خسائر سابقة تدفع مزارعين في ريف دير الزور للتوقف عن زراعة أراضيهم
دير الزور- نورث برس
لم يزرع عبدالله المرعي وشقيقه عمر قطعة الأرض التي يمتلكانها بريف دير الزور الشرقي، في الجزء الخاضع لسيطرة الحكومة السورية، خلال موسم الصيف الحالي، وذلك بسبب غياب الخدمات وخسائر قطاع الزراعة.
ودفع تردي خدمات الري وعدم تمكن الشقيقين ومزارعين كثيرين في المنطقة من تأمين مستلزمات الزراعة لعزوفهم عن زراعة أراضيهم هذا الموسم.
يقول عبدالله إنه ترك الزراعة “بشكل كامل إلى حين تحسن الواقع الزراعي في ريف دير الزور.”
وسيقوم الشقيان بتأجير أرضهما في حال العثور على مستأجر، بينما اختارا التوجه إلى العمل في محال تجارية بريف دير الزور الشرقي.
وطوال عقد من الحرب في سوريا، شهد القطاع الزراعي في ريف دير الزور تراجعاً كبيراً في ظل غياب الاهتمام من وزارة الزراعة والمؤسسات التابعة لها.
وتنتشر آلاف الهكتارات الصالحة للزراعة في ريف دير الزور، وتتربع أكثر الأراضي خصوبة على ضفتي نهر الفرات، وتتوزع بين مناطق تسيطر عليها حكومة دمشق وأخرى تديرها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
ويتقدم محاصيل دير الزور الزراعية القمح بالإضافة للشعير والقطن والشوندر السكري والذرة الصفراء والخضروات وغيرها.
وقال أمير الخلف، وهو مزارع من بلدة الشولا في ريف دير الزور الغربي، إنه لن يتمكن من زارعة أرضه البالغ مساحتها 70 دونماً بالمحاصيل، حتى لو توفرت لديه الرغبة في ذلك.
“ذلك بسبب عدم توفر الأسمدة ومستلزمات الزراعة بالجودة المطلوبة وارتفاع تكاليفها إن وجدت.”
ويفضل المزارع أن يتوجه إلى زراعة الأشجار المثمرة بدل محاصيل القمح والقطن والذرة والشوندر السكري، “بسبب تكاليفها الباهظة وتدني مردودها رغم أنها محاصيل استراتيجية في المنطقة.”
أسعار منخفضة وتكاليف مرتفعة
ويقول “الخلف” ومزارعون آخرون في أرياف دير الزور إنهم تكبدوا تكاليف مرتفعة لزراعة القمح خلال الموسم الماضي، وإنهم تعرضوا لخسائر بسبب التسعيرة القمح الحكومية “المنخفضة مقارنة مع التكاليف.”
وهذا العام، حددت الحكومة السورية سعر شراء محصول القمح للعام الحالي بـ 900 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد.
وكان شح الأمطار في الشتاء الماضي قد زاد في تكاليف الري لمحصول القمح، بحسب مزارعين.
ذلك في ظل تدني قيمة الليرة السورية التي يباع بها الإنتاج، وغلاء المحروقات وأسعار مستلزمات الزراعة كالأسمدة والمبيدات التي تشترى وفق قيمة الدولار الأميركي.
وقال عثمان الشيخ، وهو مزارع في ريف البوكمال شرق دير الزور، إن “نصف قنوات الري التي تغذي الأراضي الزراعية خرجت عن الخدمة لعدم صيانتها من قبل مديرية الزراعة الحكومية.”
وأضاف أنه لا يملك تكاليف حفر بئر في أرضه لسقايتها “لأن تكلفة حفر المتر الواحد للبئر يصل إلى أكثر من 50 ألف ليرة سورية” بحسب “الشيخ”.
ونهاية العام 2017، استعادت القوات الحكومية والفصائل الموالية لها بدعم من القوات الروسية السيطرة على منطقة البوكمال شرق دير الزور .
وكان اتحاد الفلاحين بمدينة دير الزور التابع للحكومة السورية، قد أعاد تفعيل جمعيات زراعية ضمن المدينة وريفها.
لكن مزارعين في المنطقة قالوا إن الحكومة لم توفر أي خدمات زراعية منذ ذلك الوقت.
شكاوى مستمرة وعجز حكومي
ويرجع مزارعون سبب خسارتهم في محصول القمح هذا العام إلى عدم توفر الوقود اللازم للري وارتفاع أسعاره، إلى جانب غلاء أجور الحصاد واليد العاملة.
وقال أحد المزارعين في ريف البوكمال إنهم تقدموا بعدة شكاوى للوحدات الإرشادية الزراعية في البلدات، ومديرية الزراعة في دير الزور المدينة، “لكن اقتصرت الردود على الوعود في أحسن الأحوال.”
وقال مهيار الحسبات، وهو موظف في الإرشادية الزراعية ببلدة التبني، لنورث برس، إنهم تلقوا “العديد من الشكاوى من قبل المزارعين فيما يخص تدني جودة الأسمدة وأسعار استلام الحنطة خلال الموسم بالإضافة إلى نقص المحروقات.”
وأضاف أن “الوحدات الزراعية قامت بالتوجه نحو مديرية الزراعة للوقوف على مطالب المزارعين، وجاءت وعود بتلبيتها بشكل تدريجي خلال الموسم القادم.”
أما بخصوص الأسمدة والمبيدات، فقال الموظف إنه “جرى توزيعها على كامل المزارعين في عموم سوريا بالجودة ذاتها.”
وعلل شكاوى المزارعين من الأمر بـ “تخوفهم من كونها قديمة ومخزنة.”