الرقة – نورث برس
عدة أسباب تدفع محمد العزيز (39 عاماً)، وهو من سكان مدينة البوكمال ونازح في مدينة الرقة، شمالي سوريا، لعدم العودة إلى منطقته، أبرزها استيلاء الفصائل الموالية لإيران هناك على المنازل ونشر التشيع من خلال استغلال الظروف المعيشية المتدهورة للسكان.
يقول إن وجود الفصائل الإيرانية في البوكمال ليس مرحّباً به نتيجة الممارسات والتجاوزات التي يتبعها عناصرها مع سكان المدينة.
ومنذ مطلع تشرين الثاني عام 2017، سيطرت القوات الحكومية مع الفصائل الموالية لإيران مدينتي البوكمال والميادين في ريف دير الزور الشرقي بعد معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بدعم روسي.
وتمكنت إيران من خلال مشاركتها في المعارك من توسيع نفوذها على الجبهات الشرقية لسوريا، وتحديدا في مدينة البوكمال على الحدود مع العراق.
تغيير ديموغرافي وتشيع
ويقول “العزيز” إن الفصائل الإيرانية تسعى جاهدة إلى الاستيلاء على المدينة، إذ استولى مسلحوها على ممتلكات نازحين، بالإضافة لشراء منازل أخرى بأسعار تراوحت بين 10 آلاف و15 ألف دولار أميركي، بحسب المساحة والموقع.
ويضيف أن فصيل “لواء فاطميون” استولى على منزله بعد نزوحه إلى مناطق الإدارة الذاتية، وذلك بمساعدة سماسرة ومصادر مقربة منهم من سكان المنطقة.
وتسعى طهران باتباع سياسة تغيير ديمغرافي في عدة مناطق سورية، من بينها محيط دمشق ومدينة البوكمال، بحسب تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبحسب نازحين وصلوا مؤخراً إلى مدينة الرقة، فقد زاد اهتمام إيران بالعقارات السورية إلى مستويات غير مسبوقة في الأشهر الماضية.
وأشار “العزيز” إلى أن مقار الفصائل الإيرانية تتوزع ضمن المدينة، حيث “توجد مراكز لهم في كل حي، تكون مشتركة أحياناً مع القوات الحكومية ويمنع دخول السكان إليها”.
وتجري الجهات الحكومية في البوكمال إحصاءات تُرفع على شكل تقرير شهري إلى مديرية الإدارة المحلية في دير الزور، ويتضمن التقرير أعداد المنازل والمحال وتواريخ الاستيلاء عليها، بحسب نازحين حديثاً من المدينة.
بحث عن حاضنة شعبية
ويقول صالح الحسين (45 عاماً)، وهو نازح من البوكمال في مدينة الرقة إن الفصائل الإيرانية تستخدم أساليب أخرى للتضييق على السكان، أبرزها التجنيد ونشر التشيع.
وتجذب الفصائل الإيرانية الشبان من خلال إغرائهم بمكافآت مالية ورواتب عالية وتأمين الحماية من الاعتداء على ممتلكات الموالين لها، وفقاً لـ “الحسين”.
وتتواجد المراكز الخاصة بالتشيع والانتساب في منازل مدنيين مستولى عليها، بينما توجد أربع مراكز لتعليم اللغة الفارسية بالقرب من الحديقة العامة وحي الزهراء والجمعيات والهجانة في مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، بحسب سكان.
ويحدث هذا وسط التدهور المعيشي الذي تقوم الفصائل باستغلاله، حيث يتم إجراء نشاطات خاصة للأطفال وتقديم مكافآت، لكسب السكان كحاضنة شعبية.
وأشار “الحسين” إلى أن الفصائل لا ترفض قبول من كانوا مصنفين لديها كإرهابيين أو مجرمين، “فبمجرد انتسابه للفصيل الإيراني يصبح ذو حماية من كافة الجهات الأمنية الأخرى”.
وتضم الفصائل الإيرانية، منذ العام 2015، إلى جانب العناصر المحليين عراقيين ولبنانيين وأفغان وباكستانيين شيعة.
وقال عبد الناصر حمي، وهو عضو مكتب شؤون النازحين والمخيمات في مجلس الرقة المدني، إن مدينة الرقة استقبلت نازحين من كافة المدن السورية، “وخصوصاً من البوكمال التي شهدت نزوح مئات العائلات بسبب وجود الميلشيات الإيرانية والسياسات التي تتبعها”.
وأضاف أن غالبية العائلات القادمة من البوكمال نزحت بسبب سياسات الحكومة والفصائل الإيرانية، بالإضافة للظروف المعيشية الصعبة.