عشرات القرى وأحياء في الرقة بلا مياه شرب منذ أشهر
الرقة – نورث برس
يبدو حال ذهيبة العيسى (40 عاماً)، وهي من سكان مزرعة تشرين، 30 كم شمال مدينة الرقة، شمالي سوريا، أسوأ من غيرها، إذ أن مياه الشرب لم تصل إلى حيها منذ خمسة أشهر وتشتري خزان مياه الشرب (سعة خمسة براميل) بخمسة آلاف ليرة سورية.
وغالباً ما تكون المياه راكدة وملوثة وغير صالحة للشرب، “لذلك أضطر لشراء المياه المعدنية لطفلي المريض.”
وتتفاقم معاناة سكان قرى بريف مدينة الرقة الشمالي جراء انقطاع مياه الشرب منذ عدة أشهر، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وازدياد كميات الاستهلاك.
وتعد أكثر المناطق تضررا من انقطاع وقلة مياه الشرب، الأحياء الشمالية من المدينة وقرى في ريفها الشمالي، حيث يشتري سكان قرابة 30 قرية، المياه من الصهاريج الجوال ويصل سعر خمسة براميل لأكثر من 3.500 ليرة سورية.
ويعود سبب الانقطاع، بحسب مكتب المياه التابع للجنة الإدارة المحلية والبلديات في مجلس الرقة المدني، إلى اهتراء تمديدات شبكة المياه، إذ أنها قديمة وغير مهيأة لتغطية التوسع السكاني الذي شهدته المناطق خلال السنوات الأخيرة.
بالإضافة إلى زيادة ساعات تقنين الكهرباء النظامية، إذ أن معظم محطات المياه في الرقة تعمل فقط خلال ساعات وصل الكهرباء وهو ما يؤثر على كمية ضخ المياه إلى المنازل.
وقالت السيدة الأربعينية إن انقطاع مياه الشرب وغلاء ثمنها انعكس على حياة عائلتها من كافة النواحي وخاصة فيما يتعلق بالنظافة الشخصية، حيث أنها أصبحت مقيدة ببرنامج أسبوعي.
وأضافـت: ” لا أستطيع أن أحمم أطفالي إلا مرة في الأسبوع، الوضع يتفاقم أكثر ويزداد سوءاً.”
عقبات وظروف مفروضة
وتضم الرقة محطات ضخ رئيسة وفرعية لمياه الشرب كمحطة المسلخ ومحطة الكسرات اللتين تغذيان مدينة الرقة وريف الرقة الجنوبي، ومحطة القرميد ومحطة جروة اللتين تغذيان ريف الرقة الشرقي.
بالإضافة لمحطات تل السمن والزاهرة والكالطة والأسدية التي تغذي الريف الشمالي، بينما تغذي محطات أبو جدي والسلحبية وحاوي الهوى الريف الغربي من المدينة.
ومنذ شهر شباط / فبراير الماضي، قامت الحكومة التركية بتقليل تدفق مياه نهر الفرات تجاه الأراضي السورية التي يدخلها عند مدينة جرابلس بريف حلب الشمالي.
وتبلغ حصة سوريا من المياه القادمة من تركيا 500 متر مكعب في الثانية بحسب الاتفاقية الدولية الموقعة بين البلدين في العام 1987، بينما لا يتجاوز التدفق فعلياً الآن 200 متر مكعب، وهي أقل من نصف الكمية المتفق عليها.
وكباقي المناطق في شمال شرقي سوريا، انخفضت ساعات الكهرباء النظامية في الرقة، حيث تتراوح ما بين خمس إلى ست ساعات يومياً في المدينة والريف.
وازدادت تأثيرات انخفاض نهر الفرات في الرقة وريفها، بعد انخفاض قياسي في نسبة الوارد المائي الذي وصل بعض الأيام حتى ١٨١ م٣ بالثانية، بحسب إدارة الطاقة في الإدارة الذاتية.
ولاحظ سكان في الرقة ومناطق أخرى تعتمد على مياه نهر الفرات تغير لون المياه، وزيادة نسبة الشوائب التي تعكر صفاء مياه الشرب.
وعلى الرغم من إطلاق عدة تحذيرات رسمية وشعبية من مناطق شمال وشرق سوريا حول حجم الكارثة الصحية والبيئية التي تنتظر المنطقة، تستمر تركيا في حبس المياه.
مشروع قيد الدراسة
ويبلغ قطر خط شبكة المياه الواصلة إلى قرية مزرعة تشرين بريف الرقة الشمالي 350 مم “وهذا الخط بات قديماَ إذ أنه كان ممدداً منذ عشرين عاماً، ولا يغطي نصف حاجة القرية التي ازداد عدد سكانها أربعة أضعاف خلال السنوات الفائتة وفقاً لمكتب المياه.
ومنذ عشرة أعوام وحتى الآن، تشهد مزرعة تشرين، تزايداً سكانياً وعمرانياً وتجارياً رغم سنوات الحرب التي أثرت عكس ذلك على غالبية المناطق السورية.
وتعتبر من أكبر التجمعات السكنية بريف الرقة الشمالي بتعداد سكاني يتجاوز 25 ألف شخص، إذ كان تعدادها السكاني سبعة آلاف شخص قبل بدء الحرب في سوريا، بحسب بلدية القرية.
وبحسب حسين الجرجب، رئيس مكتب المياه في الرقة، فإن المخالفات واستخدام المياه لسقاية الخضراوات والبساتين المنزلية سبب آخر لعدم وصول المياه إلى تلك القرى.
وأشار “الجرجب” إلى أن مكتب المياه يعمل بالتنسيق مع بعض المنظمات العاملة في الرقة على وضع دراسات لمد شبكات مياه شرب جديدة للقرى والأحياء التي تعاني من انقطاع المياه.
وأضاف: “سوف يتم البدء بها بعد انتهاء الدراسة خلال الأشهر القليلة القادمة.”
وفي هذه الأثناء، تضطر فاطمة العويد (65 عاماً) وهي نازحة من منطقة الزيدي وتسكن في قرية رويان، 35كم شمال الرقة المدينة، لشراء عشرة براميل من المياه أسبوعياً بسعر سبعة آلاف ليرة سورية.
وقالت النازحة إن مياه الشرب لم تصل إلى القرية منذ شهرين.
وتسكن “العويد” مع عائلتها المكونة من عشرة أطفال أيتام تتولى رعايتهم بمفردها وسط أوضاع مادية متدهورة، لكن شراء خزاني مياه شرب في الأسبوع يضيف عبئاً آخر عليها.