السويداء ـ نورث برس
يتخوف سياسيون ونشطاء وسكان في السويداء جنوبي سوريا، من احتمال مواجهات دامية قد تشهدها السويداء خاصة بعد ما آلت إليه الأوضاع في درعا على اعتبار وجود قرى مشتركة بين الجانبين إضافة للعلاقات القائمة سواءً التجارية أو الاجتماعية القائمة بين السهل والجبل.
ومنذ أشهر تشهد السويداء توترات أمنية كبيرة محركها الأساسي الأمن العسكري الحكومي عبر أذرعه المأجورة من العصابات المسلحة، بهدف جر السكان الدروز لاقتتال داخلي لإعادة السيطرة على الجنوب السوري كما قبل 2011، بحسب سياسيين ونشطاء.
وانعكست الأحداث الأخيرة التي جرت في مناطق في درعا على المحافظة بأكملها وانعكاس ذلك على ريفها الشرقي المحاذي لريف السويداء الغربي.
“مستنقع دم”
ويقول إبراهيم العاقل (٧٠ عاماً) وهو كاتب وناشط سياسي يعيش في مدينة السويداء لنورث برس، إن السويداء “على حافة مستنقع من الدم”.
وأعرب عن اعتقاده في وجود خطة “خبيثة” يتم تدبيرها “لزج مجتمع السويداء في هذا المستنقع بأيدي أبناءه، والمحرك هو الأجهزة الأمنية الحكومية المسؤولة عن كافة عمليات الفوضى في المحافظة”.
وتساءل “العاقل”: “ألا تستطيع الأجهزة الأمنية التخلص من الفوضى دون زج جماعات مسلحة محايدة من سكان السويداء، كرجال الكرامة، في معركة مواجهة ضد عصابات هي مسؤولة عن تسليحهم والتغطية عليهم في عمليات خطف وتهريب وفوضى”.
ويتخوف الناشط السياسي من إشراك جماعات مسلحة من خارج السويداء بهدف “خلق حالة قتال دامية في المحافظة”.
وجاء التخوف في السويداء، على خلفية الأحداث التي دارت في محافظة درعا بعد ما يقارب الثلاثة أشهر من الحصار الذي فرضته القوات الحكومية على مناطق في المحافظة.
وعلى طول الخط الحدودي والإداري الفاصل بين السويداء ودرعا تتوزع نقاط عسكرية تابعة للقوات الحكومية وسط حركة نشطة لفصائل تتبع لحزب الله اللبناني.
وتعرضت درعا لحصار خانق فرضته عليها فصائل موالية لإيران وقوات تابعة للحكومة السورية لأكثر من شهرين، وأخيراً تم الاتفاق بين أطراف الصراع برعاية روسية على وقف إطلاق النار ودخول القوات الحكومية الأحياء المحاصرة.
“انعكاس ملحوظ”
يقول سالم الزين (٤٥ عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان بلدة القريا ريف السويداء الجنوبي الغربي، إن التوترات العسكرية والأمنية الحاصلة في درعا خلال الأيام الماضية قد انعكست بشكل ملحوظ على تلك المزارع الغربية للبلدة.
وتقع بلدة القريا في ريف السويداء الجنوبي الغربي المحاذي لحدود درعا الإدارية الشرقية من ناحية بصرى الشام.
وشهدت القرية خلال الفترة الماضية تحركات لدوريات أحمد العودة قائد اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس المدعوم من روسيا، على طول الساتر الترابي مترافقة مع تواجد عناصر لفصائل تتبع لحزب الله والدفاع الوطني في الجهة المقابلة من الأراضي الإدارية التابعة للبلدة.
كما عملت الفصائل على زيادة عدد نقاط المراقبة والدشم العسكرية المزروعة من قبل حزب الله في بلدة القريا (الجهة الغربية منها).
وأشار “الزين” إلى أن الفصائل والفرقة الخامسة عشر التابعة للقوات الحكومية قد عززت تواجدها بشكل ملحوظ ليس فقط في القريا بل على طول الريف الغربي للسويداء وخاصة في ظل الأوضاع العسكرية التي تشهدها درعا.
وأضاف: “جميع الفصائل المحلية في السويداء والتي تعمل تحت جناح الأمن الحكومي كانت تؤازر القوات الحكومية والفصائل في كثافة تواجد عناصرها في ريف السويداء الغربي وسط استياء سكاني رافض لهذا التواجد”.
مخطط مبهم
وقال مروان دوارة (٦٥ عاماً) وهو مدرس علوم متقاعد يعيش في بلدة عريقة في ريف السويداء الغربي لنورث برس إنه يوجد إحساس “خفي” لدى الكثيرين من دروز الريف الغربي من السويداء بأن ما يحدث في درعا البلد والأرياف الغربية منها “كان لتحريك الأمور من قبل المجتمع الدولي لتنفيذ مخطط غير واضح المعالم”.
وأضاف: “حالياً لا يوجد أي تواصل جديد مع درعا باستثناء تجارة المخدرات عبر التهريب وطرقه الخاصة بين ريف السويداء الغربي وريف درعا الشرقي وبالاتجاهين.”
وفي الآونة الأخيرة شهدت شوارع وساحات السويداء انتشاراً لمظاهر مسلحة، وقال مهيب رجب (٥٥ عاماً) وهو اسم مستعار لناشط سياسي يعيش في مدينة السويداء، إن هذه المظاهر “بتدبير وتحريك من قبل الأجهزة الأمنية المسؤولة عن كافة عمليات الفوضى والقتل والتهريب بأنواعه”.
وأضاف: “الهدف هو إشغال حركة رجال الكرامة، والتي هي واحدة من أقوى الفصائل المسلحة إلى حد ما ولو بأسلحة خفيفة ومتوسطة وتتمتع باستقلالية عن السلطة، ببعض عصابات تابعة للأخيرة”.
وأشار إلى أن الحركة تجنبت سفك الدماء من قبل من يخططون لذلك رغم تعرض رجالها في الأحداث الأخيرة بمحيط بلدة (عتيل) في ريف السويداء الشمالي لعملية إطلاق نار من قبل إحدى الفصائل المرتبطة بأجهزة الأمن (مجموعة راجي فلحوط) والهدف من ذلك “بدء مسلسل الدم داخل السويداء”.