نازحو مخيم بريف ديرك بلا مستلزمات شتوية حتى الآن
ديرك- نورث برس
تجلس النازحة مريم العبدو (60 عاماً) بين أحفادها أمام باب خيمتها في مخيم نوروز بريف مدينة ديرك، شمال شرقي سوريا، منتظرة أي بادرة تشير إلى بدء توزيع مستلزمات شتوية في المخيم.
تشير المرأة التي فرت من ريف بلدة تل تمر شمال الحسكة بيديها إلى خيمتها التي تخلو من حصائر وسجادات وإسفنجات.
“نحن خمسة أفراد نسكن هذه الخيمة التي نصبت على أرضية ترابية (..) الطقس أصبح بارداً، لم نستلم مازوتاً ولا مدافئ ولا بطانيات حتى الآن”.

ويطالب النازحون القائمين على المخيم بتوزيع بطانيات وأغطية وحصائر وملابس شتوية ومدافئ ووقود للتدفئة، ومد أرضية الخيم بالإسمنت قبل انخفاض درجات الحرارة واشتداد الأمطار.
وتخشى العائلات من تأخر توزيع المستلزمات ونقصها وخاصة أن المنطقة شهدت خلال اليومين الماضيين أولى أمطار هذا العام.
ويشتكي نازحون من سوء أوضاعهم وعدم قدرتهم على تأمين متطلبات عائلاتهم في ظل قلة فرص العمل ويعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة، وسط نقص المساعدات المقدمة لهم من المنظمات الإنسانية.
وتحتاج “العبدو” وأولادها وأحفادها إلى خيمة تتسع لهم، فبعض أفراد عائلتها وخلال الشهور الماضية كانوا ينامون في الخارج ومع بدء فصل الشتاء، “سيضطرون للنوم في الخيمة وهي صغيرة ولا تكفينا”.
أطفال بلا ثياب شتوية
وعام 2014، تأسس مخيم نوروز بهدف إيواء العائلات الفارة من قضاء شنكال (سنجار) بعد هجمات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وبعد الإعلان عن القضاء على التنظيم عاد اللاجئون إلى مناطقهم أو التحقوا بعائلاتهم في مناطق أخرى فضلوا العيش بها.
وفي تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، نزحت إليه عائلات هرباً من الهجمات التركية على سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض، فأعيد افتتاح المخيم بعد أن بات فارغاً، فامتلأ مجدداً وبات مأوى للفارين.
ويضم المخيم حالياً، 817 عائلة نازحة من مناطق عفرين وسري كانيه وتل أبيض وأرياف تل تمر, مؤلفة من 4173 شخصاً، بحسب إدارة المخيم.
وقالت دجلة محمد، وهي إدارية في مخيم نوروز، إنه سيتم تقديم سلة شتوية للنازحين متضمنة ألبسة شتوية وبطانيات وغيرها, دون أن تحدد كمية تلك المواد وتاريخ توزيعها وفيما كانت ستسد حاجة النازحين أم لا.
لكنها أشارت، في تصريح لنورث برس، إلى أن المنظمات لم تبد حتى الآن استعدادها لتقديم مواد للتدفئة من كاز أو مازوت.
ويزيد غياب المنظمات من مخاوف عيدة المصلح (28 عاماً)، وهي نازحة من مدينة سري كانيه وأم لطفل تخشى عليه من الأمراض.
تقول: “نحن ثلاثة أشخاص ولدينا إسفنجتان وثلاث بطانيات رقيقة، لن تكفينا في الشتاء، أطفالي بلا ثياب شتوية”.
وتضيف بعد أن عددت كل ما تحتاجه عائلتها، “مر عامان على تهجيرنا، وضعنا مأساوي هنا”.
وترى النازحة أن على منظمات الأمم المتحدة تحمّل مسؤولياتها في إغاثة العائلات النازحة في المخيم.
معابر مغلقة
ويوم أمس السبت، قال شيخموس أحمد وهو الرئيس المشارك لهيئة شؤون النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتية، إن هناك فجوات في آلية توزيع المساعدات للنازحين في المخيمات وإيصال المساعدات لهم مع حلول فصل الشتاء.
وأشار في حديث لنورث برس، إلى أن هناك نقصاً في المواد والدعم القادم من الخارج وذلك بسبب إغلاق المعابر، والذي انعكس سلباً على المخيمات، وأدى لحدوث أزمات إنسانية وصحية.

وفي حزيران/ يونيو العام الماضي، أغلق معبر تل كوجر، الذي يقع على الحدود السورية العراقية، بعد استخدام موسكو وبكين حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي لإغلاقه أمام مرور مساعدات الأمم المتحدة.
ويقتصر دخول المساعدات حالياً على الطريق الواصل بين الإدارة الذاتية ومناطق حكومة دمشق، “وبهذا تكون المساعدات ضئيلة ولا تفي بالغرض”، بحسب “أحمد”.
وأشار “أحمد” إلى أن الوضع الصحي في المخيمات مأساوي خاصة في ظل انتشار الموجة الرابعة من فيروس كورونا، وقلة المساعدات الطبية، “وهناك حالات إصابات تم نقلها إلى مراكز صحية خارج المخيم”.
وفي حال لم تقدم هيئة الصحة العالمية الدعم الطبي للنازحين، “ربما ستشهد المخيمات كارثة صحية، لأن هناك كثافة بشرية كبيرة فيها”، بحسب “أحمد”.
والأسبوع الماضي، قال مارتن غريفيث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن “ما يقرب من مليوني شخص معظمهم من النساء والأطفال يعيشون في مخيمات هشة أو في الوديان التي تغمرها المياه، أو على سفوح التلال الصخرية المعرضة للعوامل الجوية”.
ودعا “لضمان استمرار المساعدات من أجل ضمان الوصول بشكل فعّال وشفاف إلى ملايين الأشخاص المحتاجين في شمال غربي سوريا”.
وقال “نحن بحاجة إلى حقنة عاجلة من المساعدات المنقذة للحياة، والمزيد منها حتى يتمكّن السوريون من إعالة أنفسهم بكرامة”.
مخاوف من غرق الخيم
وفي الفترة الماضية وبسبب تصعيد القوات التركية وفصائل موالية لها من وتيرة قصفها على قرى مأهولة ومرافق حيوية في بلدتي تل تمر وزركان وأريافهما، نزحت عائلات من ريف الحسكة إلى المخيم.
ونتيجة ازدياد العائلات الفارة من قراها وتوسع المخيم، نصبت الخيم على الأرض دون أن يكون لها أرضية إسمنتية كالخيم الأخرى وهو ما يخيف النازحين الجدد من احتمالات امتلائها بالأمطار والأوحال.
وفي الخامس والعشرين من الشهر الجاري، جددت القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها، قصفها بالقذائف لقرية تل شنان الآشورية شرق تل تمر.
وأسفر القصف عن أَضرار مادية في ممتلكات المدنيين وتزامن معه تحليق لمروحيتين تابعة للقوات الروسية في سماء المنطقة.
وقبله بيومين، استهدفت القوات التركية وفصائل معارضة مسلحة موالية لها، بعدة قذائف قرية الدردارة شمال البلدة، وأسفر عن دمار عدة منازل بالقرية.
وتخشى زهرة الحسن (32عاماً)، وهي نازحة من ريف تل تمر، من قدوم فصل الشتاء وسط عدم جاهزية خيمتها.
تقول: “عندما أتينا كان الطقس دافئاً، أما الآن فقد انخفضت درجات الحرارة”.
وتضيف: “لا نملك في هذه الخيمة سوى حصيرة واحدة وأغطية لا تقينا من البرد”.