تقرير لجنة أممية بشأن سوريا: القتال يتصاعد والمحن تتفاقم في أرجاء البلاد

القامشلي- نورث برس

قالت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، في تقرير صدر الثلاثاء، إن تصاعد العنف والقتال يؤدي إلى تفاقم المحن في سوريا، ما يجعلها غير آمنة لعودة اللاجئين مع استمرار أطراف النزاع بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاك حقوق الإنسان الأساسية للسوريين.

ووصف رئيس اللجنة باولو بينيرو، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، سوريا بعد عشر سنوات من الحرب ومع دخول الرئيس بشار الأسد فترة ولايته الرابعة بـ” البلد الذي مزقته الحرب”.

وشهدت الأشهر الأخيرة تزايداً في القتال والعنف في مناطق الشمال الغربي والشمال الشرقي والجنوب في البلاد، كما جاء في التقرير الذي يغطي الفترة من مطلع تموز/يوليو 2020 إلى نهاية حزيران/يونيو 2021.

وقالت المفوضة في اللجنة كارين كونينج أبو زيد: “ولا يعتبر هذا الوقت المناسب كي يظن أحد أن سوريا بلد صالح لعودة اللاجئين”.

وتقرير اليوم هو الرابع والعشرون الذي أصدرته لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا المكلفة منذ آذار/مارس 2011 من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمباشرة التحقيق وتوثيق كافة انتهاكات القانون الدولي داخل سوريا.

اقتصاد متدهور وأنهار جافة

وقال التقرير إن “الأسد” يسيطر على حوالي 70٪ من الأراضي و40٪ من عدد السكان قبل اندلاع الحرب، ولا توجد تحركات لتوحيد البلاد أو السعي لتحقيق المصالحة. بل على العكس من ذلك، تتواصل بلا هوادة حوادث الاعتقال التعسفي والانفرادي من قبل القوات الحكومية.

“فقد واصلت اللجنة توثيق ليس فقط التعذيب والعنف الجنسي أثناء الاحتجاز، ولكن أيضاً حالات الوفاة أثناء الاحتجاز والاختفاء القسري”.

ولفت التقرير إلى “التدهور السريع” في الاقتصاد السوري، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الخبز وتزايد ملحوظ في انعدام الأمن الغذائي بنسبة تزيد عن 50 في المائة مقارنة بالعام الماضي، “ويبدو الوضع العام في سوريا قاتماً بشكل متزايد”.

وقال إن مجاري الأنهار الشهيرة في بلاد ما بين النهرين “في أكثر حالاتها جفافاً منذ عقود”.

وصحياً، يبدو أنه لا يمكن إيقاف انتقال فيروس كورونا المستجد في المجتمع المحلي بسبب نظام الرعاية الصحية الذي أهلكته الحرب ونقص الأكسجين واللقاحات، بحسب التقرير.

تصعيد في مناطق المعارضة

وقالت لجنة التحقيق الأممية إن الأعمال العدائية عادت لشمال غربي سوريا، بعد توقفها لفترة نتيجة اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في آذار/مارس 2020 بين الاتحاد الروسي وتركيا، “وتعرضت مرافق طبية مثل مستشفى الأتارب، والأسواق والمناطق السكنية، للقصف ضمن هجمات جوية وبرية، غالباً ما كانت عشوائية ما تسبب بسقوط ضحايا مدنيين.

وفي غضون ذلك، واصلت هيئة تحرير الشام، التي تصنفها الأمم المتحدة بأنها إرهابية، فرض قيود على وسائل الإعلام وحرية التعبير في منطقة سيطرتها شمال غرب البلاد، بما في ذلك عن طريق الاحتجاز التعسفي للنشطاء الإعلاميين والصحفيين، بمن فيهم النساء.

وفي منطقتي عفرين وسري كانيه (رأس العين)، قال التقرير إن السكان المدنيين يعيشون في خوف من العبوات الناسفة المحمولة على السيارات والتي يتم تفجيرها بشكل متكرر في مناطق مدنية مزدحمة، فتودي بحياة الكثيرين.

ووثقت اللجنة مقتل وتشويه ما لا يقل عن 243 امرأة ورجلاً وطفلاً في سبع هجمات من هذا القبيل، “لكن مجموع الخسائر في صفوف المدنيين أعلى بكثير”.

ولم يتطرق التقرير لانتهاكات تركيا والفصائل الموالية لها، رغم اعتبار أنها قد ترقى لجرائم حرب في تقرير سابق للجنة.

قتال في الجنوب

وعن القتال في درعا، قال معدو التقرير إنهم لم يروا مثله منذ الاتفاق الذي تم بوساطة روسية عام 2018 بين الحكومة السورية وجماعات المعارضة المسلحة.

وأضافوا أن الحصار والقصف المدفعي للقوات الموالية للحكومة مع الحصار تركا عشرات الآلاف من المدنيين محاصرين في الداخل دون الحصول على ما يكفي من الطعام أو الرعاية الصحية، ما أجبر الآلاف من الرجال والنساء والأطفال على الفرار.

وقال المفوض هاني مجلي: “شهدت الأشهر الماضية عودة الحصار والتكتيكات الشبيهة بالحصار في محافظات درعا والقنيطرة وريف دمشق على نحو صادم. فبعد ثلاث سنوات من المعاناة التي وثقتها الهيئة في الغوطة الشرقية، بدأت مأساة أخرى تتكشف أمام أعيننا في درعا البلد.”

ولم يذكر التقرير أي شيء عن دخول القوات الحكومية، الأربعاء الماضي، إلى الأحياء المحاصرة بعد حصار دام أكثر من شهرين، وذلك بعد اتفاق عقد بين طرفي الصراع برعاية روسية.

مناطق قوات سوريا الديمقراطية

وقال تقرير اللجنة إن الوضع الأمني تدهور في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية مع “ازدياد هجمات فلول داعش والصراعات مع القوات التركية”.

وأضاف أن أكثر من عشرة آلاف من مقاتلي داعش السابقين المشتبه بهم موجودون في سجون منتشرة في شرقي سوريا منذ العام 2019 على الأقل، “ومن بينهم حوالي 750 فتى محتجزين في ما لا يقل عن عشرة سجون”.

ووصف التقرير الآلاف من نساء وأطفال عائلات في مخيمات شمال شرقي سوريا بالمحتجزين “بشكل غير قانوني”.

لكنه عاد وقال إن “معظم الأطفال الأجانب محرومون من حريتهم، لأن بلدانهم الأصلية ترفض إعادتهم إلى أوطانهم”.

واعتبر رئيس اللجنة باولو بينيرو أنه “لا يمكن تبرير معاقبة الأبناء على خطايا آبائهم”.

وبحسب اللجنة، يضم مخيم الهول ومخيمات أخرى بالقرب من الحدود العراقية في شمال شرقي سوريا 40 ألف طفل، حوالي نصفهم من العراقيين، بينما يعود أصل 7800 طفل إلى حوالي 60 دولة أخرى.

بينما “تم تسريح ما يقارب خمسة آلاف طفل سوري من المخيمات إلى مجتمعات في الشمال الشرقي بموجب ما يسمى باتفاقيات الرعاية العشائرية منذ منتصف العام 2019، كما تم إطلاق سراح حوالي 1000 طفل أجنبي وإعادتهم إلى ديارهم”.

ومن المقرر أن ترفع اللجنة تقريرها أمام مجلس حقوق الإنسان يوم الخميس الثالث والعشرين من أيلول/سبتمبر الحالي.

تحرير: حكيم أحمد