عشرات القرى بريف الشدادي جنوب الحسكة بلا خدمات منذ أعوام
الشدادي – نورث برس
يضطر يوسف العلي (40عاماً) وهو من سكان منطقة تل الشاير بريف مدينة الشدادي، جنوب الحسكة، شمال شرقي سوريا، منذ أعوام، لشراء احتياجات عائلته من الطحين من أجل صناعة الخبز في المنزل، في ظل قلة مخصصاته من المادة.
لكن معاناة “العلي” لا تقتصر على شراء الطحين فقط، إذ أنه يتكبد مبالغ قال إنها باتت تثقل كاهله لشراء المياه من الصهاريج والمازوت والبنزين من الأسواق لتشغيل موقد الكاز، في ظل نقص الكاز في المنطقة وعدم حصوله على مستحقاته من الغاز لفترات طويلة تصل لثمانية أشهر.
ويشتكي سكان منطقة تل الشاير من نقص الخدمات والتي تتجلى في عدم وجود شبكة مياه في المنطقة وافتقارها لشبكة صرف صحي، إضافة إلى قلة مخصصاتهم من مادة الخبز واسطوانات الغاز المنزلي واهتراء الطرق الرئيسية.
كما أن الكهرباء في المنطقة شبه معدومة، حيث أن النظامية لا تأتي إلا ساعتين في اليوم، ونظام الأمبيرات غائب تماماً عن السكان.
وتل الشاير تتبع إدارياً لمدينة الشدادي وتضم مجموعة قرى صغيرة تبلغ حوالي 85 قرية تمتد من قرية الفتحي وصولاً إلى وادي عجيج على الحدود العراقية السورية.
وبعد أعوام من افتقار المنطقة لفرن، افتتحت الإدارة الذاتية خلال الأيام القليلة الماضية، فرناً آلياً في تل شاير وتحصل كل عائلة على ربطة خبز واحدة كل أسبوع وهي “كمية قليلة جداً ولا تكفي لوجبة واحدة”، لا سيما للعائلات الكبيرة، فتبقى صناعة الخبز في المنزل الخيار الوحيد للسكان.
فيما تعتمد العائلات في تلك القرى على حفر جور فنية بسبب عدم تخديم المنطقة بشبكة صرف صحي إلى الآن.
معاناة متفاقمة
ويشتري “العلي” كغيره من سكان المنطقة الكيلوغرام الواحد من الطحين بـ1800 ليرة سورية، بينما يدفع ثمانية آلاف ليرة لشراء خمسة براميل مياه، كل يومين أو ثلاثة.
فيما يدفع سكان المنطقة550 ليرة لشراء ليتر واحد من المازوت وألف ليرة لليتر البنزين، حيث يتم استخدام المادتين بدل الكاز نتيجة صعوبة الحصول عليه من محطات الوقود التي تشهد ازدحاماً وطلباً متزايداً عليه، بسبب نقصه.
ويصل سعر الليتر الواحد من مادة الكاز إلى 800 ليرة سورية من الباعة والبسطات.
ورغم تكرر حوادث بسبب الاستخدام غير الآمن للمواقد البدائية المعتمدة على مادة الكاز، يقول سكان في مدينة الشدادي وريفها إنهم مجبرون على الاعتماد عليها في ظل تأخر حصولهم على أسطوانات الغاز المنزلي.
وفي آب/ أغسطس العام الماضي، أسفر نشوب حريق في أحد المباني السكنية بالشدادي، عن أضرار مادية في المبنى المؤلف من أربعة طوابق وكانت تسكن فيه عائلات نازحة من دير الزور.
وقال أحد الجيران حينها لنورث برس، إن سبب الحريق هو تطاير شرارات النار من موقد الكاز إلى عدة غالونات بنزين كانت موضوعة بالقرب من الموقد ما أدى إلى اشتعال النيران في المنزل.
والعام الماضي، فقدت شابة، تبلغ من العمر 24 عاماً، حياتها، جراء انفجار موقد كاز في قرية البجدلي شرق الشدادي، بعد أن استخدمت مادة البنزين في الموقد بدل الكاز.
وبحسب سكان فإن غياب الخدمات تزيد من معاناتهم وتفاقم وضعهم المعيشي ولا سيما أن هناك عائلات غير قادرة على شراء المياه والطحين باستمرار.
لا مشاريع ولا منظمات
ويعتمد معظم سكان منطقة تل الشاير التي تفتقر إلى مشاريع حيوية، على الزراعة لتدبر أمورهم المعيشية، ولكن ارتفاع تكاليفها وشح الأمطار في الشتاء الماضي سبب خسائر كبيرة.
ويقول حسن الحسوني (30عاماً) وهو من سكان قرية الحسوني بريف تل الشاير، إنه رغم مرور أكثر ثلاثة أعوام على “تحرير” المنطقة من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لم تشهد المنطقة أي خدمات، “المنطقة معدومة بشكل كلي من الخدمات الأساسية في ظل غياب المنظمات الإنسانية”.
ولم ينكر حامد الصالح، الرئيس المشارك للمجلس المدني لمنطقة تل الشاير، “وجود نقص حاد” في الخدمات الأساسية، لكنه أرجع سبب نقص وتأخر حصول السكان على مخصصاتهم من اسطوانات الغاز المنزلي إلى ضعف الكميات الواردة إلى المنطقة.
وأشار “الصالح” إلى الفرن الذي افتتح مؤخراً في المنطقة بكمية 2 طن يومياً من الطحين، “وهذه الكمية غير كافية لسد الحاجة”.
لكنه ذكر أنهم طالبوا بزيادة مخصصات الطحين، “ولكن لم يتم الموافقة”.
وفيما يخص عدم تمديد شبكة صرف صحي وشبكة المياه في المنطقة، برر الرئيس المشارك للمجلس المدني لمنطقة تل الشاير السبب في أن المنازل في المنطقة متفرقة عن بعضها جداً.
وترفض المنظمات الإنسانية وبحسب “الصالح” العمل في تل الشاير، “بحجة تردي الوضع الأمني”، مطالباً إياها بدعم المنطقة وإنجاز مشاريع حيوية.