تربية الابل مهنة جديدة أحضرها نازحون لإدلب

إدلب- نورث برس

عاد سليم العبود (39 عاماً) إلى مهنته الأساسية في تربية الإبل بعد نزوحه من الغوطة الشرقية بدمشق إلى إدلب شمال غربي سوريا، بعد أن لم يجد عملاً يتقنه مثل مهنته القديمة.

وتعتبر تربية الإبل مهنة جديدة في إدلب، انتقلت إليها خلال السنوات الماضية مع وصول مربين بين النازحين من مناطق سورية مختلفة أبرزها حماة وحمص وريف دمشق.

ورغم الصعوبات التي تواجه عملهم والمناخ غير الملائم لتربيتها، يحافظ مربو جِمال في إدلب عليها وسط افتتاح عدد  من المحال التي تبيع لحومها.

ويقول النازح إنه لم يستطع بعد النزوح العثور على فرصة عمل يعيل بها أسرته المكونة من تسعة أفراد، فعاد إلى مهنته القديمة التي “أتقنها جيداً منذ عشرات السنين.”

ويضيف: “نقلت معي هذه المهنة إلى الشمال السوري، باعتبارها سبيل العيش الوحيد بالنسبة لي، ورثتها عن آبائي وأجدادي، ولا يمكنني الاستغناء عنها.”

وتركزت تربية الإبل في سوريا قبل الحرب في مناطق متعددة، أبرزها هضبة “الحماد” بالقرب من التنف والبوكمال في دير الزور لأن هذه المناطق صحراوية تلائم الإبل، إضافة إلى مناطق في ريف حماة ودرعا وغوطة دمشق الشرقية، وتعتبر تربيتها أحد جوانب التراث الاقتصادي لسكان البادية السورية.

وكانت للإبل أسواق عديدة في سوريا لتجارتها مثل أسواق دوما وحماة والمناطق الشرقية، إلا أن معظمها اختفت أو تراجع العمل فيها مع بدء الحرب السورية بعد احتجاجات العام 2011.

وتناقصت أعداد الإبل في سوريا بعد الحرب إلى النصف بعدما كانت تتجاوز 50 ألف رأس، بحسب تقارير محلية.

صعوبات

لكن “العبود” وغيره من مربي الإبل يواجهون صعوبات تتمثل في غياب الأمان وعدم وجود أسواق خاصة لتجارتها وتسويق منتجاتها وقلة المراعي في ظل جفاف الأراضي وصعوبة تأمين الأعلاف وارتفاع أسعارها.

إضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوية واللقاحات وتفضيل معظم السكان شراء لحوم الأغنام والدجاج على لحوم الإبل، ما عدا الجهد اللازم لمراقبة حالتها الصحية بشكل يومي.


ويشير “العبود” إلى أن المربين سابقاً كانوا يرعون قطعان الإبل في البادية السورية والمناطق الصحراوية التي تعتبر بيئة مناسبة لتربيتها لوجود النباتات الصحراوية التي تشكل غذاء متكاملاً لها، دون الحاجة لشراء الأعلاف إلا ما ندر.

ولكن بعد الانتقال إلى إدلب، بات شراء الأعلاف “ضرورياً، “وهو ما يزيد من التكاليف ويقلل نسبة الربح”، بحسب مربين.  

ويختلف غرض تربية الإبل في إدلب من شخص لآخر، حيث يقوم البعض بتربيتها كمصدر للحوم، ويفضل آخرون الاستفادة من حليب النوق، بينما يربيها آخرون لبيعها في موسم الأضاحي.

ويقول مربون إن  وجود أي عيبٍ في الحيوان يشكل صعوبة لبيعه كأضحية ويحرم صاحبه من السعر الجيد، لذلك يحرص المربي على ضمان صحة الإبل التي تربى للبيع كأضحية.

وتنتشر في إدلب محال خاصة ببيع لحوم الإبل، وتتباين آراء سكان بين مقبل على شرائها نظراً لانخفاض سعرها مقارنة مع اللحوم الأخرى، ومحجم عنه لعدم تفضيل طعمها المالح وعدم مناسبتها لجميع المأكولات.

“إقبال مقبول” 

وبحسب مربين، تتراوح أسعار الإبل ما بين 500 و1000 دولار أميركي، وذلك بحسب نوعها ولونها وسلالتها.

فيما يباغ سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الإبل بـ 40  ليرة تركية (ما يعادل نحو 160 ألف ليرة سورية)، بينما يصل سعر الكيلوغرام من لحم الغنم إلى 70 ليرة تركية.

ويقول خالد البوشي (29 عاماً)، وهو نازح من ريف حماة إلى إدلب وصاحب محل تجاري لبيع لحوم الإبل، إن الإقبال على

شراء لحوم الإبل “مقبول”.

ويشتري فريد السرميني ( 45عاماً)، وهو نازح من مدينة معرة النعمان إلى مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي، لأسرته كمية من لحم الإبل بين الحين والآخر.

ويقول إنه وجد سعر لحمها “مقبولاً”، بعد تردده أول مرة في شرائه لأنه حديث الانتشار في المنطقة.

ويضيف: “وجدت أنه يتميز بقلة نسبة الدهون، على عكس اللحوم الحمراء الأخرى الغنية بالدهون”.

ويرى يوسف البلان (30 عاماً)، وهو خبير تغذية في إدلب، إن لحوم الإبل تساعد على الوقاية من الإصابة ببعض الأمراض، لأنه يحتوي على نسبة عالية من المضادات الطبيعيّة للأكسدة وعلى الأحماض الأمينية والدهنية غير المشبعة.

 كما أنه يساعد على معالجة فقر الدم بفضل احتوائه على نسبة مرتفعة من عنصر الحديد، فضلاً عن دوره في تقوية الجهاز المناعي والعصبي، بحسب “البلان”.

ويساعد لحم الإبل وبحسب خبير التغذية على النمو السليم للجسم، “لاحتوائه على نسبة عالية من البروتينات الأساسية، أما حليب الإبل، فيتفوق على كافة أنواع الحليب في كميات الحديد والزنك والنحاس”.

إعداد: حلا الشيخ أحمد- تحرير: سوزدار محمد