إلى حلاقة شعره بالكامل ووضعه في زنزانة منفردة لمدة تسع ساعات قبل أن يوجه له القاضي تهمة “حلاقة القزع” والتجول في مناطق مختلطة، ليضطر بعدها لتوقيع تعهد خطي بعدم العودة لتلك الأفعال مقابل إطلاق سراحه.

واعتبر زياد شيخو ( 25عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة سرمدا، أن القرارات التي تصدرها الهيئة “سرقة ونهب جيوب السكان من خلال إجبار المعتقل على دفع مبلغ مالي مقابل إطلاق سراحه.”

ودعا “شيخو” إلى القيام بمظاهرات تحذيرية “لردع تسلط حكومة الإنقاذ على رقاب المدنيين.”

لا اختلاط على الإنترنت

ومؤخراً أصدرت جامعة إدلب التابعة لحكومة الإنقاذ قراراً يقضي بمنع طلابها من تشكيل مجموعات مختلطة “ذكور وإناث” على مواقع التواصل الاجتماعي.

وجاء في قرار الجامعة أنه “يمنع منعاً باتاً، مهما كان السبب، إنشاء أو تشكيل مجموعات طلابية مختلطة على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، واتس اب، تلغرام وغيرها من برامج التواصل.”

وبحسب القرار، فإن المجموعات الطلابية ستكون منفصلة لكل من لذكور والإناث، وذلك بإشراف وموافقة اتحاد الطلبة في الجامعة ورئاسة الجامعة.

وسيتعرض المخالف للمسائلة القانونية وفق الأنظمة والقوانين النافذة، إذ يعتبر مشرف المجموعة مسؤولاً عن كل ما ينشر فيها.

وأثار القرار موجة من السخرية والانتقاد بين الطلاب الذين اعتبروا القرار دون قيمة أو فائدة، فيما اعتبره آخرون تقييداً لحرية الطلاب في النقد وتسليط الضوء على مشكلاتهم الدراسية .

وقال صهيب دهنون (22 عاماً)، وهو اسم مستعار لطالب في جامعة إدلب، إن الطلاب يعانون من أوضاع دراسية “مزرية  نتيجة الرسوم المفروضة عليهم والتي أثقلت كاهلهم، بالإضافة لتعقيدات السكن والمواصلات والاستغلال الذي يتعرض له الطلاب للوصول إلى جامعتهم.”

وتتراوح رسوم جامعة إدلب التي تتبع لـ”حكومة الإنقاذ” ما بين 50 و250 دولار أميركي للفصل الدراسي الواحد، وذلك بحسب التخصص.

وذكر طلاب في إدلب أن الجامعة تعاقدت مع آليات نقل تقدم خدماتها لمجموعة قليلة من الطلاب، كما عمدت الجامعة على افتتاح سكن جامعي للإناث دون الذكور.

واعتبر “دهنون” أن هذه القرارات لا تحمل أي معنى أو فائدة سوى “خنق الطلاب لا أكثر.”

إعداد: سمير عوض – تحرير: آفرين حسن