نتائج الانتخابات والمواقف الدولية إزائها تشعل توتراً في العراق

أربيل ـ نورث برس

تشهد العاصمة العراقية بغداد، الأحد، توتراً على خلفية نتائج الانتخابات وتشديداً أمنياً تحسباً من شرارة احتجاجات أوسع يتباها أنصار القوى الشيعية الخاسرة.

وخرج المئات من العراقيين في احتجاجات مساء أمس السبت، ضد نتائج الانتخابات عند مدخل المنطقة الخضراء وسط  العاصمة بغداد.

بالمقابل شددت القوات الأمنية العراقية حواجزها ونشرت عدداً أكبر من العناصر في مداخل المنطقة الخضراء ومحيطها بالعاصمة، وقامت بوضع كتل إسمنتية.

ومن المقرر أن تعقد عدة قوى شيعية ما عدا كتلة الصدر، اجتماعاً اليوم في منزل زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وذلك للتداول في أزمة نتائج الانتخابات وموجة الاعتراضات التي أثيرت حولها.

وقال المالكي في بيان إن “الاجتماع سيبحث الأفكار والآليات لمعالجة واحتواء الأزمة ومنع تداعياتها وإعطاء المتضررين حقهم، وليس الهدف منه تحالف سياسي”.

مهلة ومطالب

ومنحت “اللجنة التنظيمية” للاحتجاجات الرافضة لنتائج الانتخابات في بغداد والمحافظات، أول أمس الجمعة، مهلة 72 ساعة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

وتتخلل المهلة مطالبة بـ”إعادة الأمور إلى نصابها وإرجاع الأصوات المسروقة إلى أصحابها، وإلا سيأخذ احتجاجنا واعتصامنا منهجاً آخر”، على حد تعبيرها.

وشددت اللجنة على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمحاسبة جميع من شارك في تجاهل المطالب من أعضاء المفوضية، وفقاً للطرق المناسبة.

وانطلقت يوم السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، احتجاجات لأنصار القوى الشيعية المشكلة للإطار التنسيقي الذي يضم معظم تلك القوى باستثناء التيار الصدري، على خلفية رفضها لنتائج الانتخابات وتشديدها على وجود تلاعب وتزوير.

وأعلنت مفوضية الانتخابات قبل أيام النتائج الأولية للانتخابات المبكرة التي جرت في العاشر من هذا الشهر.

وقد حصل تحالف الفتح، الذي يضم قوى شيعية ممثلة للفصائل المسلحة على 15 مقعداً نيابياً، فيما حصل تحالف قوى الدولة الذي يضم تيار الحكمة وائتلاف النصر على أربعة مقاعد فقط، بمقابل حصول الكتلة الصدرية على 72 مقعداً.

وتركزت مطالب المحتجين المناصرين للقوى الخاسرة على إعادة عد وفرز نتائج الانتخابات بشكل يدوي في جميع مدن العراق، بعد إصرارهم على وجود تلاعب بالنتائج الإلكترونية.

تهديد وأهداف

ويزعم المعترضون لنتائج الانتخابات أنه تم اختراق الأجهزة الإلكترونية المخصصة للانتخابات، بدفع من قبل جهات سياسية محددة، هدفها إبعاد القوى الممثلة للحشد الشعبي عن العملية السياسية، حسب قولهم.

وتنتهي صباح غد الاثنين، المهلة التي منحها أنصار “الإطار التنسيقي للمقاومة العراقية”، للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات من أجل الاستجابة لمطالبهم، إذ هددوا باقتحام المنطقة الخضراء وإغلاق الدوائر الحكومية ومقر المفوضية والاعتصام أمام مكتب رئيس الوزراء.

وأمس، نددت الكتلة الصدرية صاحبة أعلى عدد من المقاعد، بالتهديد” ووصفته بأنه محاولة للضغط السياسي، فيما عزت ردة فعل المعتصمين إلى “مرارة الخسارة” التي حدثت بسبب رفض الشعب لهم.

وشدد الاتحاد الأوروبي، على أنه يضم صوته إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في استنكاره للتهديدات الأخيرة بالعنف ضد أفراد بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وآخرون من الذين تعرضوا للتهديدات، وذلك بعد اتهامهم بالتزوير بعد نشر النتائج الأولية للانتخابات في العراق في وقت سابق من هذا الشهر.

وأصدر مجلس الأمن الدولي، أول أمس الجمعة، بياناً بشأن نجاح الانتخابات المبكرة في العراق، هنأ فيه الشعب العراقي والحكومة العراقية بمناسبة الانتخابات.

ورحب أعضاء المجلس بالتقارير الأولية التي تفيد بأن الانتخابات المبكرة “سارت على نحو سلس وتميزت عن جميع الانتخابات التي سبقتها بإصلاحات فنية وإجرائية مهمة”.

وذكر الاتحاد الأوروبي في بيان على موقعه الرسمي أن “مثل هذه المظاهر العنيفة لا مكان لها في الديمقراطية”.

ودعا الاتحاد الأوروبي لمعالجة أي استئناف أو شكوى متعلقة بالانتخابات من خلال الإجراءات القانونية القائمة، “من الأهمية أن تستخدم جميع الأطراف والأحزاب الوسائل القانونية لمعالجة أي شكاوى قد تكون لديهم بشأن نتيجة الاقتراع”.

استغراب وتساؤلات

وعبر تحالف الفتح عن دهشته من بيان مجلس الأمن الدولي الذي هنأ بنجاح الانتخابات قبل أن تحسم الطعون القانونية.

وقال الفتح في بيان، “فوجئنا ببيان مجلس الأمن (..) على الرغم من الاعتراضات الكثيرة من غالبية القوى السياسية والمرشحين”.

وأضاف أن هذا الأمر “يخرج المنظمة الدولية وبعثتها من الحيادية ويثير التساؤلات حول دورها فيما جرى ويجرى”.

وشدد تحالف الفتح على أن الاستجابة لمطالب إعادة العد والفرز اليدوي لجميع المحطات “حق لن نتنازل عنه أبداً”، فيما رفض أي “تدخل خارجي في كل ما يتعلق بالانتخابات”.

واعتبر زعيم تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم، في بيان أمس السبت، أن “الجميع خاسر إذا ما ذهبت الأمور إلى الانسداد السياسي”.

وقال الحكيم خلال استقباله وزير الخارجية فؤاد حسين، إن المفوضية والسلطة القضائية “تتحمل مسؤولية النظر بجدية للطعون والشكاوى المقدمة من المرشحين والقوى السياسية، لإعطاء صورة ناصعة عن الديمقراطية في العراق”.

وشدد على “ضرورة اتباع الطرق القانونية والسلمية من قبل الجميع في المطالبة بحقوقهم”.

وهاجم الأمين العام لعصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، السبت، بيان مجلس الأمن الدولي بخصوص الانتخابات العراقية.

ودعا المؤسسات الدولية إلى “اتباع الحيادية والمهنية في متابعة الملف العراقي، ومراعاة قوانين وسيادة البلاد”.

إعداد: حسن حاجي ـ تحرير: معاذ الحمد